كانت أصابعي تضغط بعصبية على أرقام القنوات الفضائية في جهاز التحكم حينما
استوقفني تقرير يحتفي بإعلان ( بريقه ) قرية خالية من التدخين منذ عام 2007.
كمّ من الزهوّ اجتاحني..تمنيت معه أن يأتي اليوم الذي أشهد فيه الاحتفاء (بسورية)
بلد خالٍ من التدخين... فبلدنا سورية رائعة.. و تستحق.
لنعد إلى بريقة
بريقة هي إحدى قرى محافظة القنيطرة تناقلت اسمها بعض وكالات الأنباء في اليوم العالمي للامتناع عن التدخين بكثير من الحضارة، وذكر التقرير أن آخر من أقلع عن التدخين من سكانها هو أبو محمود البالغ من العمر ( 53 ) عاماً.
أقلع عن التدخين عام 2007 بعدما علم أنه بات المدخن الوحيد في القرية قائلاً: لن أكون شاذاً عن الجماعة، وبعد هذا اليوم لن ألوث المكان الذي خلقت فيه و أعيش من خيراته،وحوانيت قرية (بريقة ) كما ظهرت في التقرير لا يبيع أصحابها الدخان و لا صحون السجائر، وكذلك بيوت أهل القرية و أماكن النزهات خالية تماما من كافة أشكال التدخين (سجائر و أراكيل).
لست بصدد الحديث عن ( بريقة ) رغم أنها جديرة بذلك.. و لكني أردت من خلال ذكرها تقديم جرعة من الدعم النفسي لمن يرغب في متابعة سطوري القادمة ويكره مثلي ذلك الاختراع الذي يدعى (السيجــــارة ).
وهذه أيضاَ - عزيزي القارئ - جرعة أخرى من الدعم النفسي أدعوك لنتابعها معا:
بانوراما اليوم الأول للمرسوم
أحداث كثيرة حفلت بها جعبة الحادي والعشرين من نيسان وهو اليوم الأول من بدء تطبيق المرسوم /62/.. سيدة قدمت لضيوفها وجيرانها الحلوى قائلة: اليوم عيد (الحمد لله خلصنا من السم الهاري)، وهاأنا أقولها أمامكم، هذا اليوم من كل عام هو عندي عيد رسمي وسأحتفل به مثل كل الأعياد...وتستطيعون فيه زيارتي و تقديم التهاني، ويشرفني أن أقدم لكم فيه الحلوى.
الدكتور سامر سخيطة رئيس قسم الشعبة الفكية في مشفى الرازي بحلب هو واحد من الكثيرين في الطاقم الطبي الذين أعلنوا على الملأ إقلاعهم عن التدخين في ذلك اليوم.
أكره هذه العادة
ويعبر عبد الله مصري طالب معهد تجاري- عن كرهه للتدخين بقوله: يقولون إن التدخين يهدئ البال، أنا أجده مصدراً للتعصيب و فوران الدم، أكره هذه العادة،وعندما أشم رائحة الدخان أشعر بالكآبة والانزعاج، دائماً أنصح أصدقائي بعدم التدخين، بعضهم يستمع والآخر لا يرد و لكني لا أتساهل أبداً في موضوع أن يقف أحد بجانبي و يدخن، أما الفتاة المدخنة فإني مع الأسف أنظر إليها نظرةً سلبية لأنها بهذه العادة تفقد أنوثتها تماماً.
ممنوع في بيتنا
وتؤكد هايدي مدراتي طالبة بكالوريا أن التدخين أمر سيء قائلة: إن لا مكان في بيتنا للمدخنين، فلا يوجد أحد من عائلتي يدخن، و ماما منعت التدخين في البيت حتى للضيوف، الضيوف الذين يزوروننا يعرفون ذلك، وإذا أصَر أحدهم على التدخين تخرجه ماما إلى الشرفة، فالأمر كما تقول أمي لا يحتمل المجاملة.
أنا فخورة بما تفعله أمي وسأعمل نفس الشيء عندما يصبح عندي بيت وعائلة.يوم تطبيق مرسوم منع التدخين كان عيداَ لأمي فرحت به كثيراَ، ونحن أيضاَ فرحنا وأتمنى من المدخنين احترامه وتطبيقه من أجل سلامتنا وسلامتهم واستبداله بعادات حضاريه يستطيعون التفاخر بها.
لنتعلم احترام القوانين
ولعماد كوكة موظف حكاية أخرى جعلته يقلع عن التدخين يقصها بقوله: تسنيم وباسل طفلاي الصغيران هما من جعلاني أُقلع عن التدخين، حضرا مع والدتهما مسرحية للأطفال عن مضار التدخين وبعد عودتهما فُوجئت ببرنامج صارم بدأا بتطبيقه من أجل منعي من التدخين، حطما علبة السجائر، و بدأا يتناوبان بمراقبتي فما إن أهُم بإشعال سيجارة حتى يصيحا بأعلى صوتهما طالبين مني رمي السيجارة والامتناع عن التدخين من أجل (سلامة صحتي و نظافة البيئة)، وكلما أحضر علبة سجائر للبيت لا أجدها، جربت الانصياع لرغبة أطفالي، فلم يكلفني ذلك سوى القليل من الصبر الذي مارسته لعدة أيام، ثم أصبح كل شيء عادي، مرَ على هذه الحادثة ثلاث سنوات... أنا الآن أكره حتى رائحة السيجارة ويضيف عماد: المشكلة أن هناك دائما من يستفزك.
التدخين الآن ممنوع بالأماكن المغلقة بحسب المرسوم / 62/، وهناك أمكنة مخصصة للمدخنين، ومع كل ذلك يأتي من يشعل سيجارته في غرفة عملك، متى نتعلم احترام القوانين.
و يصف عبد القادر دواليبي (طالب معهد) التدخين بأنه حرية شخصية!! وأن المرسوم /62/ أنصف غير المدخنين وكان جائراً على المدخنين لأن الأمكنة المخصصة للمدخنين ( على حد تعبيره) أصبحت متخمة بالأذى بسبب كثافة النيكوتين فيها نتيجة تخصيصها للمدخنين!!!
شكراً للمرسوم /62/
ويقاطعه بحدَة زميله زكريا بلاش الذي يشاركه الدراسة بنفس المعهد قائلاً: تريدون تحويلنا قسرا إلى مدخنين سلبيين بحجة أن التدخين حرية شخصية !!،الحرية الشخصية عندما يكون الأمر متعلقا من حيث النفع و الضرر بالشخص نفسه، أما أن تقوم على فعل شيء يعود بالأذى على الآخرين،أعتقد أنها حين ذلك لاتسمى حرية شخصية، بل استهتاراً وأنانية وعدم مسؤولية،أو أي شيء من أخوات هذا الوصف، وشكراً ألف مرة للمرسوم الذي حدَّّ من هذا الوباء الذي تُصَرون على إتحافنا به وليته جاء من زمان.
43% من الأطفال
إن الأذى الذي يصنعه المدخن بتصميم لا يخصه وحده و الكلام مازال للدكتور فؤاد محمد فؤاد و يضيف قائلاً: و إنما ينشره إلى غيره من الناس الذين لا يدخنون فيحولهم عنوة إلى مدخنين سلبيين، والمؤسف أن 43% من أطفال سورية هم مدخنون سلبيون، لأن معلقات النيكوتين الصغيرة تنتقل من المدخن إلى الآخرين بواسطة الأشياء الصلبة كالشعر و الملابس و الأثاث المنزلي.
و ينهي الدكتور فؤاد حديثه بالقول: أتمنى أن يمتنع المدخنون عن التدخين، و أن يُطبق المرسوم /62/ بشكل حضاري لأن نسبة المدخنين في سورية بحسب آخر إحصائية ( 60%) ذكوراً، ( 23%) إناثاً وهذا الأمر مُرعب و يجب الوقوف عنده.
***
4800 مادة مسرطنة
عندما سمعت بهذا الرقم حمدت الله أنني أكره التدخين... ثم أصابني الذهول عندما علمت أنّ الـ ( 4800 ) مادة مسرطنة تلك و المؤلفة من مستقلبات النيكوتين موجودة في رئات 97% من الناس غير المدخنين، إذا كان هذا هو الحال عند من لا يدخن، فكيف سيكون عند المدخنين،تساؤل توجهنا به إلى أصحاب الاختصاص:
الدكتور فؤاد محمد فؤاد منسق في برامج المركز السوري لأبحاث التدخين وصف التدخين بالعمل الكارثي قائلاً:
لم يعد خافياً على أحد مدى الأضرار، بل الكوارث التي يتركها التدخين على صحة الكائنات و في مقدمتهم البشر، ففي كل يوم يكتشف العلم آفة جديدة سببها التدخين، ولو فتحنا ملف هذه الحوادث لضاقت بها المجلدات، ولكني أوجز بلاء التدخين في القول إن أضراره لا تنحصر بالرئة و الكلية فحسب، بل تتعداها إلى كل الدورة الدموية، وهذا يعني أن كل وظائف الجسم ستتعرض للأذى، يخف السمع.. يتأذى النظر، تضطرب الحواس، و شيئاً فشيئاً ينتقل البلاء إلى الكبد، فالقلب،التدخين يترك في جسم المدخن كل يوم (40) ألف مادة سامة تفرز بدورها (100) ألف جزيئة حرة داخل الجسم فتؤدي إلى تعطيل عملية الأكسدة، و يصبح مناخ الجسم مثالياً لنمو الخلايا السرطانية.
المدخن يعاني من كثرة الالتهابات لأن دمه بفعل النيكوتين يتحول إلى وسط حامضي و هذا الوسط مثالي لنمو الجراثيم و البكتريا و بالتالي لفقد الكثير من الفيتامينات فتصبح مناعة الجسم هشة إلى أن تتلاشى.