وكانت هذه الشاعرة تنظم أشعارها وتغنيها على أنغام القيثارة LYRE في الساحات العامة وأمام المعابد, وخاصة معبد رب الأرباب (حدد)(1) وقد كتبت قصائدها المغناة باللغة الآرامية , ولكن النصوص الأصلية التي كتبتها فقدت ولم يبق منها إلا بعض المقاطع التي وردت في كتب مؤرخي الأدب الشرقي القديم.
وقد نشرت لها ترجمات حديثة باللغات الأوروبية المعاصرة وخاصة اللغة الفرنسية.
والطريف في الأمر أن الصحافي اللبناني اسكندر الرياشي المعروف باسم (الصحافي التائه) قد نشر ترجمة قصيدتين لها باللغة العربية, ولكنه وصف القصيدتين بأنهما( قصيدتان فرنسيتان قديمتان) دون أن ينتبه إلى أصلهما الشرقي وإلى اسم الشاعرة السورية التي أبدعتها(2) ,وهي (عشيرة الآرامية ASHIRA)
وجميع القصائد التي غنتها عشيرة هي من قصائد الحب, بل والحب المأساوي العنيف أحياناً, والسبب في ذلك حسبما يظهر, أنها وقعت في غرام شاب ماجن سلبها عفافها ثم تخلى عنها دون أن يبالي بمصيرها بعده.
وقد اخترنا فيما يلي ثلاث قصائد تبين إلى حد ما مراحل علاقتها بالشاب الذي أحبته: الأولى عندما كانا في أيام الوصل, والثانية في بداية هجره لها, والثالثة بعد أن تأكدت من أن حبيبها قد هجرها إلى غير رجعة.
القصيدة الأولى : عنوانها(صلاة UNE PRIERE)
وتقول عشيرة فيها:
(عندما أكون بين ذراعيك
أتمنى على الخالق أن أموت
إذ أين أجد ميتة
أعذب من هذه الميتة
ففي قبلة حرى من شفتيك
أصعّد أنفاسي الأخيرة
ثم أتلاشى
فأكون قد حملت إلى القبر
لذة يفنى جسدي
وتبقى هي على فمي
وليكن قبري في ذلك الحقل
ذي السنابل العالية
حيث تأتي العصافير فتنقر السنابل
ثم تزقزق وتسكر
من الأريج الذي يعبق
من عطر قبلتك
على فمي المشتعل)
القصيدة الثانية: عنوانها» المرأة الضائعة)
LAFEMME PERDUE , وتصور عشيرة حالتها بعد هجر حبيبها لها, فتقول:
»أيها السيد
فتشت عنك منذ الصباح
ولم أجدك!
هاإن الغسق داجٍ
والليل حالك
وفي فمك الشهد والعسل
وبين يديك السعادة والفردوس
وفي عينيك التائهين
كل السماوات)
القصيدة الثالثة : عنوانها»الخطيئة LA FAUTE)
وتقول فيها» عشيرة) ما ترجمته:
» إن قلبي البائس
يتقطر ألماً
عند ذكر ذلك الرجل
الذي بدلاً من أن يجعل مني
سيدة منزل كاملة, وزوجة محترمة
أجبرني على أن أصبح
امرأة خاطئة
بائسة منكودة الحظ).
الحواشي:
1- لاتزال بقايا معبد(حدد) تجثم عند مدخل الجامع الأموي بدمشق.
2- اسكندر الرياشي -أهل الغرام- بيروت- ج1 -ص59و.95