تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ليس بالخبز وحده

شباب
الاثنين 7-3-2011م
بقلم : د.صالح الراشد*

أتاحت سمات العالم المعاصر أبعادا جديدة لاهتمام الدول والمنظمات الدولية بالشباب، فشباب اليوم تعايشوا مع التكنولوجيا منذ الصغر وواكبوا الكثير من منتجاتها وهم يتبادلون الآراء ويتحاورون فيما بينهم متجاوزين الحدود بين الدول عبر الانترنت،

فلم يعد العمل الإعلامي مقتصراً على المؤسسات الإعلامية المتخصصة بل زخرت الشبكة العنكبوتية بمواقع الأفراد والمجموعات الصغيرة والكبيرة على حد سواء، وبات التواصل والتفاعل واستحضار المعلومات المختلفة رهنا بـ/ كبسة زر/.‏

وبالتزامن شاعت أدبيات معاصرة كثيرة تتعلق بالشباب كالتمكين والمشاركة وتعزيز القدرات، والتدريب على مهارات الحياة وغيرها، وانطلقت في عديد من الدول استراتيجيات وطنية للشباب، وصدرت إعلانات وقرارات من مؤتمرات عدة للمنظمات الدولية والإقليمية بدءاً من منظمة الأمم المتحدة إلى جامعة الدول العربية وغيرهما.. كما تدرجت المواثيق والإعلانات الدولية الصادرة عن الشباب من الاعتراف بالشباب إلى اعتبارهم أعضاء فاعلين في المجتمع وشركاء أصلاء في التنمية، وإتاحة الفرصة لهم للإدلاء بآرائهم وسماع أصواتهم، إلى العمل على مشاركتهم في الفعاليات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وفي مشروعات التنمية وبرامجها وتمكينهم منها .‏

بالمقابل ثمة دول تجاهلت هذه الشريحة وغيبتها ظناً منها أن الشباب لا تنحصر اهتماماتهم خارج الموسيقا والرقص والغناء وتقنيات العصر، ولم يدركوا الأبعاد الحقيقية لهموم الشباب وطموحاتهم وتطلعاتهم بصفتهم الشريحة التي تمثل مستقبل أي أمة.‏

ولعل الشواهد حاضرة على قدرات الشباب بدءاً من الثورة الفرنسية التي كان الشباب عمادها وبالتالي كانت الدافع القومي لثورات متعاقبة شهدتها أوروبا، وكذلك فعل شباب البرتغال عندما استطاعوا أيضاً بأيديهم العارية.. أن يطيحوا بديكتاتورية متعصب جثم على صدورهم أكثر من ثلاثين عاماً، والأمثلة كثيرة عبر التاريخ.‏

الشباب هو وحده.. في كل مكان يتوحد في عيونه وفي خطوته وفي ندائه وفي طموحه مع كل شباب العالم.. طالما أن هدفه الوحيد والأوحد هو الدفاع عن كرامة وطنه وتطهير أرضه من الفساد والظلم والديكتاتورية، ولعل ما حدث في تونس وفي مصر من شواهد لاتزال حية وحاضرة في الأذهان لم يكن بعيداً عن تطلعات شباب العالم في نظرته لبقعة تنشد الحرية والخلاص من أنظمة باعت كرامة شعوبها ورهنتها للعدو، ولا عجب أن التاريخ والجماهير في عفويتها قد أطلقت أسماء الورود على هذه الحركات الشعبية الصادقة والمطالبة بالحرية والكرامة والعدل.‏

يخطئ من يظن أن الخبز وحده هو ما دفع هؤلاء الشباب للثورة وأن البطالة والوضع الاقتصادي هو فقط ما أجج مشاعر هؤلاء ليطالبوا بتغيير أنظمتهم.‏

إن ما حرك هؤلاء الشباب لم يكن مجرد رغيف خبز وفرصة عمل طال انتظارها بقدر ما كانت نظرتهم لأنظمة رهنتهم للأجنبي وصاروا عبيداً في سوق النخاسة الدولية، تباع أحلامهم لمن يشتري، ويقبض/ النظام/ الثمن من كرامتهم المهدورة!‏

إن ما حركهم إيمانهم بمشروعهم السياسي القائم على عدم تحييد بلادهم عن محيطها العربي.. ورفض التطبيع مع العدو.. وإذكاء دماء الشهداء..،دعم القضية الفلسطينية واتخاذ موقف مشرف من غزو العراق.. والعدوان على لبنان وحصار غزة الجائر وغيره الكثير مما لم تتخذ أنظمتهم مواقف حيالها.‏

من هنا كان الالتزام بقضايا الشباب والاستثمار فيهم وزيادة مشاركتهم أمراً ضرورياً بصفتهم الشريحة المؤهلة لصنع المستقبل، وعندما نهمش هذه الشريحة فإننا نقطع التواصل مع هذا المستقبل الذي ننشد.‏

*رئيس اتحاد شبيبة الثورة‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية