تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أليس قرار مكافحة الإرهاب هو الأهم في جنيف 2؟

الأحد 26-1-2014
سلوى خليل الأمين

رسموا المؤامرة على سورية بعقولهم السوداء ، فكتبوا سيناريو التفتيت والتقسيم، وفبركوا الأضاليل الإعلامية ، وأعدوا خطة الهجوم، ثم أعطوا الأوامر للمنفذين من حكام الأعاريب والأتراك من أجل ضخ المال والسلاح والعصابات الإرهابية إلى الأرض السورية تحت مسمى الثورة والتغيير.

بدأت الحرب المنظمة على سورية بضخ إعلامي مضلل، شعاراته الإصلاحات والديموقراطية والحرية وما إلى ذلك من تزوير للحقائق، بدأ بثها بشكل مكثف عبر شاشات فضائية جهزت لهذه الغاية، وفي طليعتها محطتا الجزيرة والعربية، والغاية الأولى شحن العقول الضعيفة بالأكاذيب المفبركة من أجل تجييش الرأي العام ضد الدولة السورية وأسسها الثابتة التي تحفظ كرامة المواطن في بلده.‏

ثلاث سنوات ولم يشبعوا من سفك دماء السوريين ، وأتحفونا بمؤتمرات الحل السياسي من جنيف 1 إلى جنيف2 ، وإذ بالمؤتمر الثاني الذي يعقد حاليا في مونترو في سويسرا، يعقد في ظل المصالح المرسومة والمتفق عليها سلفا، وأهمها عدم إصدار قرار بوقف القتال من المخططين والممولين، خصوصا بعد أن أصبحت الجبهة العسكرية جبهات متنقلة، تخوضها مجموعات مسلحة مختلفة في الأهداف والمعاني والتسميات بلغ عددها أكثر من مئتي مجموعة، تجابه بعضها البعض على الأرض السورية، وأيضا في التوجهات التكفيرية اللعينة التي لايحكمها شرع ولا دين إلهي، بحيث أن تلك الجماعات المسلحة ومنها القاعدة ، والنصرة، وداعش، اختلفوا على المشاركة في مؤتمر جنيف 2، لأنهم يعتبرون الحرب في سورية واجباً دينياً يهدف إلى إقامة الدولة الإسلامية المنشودة، لهذا كان رد الوزير وليد المعلم بحزم على الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في المؤتمر المذكور، حين أراد توقيفه عن متابعة كلمته في المؤتمر: «أنت تعيش في نيويورك وأنا في سورية ، والمقصود بكلام المعلم : إن مكة أدرى بشعابها.‏

لقد أرادوا من جنيف 2، أن يكون اجتماعاً فولكلورياً بكل معنى الكلمة، يتم خلاله فرض قناعاتهم ورؤاهم المحضرة سلفا، ولم يكن ظنهم أن سورية عبر وفدها الرسمي الذي حظي بالاهتمام الشعبي والإعلامي، سيكون هو نجم المؤتمر بلا منازع، وأن سورية ستعود بقوة كي تتصدر المحافل الدولية عبر طروحات سياسية رسمية مقنعة وموثقة، ليس باستطاعة مسؤول مهما علا شأوه أن يمحوها من ذاكرة شعوب العالم الذين تابعوا كلمة سورية المدوية على لسان الوزير وليد المعلم عبر الفضائيات العربية والعالمية.‏

لقد أعلنت سورية عبر جلسة الافتتاح، وما تلاها من هروب أحمد الجربا المنصب رئيسا لوفد المعارضة الخائف من مواجهة الوفد الرسمي السوري، أنها ما زالت الدولة القادرة على تحريك العالم من أجل قضاياها وقضايا العرب المحقة، خصوصا وهي تتبع مسار الديبلوماسية الراقية المتمكنة ، وهذا ما بدا واضحا من خلال تشكيلة الوفد السوري الرسمي المشارك، الذي ضم شخصيات لامعة في الديبلوماسية والسياسة الخارجية والمحلية وعلى رأسهم الوزير القدير وليد المعلم ،الذي تشهد له أروقة الديبلوماسية العالمية محطاته الوطنية الرائعة في مركز القرار العالمي في واشنطن، حين كان سفيرا لسورية على مدى عشر سنوات ، تباهت خلالها سورية على كل الجسم الديبلوماسي العربي في واشنطن بشخصية هذا السفير الهادئ الواثق من عروبته وسوريته والتزامه بوطنه وقضاياه في الصمود والتصدي ، كما هو معروف لكل من يزور واشنطن ويعرف بعضا من خباياها. لهذا لم يمالئ وزير الخارجية الأميركي جون كيري حين قال له جوابا على كلامه بتنحي الرئيس الأسد عن السلطة: « لا أحد في العالم مستر كيري، له الحق بإضفاء الشرعية أو عزلها أو منحها لرئيس أو حكومة أو دستور أو قانون أو أي شيء في سورية إلا السوريين أنفسهم، وهذا حقهم وواجبهم الدستوري ، وما سيتم الاتفاق عليه هنا، مهما كان ، سيخضع للإستفتاء الشعبي، فنحن مخولون هنا بنقل ما يريده الشعب لا بتقرير مصيره» .‏

هكذا كانت جلسة الافتتاح التي نقلت على الهواء مباشرة عبر كل الفضائيات العربية والعالمية وتمت متابعتها بدقة ، جلسة تفوقت فيها سورية على أعدائها الكثيرين الموجودين في القاعة، ما جعل الفريق الآخر المشارك باسم سورية مترددا في القبول بمشاركة الوفد الرسمي السوري جلسات المناقشة في اليوم التالي، ما جعل السفيرالأميركي فورد ، منسق إعطاء التعليمات والأوامر إلى أحمد الجربا وأعوانه المختلفين فيما بينهم على ترؤس المناقشات، من هز العصا في وجههم بالقول:»نحن أصحاب القرار وليس أنتم» . بمختصر الكلام هم فئة لا تملك قرارها كما هو معروف، بل مأمورون من الأميركي المتصهين الذي يحركهم كعرائس الماريونت.‏

كيف يتحقق النجاح لجنيف 2، أو هل من المنتظر أن يحقق جنيف 2 النتيجة المرجوة المهيئة في ملفات وزير الخارجية الأميركية وحلفائه الأوروبيين وعملائهم من أتراك وأعاريب؟ هنا يرسم السؤال ! إذ كيف لهذا المؤتمر أن يسجل نجاحات مرجوة لإدارة أزمة خربطت شؤون منطقة الشرق الأوسط برمتها، حين يتم استبعاد إيران عن الحضور بترحيب أميركي وفرنسي وصفته روسيا بالخطوة الخطأ التي لا تغتفر، علما أن إيران من الدول المعنية بما يجري في المنطقة وخصوصا في سورية . هذا من حيث المبدأ ، أضف إلى ذلك ما جرى من مناوشات بين هيثم المناع وميشال كيلو وأحمد الجربا من أعضاء الائتلاف المختلفين أصلا في الطموحات والأبعاد والتفاصيل، على ترؤس جلسات المناقشة في اليوم التالي مع الوفد الرسمي السوري، ما حدا بالوزير وليد المعلم بالتهديد بالعودة إلى سورية. إن هذا الموقف اللامسؤول من جانب ما يسمى بوفد المعارضة السورية والموقف الحازم من جانب رئيس الوفد السوري الرسمي، قد حول مفاهيم العداء للدولة السورية أمام الرأي العام العالمي والأوروبي على وجه الخصوص إلى حالة تعاطف وتأييد، ما جعل لهجة العدائية ضد الحكم في سورية والقيادة تهزل وتتفكك ، خصوصا بعد الاجتماع المصور الذي حصل بين وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاترين آشتون والوزير وليد المعلم بحيث بدت آشتون التي أدارت مباحثات الدول الأوروبية 5+1بخصوص النووي الإيراني مع وزير الخارجية الإيرانية ظريفي ، مأخوذة تماما بما يقدمه لها الوزير وليد المعلم من شرح مفصل لما يجري على الساحة السورية في أثناء اجتماعهما على طاولة الغداء التي أثارت حفيظة الذين راهنوا على مقاطعة سورية وأركان دولتها ومعاقبتهم بوضع أسمائهم على لوائحها السوداء. هذا النجاح للوفد السوري، بمعظم أفراده من وزير الإعلام عمران الزعبي إلى المستشارة الرئاسية بثينة شعبان إلى نائب وزير الخارجية المخضرم فيصل المقداد، الذين عرفوا كيف يتعاملون بديبلوماسية راقية وبثقافة وطنية عالية ومتمكنة من دحض كل ما قيل من كلام ضد سورية وقائدها وشعبها في قاعات المؤتمر خلال حفل الافتتاح، ومن فضح عوامل التخبط الحاصل في الفريق الآخر المركب باسم المعارضة السورية، قد سجل أيضا النقاط المتقدمة لنجاح الوفد السوري الرسمي في طرح قضية بلده.‏

الوضع معقد هذا لا شك فيه، لأن سورية اليوم تخوض حرباً ضروساً ضد الإرهاب العالمي، وهذا سيجبر لاحقاً دول العالم قاطبة، بضغط من شعوبها مستقبلا على تبني معركة الدولة السورية المتضمنة اجتثاث الإرهاب من جذوره كما صرح الرئيس بشار الأسد خلال مقابلة مع وكالة فرانس برس حين قال:» إن مكافحة الإرهاب هو القرار الأهم الذي يمكن أن يصدر عن مؤتمر جنيف 2». وإلى أن يحين موعد اتخاذ هذا القرار.. ستبقى سيوف سورية مسنونة لمقاومة كل دخيل وفاسد وإرهابي ومستعمر جديد.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية