تأليف بلال فضل وإخراج محسن أحمد
بطولة هاني رمزي ونيللي كريم ،وهو فرصة لمشاهدة الفنان الكبير عمر الحريري،والممثلة السورية وفاء سالم التي سطع نجمها في الثمانينات عندما قامت ببطولة عدة أفلام أمام نجوم السينما العربية.
أظن أن كثيرين يتذكرون جملة (الرجل الغامض بسلامته) جيدا ،التي اتخذت عنواناً للفيلم،ولمن غابت عن ذاكرته هذه الجملة نحيله إلى أغنية (يا واد يا تقيل) التي غنتها سعاد حسني لحسين فهمي في فيلم (خلي بالك من زوزو ) ومنها مقطع يقول (الرجل الغامض بسلامته متخفي بنظارة).
ينتمي الفيلم إلى موجة الكوميديا السوداء التي طفت على سطح المشهد الإنتاجي المصري ،ويتخذ من مكافحة الفساد موضوعا،وهي ظاهرة لافتة خلال السنوات الأخيرة ،في محاولة لإعادة الروح إلى الحياة السينمائية بعد طغيان الدراما التلفزيونية.
لا جديد في الفيلم من ناحية المضمون، فموضوع وجود بطل يقوم بمغامرات شخصية لكشف الفساد ليصبح بعدها في دائرة الضوء وينال الشهرة وتناولته عشرات الأفلام،ولا جديد في المحتوى، وكان الاختلاف فقط في الخيط الصغير الذي ترتكز عليه العقدة الدرامية للفيلم. فهنا الشخصية المحورية (عبد الراضي ) يؤديه هاني رمزي اسمه ينم عن حالته المادية والمعنوية شاب فقير غير متزوج يعيش في حي شعبي كغيره من تجمعات الفقراء، يعاني من الحرمان الجنسي وشظف العيش، ويتخذ من الكذب والتصرفات الملتوية طريقاً للخروج من عالمه البائس.
يكتشف يعمل قضية فساد في شركة خاصة يعمل بها ،ويكتشف بعد حين أن رئيس الشركة رأس الفاسدين،وبعد طرده من العمل،يستخدم تعويض مدة نهاية الخدمة في الظهور بمظهر رجل أعمال ويدلي بآراء تجد صدى طيبا في اجتماعاتهم ،وتوصله اقتراحاته إلى شخصيات رسمية كبيرة، ولكنه يبقى رجلاً غامضاً بالنسبة لهم ،في ذات الوقت هناك (لميس) تؤديها (نيللي كريم) وقعت أسرتها في مأزق مادي فتلاحقه ظنا منها انه ثري، ليكشف في النهاية كل منهما حقيقته للآخر،وتكون هي المنقذ له عندما يجد نفسه متهما بجريمة.
يبدو هاني رمزي نمطيا في أدائه ،ويعتمد على الافيهات أو كوميديا الموقف،لكن تكوينه الفيزيولوجي،وفشله في رسم الموقف التعبيري المناسب على وجهه لا يساعدانه على لفت الأنظار،وبالتالي لم يكن قادرا على إثبات وجوده كممثل كوميدي له جمهوره الخاص،وقد سبق له أن ظهر في عدة أفلام مثل جواز بقرار جمهوري ومحامي خلع و السيد العربي وصل،ولكن الاستمرار في جذب المشاهدين هو المهم في عالم السينما،أما أداء نيلي كريم فقد كان أكثر إقناعاً ولبست الشخصية بشيء من الإتقان.
كتب الفيلم بلال فضل،وفيه يقف محسن احمد للمرة الثانية وراء الكاميرا مخرجا بعد (السيد أبو العربي وصل) وكان بطولة هاني رمزي أيضا،وخاض محسن قبله رحلة طويلة في التصوير السينمائي .
كان الفيلم أقرب إلى خطاب بارد حول بعض سلبيات المجتمع ،فإضافة إلى الفساد نرى منها هوس الشباب بالجنس الآخر المحروم منه ،ويعبر عن هوسه بجمع الصور والتحرش في الشوارع والألفاظ إياها.
لقد أراد صانعو الفيلم وضع الإصبع على قضايا جوهرية كالفساد وضياع هذا الجيل،ولكن أسلوبه في معالجة هذه القضايا كان سطحيا وحلق بعيدا عنها،إذ من غير المنطقي أن نعالج الخطأ بالخطأ، فكشف الفساد لا يتم بالكذب،كما أصحاب الضمائر المخلصين لبلدهم ،كما هو حال بطل الفيلم.
إن الفكرة الجيدة يجب أن تعالج بشكل جيد وبوعي وذهن منفتح لتؤتي ثمارها،فقضية الفساد رأيناها في كثير من الأفلام ،لكن المؤلف هنا عالجها بطريقة فيها الكثير من السذاجة،بأسلوب الشعوذة أو بكلمة أصح (الألمنضة) حسب تعبيرنا الشامي،وخلق في الخيال أكثر مما اقترب من الواقع، ما افقده المصداقية التي يجب أن تتمتع بها مثل هذه الأفلام.