حول هذا الموضوع نشرت فرانكفورتر ألغيماينة سايتونغ مقالاً جاء فيه:
في كل مرة يتحدث مسؤول أمريكي على تماس مباشرمع الوضع في العراق ,تبدأ ردود الأفعال من قبل المرشحين للرئاسة,ففي التاسع من نيسان,وخلافاً لاقتراح قائد القوات الأمريكية في العراق ديفيد بتريوس,أكد كل من هيلاري كلينتون وباراك أوباما-مرشحي الحزب الديمقراطي-على سحب القوات الأمريكية من العراق.
كلينتون قالت أثناء الاستماع إلى الجنرال في مجلس الشيوخ إن التمسك بسياسة لم تؤد إلى النتائج الموعودة يعني عدم المسؤولية.وشككت بتقرير بتريوس عن الوضع في العراق بقولها:(منذ خمس سنوات ونحن نسمع من الحكومة باستمرار أن الأمور في تحسن.ولكن في كل مرة يلقون بالفشل على القادة في العراق ( ولذلك طالبت السيدة كلينتون (بانسحاب منظم).
أما أوباما الذي يتقدم الآن على السيدة هيلاري في ترشيح الحزب الديمقراطي ,فقد قدم استراتيجيته المتعلقة بالعراق للكونغرس,وتكلم عن خطة انسحاب والدخول بمفاوضات في المنطقة تشمل إيران أيضاً.
وفي الوقت نفسه لايرى عراقاً مستقراً ,إذ قال:(أعتقد أن القرار الأساسي بالتورط في العراق كان خطيئة فادحة).واعتبر أن وجود (القاعدة) في العراق وتزايد النفوذ الإيراني فيه ماهو إلامن نتائج الغزو الأمريكي).
أما المرشح الجمهوري ماكين فقد أعلن تأييده للوجود الأمريكي في العراق.واعتبر أن (النصر أصبح في متناول اليد) واتهم منافسيه الديمقراطيين كلينتون وأوباما بأنهما :(لايفهمان الوضع في المنطقة) وأنهما لا يقدران نتائج الهزيمة في العراق.
أما الجنرال بتريوس فطالب بفترة (تمعن ) لمدة 45 يوماً بعد أن يتم سحب حوالي /30/ ألف جندي أمريكي من العراق,»ندرس خلالها الوضع ونقرر بناء على ذلك متى يمكننا سحب المزيد من القوات ).
وقال:»تقضي الخطة الحالية بسحب حوالى خمس فرق مقاتلة لينخفض عدد القوات الأمريكية في العراق من /185/ألفاً إلى /140/ألف جندي.لكنه لم يحدد موعداً نهائياً لإنهاء الوجود العسكري الأمريكي.
ازدواجية اتخاذ القرار
وفي مقال بقلم شتيفاني سوينوس (باحثة في مؤسسة الدراسات حول قضايا السلم والصراعات). نشرته صحيفة فرانكفورتر روندشاو جاء فيه:يبقى الدستورالأمريكي غير واضح بخصوص صلاحيات الكونغرس والرئيس في الكثير من قرار منها,قرار شن الحرب أو مايسمى »war powers) فالمادة الأولى -الفصل الثامن-أعطت الكونغرس حق إعلان الحرب.
أما المادة الثانية -الفصل الثاني-فنصت على تسمية الرئيس بالقائد الأعلى للقوات المسلحة.
ومنذ تأسيس الولايات المتحدة مازال كل من يسمى بالكونغريسيين والرئاسيين يتمسك بموقفه حول تفسيرعبارة war powers »القوات المحاربة) فالذين يمثلون موقف الكونغريسيين يصرون على أن الكونغرس هو المرجعية الوحيدة الأكثرتمثيلاً لإرادة الناخبين,التي يجب أن تكون صاحبة القرار المتعلقة بمسألة هامة كقضية الحرب والسلم وتحد من سلطة التنفيذيين الأكثرميلاً إلى استخدام العنف.ويعتمدون غالباً على القرارالمتعلق بwar powers المتخذ عام 1973 والذي يسمح بموجبه للرئيس باستخدام القوات المسلحة في الخارج لمدة لاتزيد عن تسعين يوماً.
أما الرئاسيون والرؤساء فيحاولون التركيز على سلطة الرئيس باعتباره قائداً على القوات المسلحة وصلاحياته في ظل نظام يقوم على الديمقراطية الرئاسية.
وهؤلاء يرون بأن الرئيس وحده هو الذي يحق له ليس فقط تقريرموعد بدء الحرب,بل أيضاً استراتيجيتها.
والكونغريسيون يركزون هناعلى صلاحيات الكونغرس في إمكانية حجب الميزانية أو ربط منحها بشروط محددة-أو مايسمى ب»قوة المال) power of the purse ومن ناحية أخرى يمكن للكونغرس بموجب مهمة المراقبة oversight, من خلال أعمال التنصت والتحقيقات والمشاورات,أن يمارس الرقابة على سياسة السلطة التنفيذية في المجالات الثلاثة (قوى الحرب-قوى المال-والرقابة).
تصرف الكونغرس الذي كان يسيطر عليه الجمهوريون خلال عجزه الوطني عقب الحادي عشر من أيلول عام 2001 تصرفاً سلبياً بشكل عام.وفي سياق »الحرب ضد الإرهاب) استطاع الرئيس أن يوسع من سلطته من خلال تفسيره للدستور.ولكن منذ عام2007 يحاول البرلمان الذي يسيطر عليه الديمقراطيون أن يعيد إحياء صلاحياته بمفهوم الكونغريسيين وأن ينهي الحرب .وكانت هذه المواجهة الحادة حول صلاحيات شن الحرب,بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ,قد بدأت منذ حرب فيتنام.
يؤكد الرئيس بوش دائماً على القول إنه باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة بإمكانه اتخاذ قرار الحرب وإنهائها أىضاً.بينما تقتصر مهمة الكونغرس على تخصيص الأموال اللازمة لها.ويؤكد بوش باستمرار أن الوضع على الأرض والقادة المتواجدين في العراق هم الذين يحددون استراتيجية الحرب,وليس الكونغرس الذي تسيره نتائج الاستفتاءات.
فبعد ازدياد العنف في العراق في العام 2006 أعلن الرئيس في كانون الثاني 2007 زيادة عدد القوات في العراق بمقدار /30/ ألف جندي أمريكي من أجل تحسين الوضع الأمني وبالتالي الاستقرار السياسي.وبذلك يتمسك بوش باستراتيجية حرب تقوم على المزيد من الوسائل العسكرية,ويتجاهل رأي الكثير من الخبراء والواقع أثبت أن رفع عدد القوات,ومايسمى باستراتيجية الإفراط,قد اصطدم بانتقاد كبير من قبل الشعب والكونغرس على السواء.
أكبر فشل في اللحظة الحاسمة
صحيفة »شتانرارد) النمساوية تحدثت في مقال لها حول العراق,جاء فيه:
موجات من السلب والنهب أعقبت إسقاط النظام العراقي السابق,لكن قوات الاحتلال الأمريكي لم تتخذ أي إجراء لمواجهة ذلك.وكانت تلك بداية التباعد بين الكثير من العراقيين و»محرريهم) الأمريكيين.
ثم تقول الصحيفة إن ملك الأردن قال للحاكم المدني الأمريكي آنذاك بول بريمر الذي بادر إلى حل الجيش العراقي :»إن تعداد الجيش العراقي يبلغ نصف مليون ,وكل من هؤلاء يعيل أسرة مؤلفة من حوالى عشرة أشخاص,وبالتالي فإن خمسة ملايين عراقي أصبحوا أعداء للأمريكيين بجرة قلم,لقد كان ذلك خطأ لايمكن إصلاحه). واعتبر المقال أن عدم إيقاف موجات السلب والنهب عقب سقوط بغداد كان الخطيئة الأصلية التي بنيت عليها كل الأخطاء الأخرى.ضابط رفيع في الجيش العراقي آنذاك صرح للصحيفة:»لقد طلبت من الأمريكيين راجياً إعلان حالة الطوارئ وحظر التجول لكن دون جدوى).
أخيراً اختتمت الصحيفة:ولكن لو سلمنا جدلاً أن هناك بعض المبالغة في القول بأن الجنود الأمريكيين قد شجعوا على أعمال النهب والتدمير,لكن من المؤكد أن الجيش الأمريكي لم يقم بواجبه في حفظ الأمن والنظام,كما تفرض عليه القوانين الدولية.وهناك مثل شائع في العراق يقول :ستون عاماً من الطغيان أفضل من يوم واحد من الفتنة.أما الشيء الأكيد والوحيد فهو أن الولايات المتحدة قد سجلت أكبر فشل في اللحظة الحاسمة.