علماً أنها جزء من الخصائص العمرية للمراهق والفضول المتنامي عنده لمعرفة ماينقصه عن جسمه وعن العلاقة مع الجنس الآخر وهي لاتخص مراهقينا وحدهم بل تنتشر في كل المجتمعات، إلا أنهم قد يختلفون عنا بالاعتراف بالمشكلة والسرعة في مواجهتها وحلها، ففي فرنسا مثلا عمدت مبادرة لفريق من الأصدقاء الى إنشاء موقعين، في حزيران الماضي، الغرض منهما الرد على الأشرطة الإباحية المنحرفة، وتقديم العلاقة بالقرين، في صورة مقسطة ومتماسكة، ولا تترك المشاهدين في مهب التهويم والانفعال المفرطين.
حيث يتوجه الموقع الأول الى الأهل ومجاني، والثاني الى المراهقين الفتيان وغير مجاني. وهو يبث أشرطة تنصح المراهقين، وتتناول مسائل مثل التقبيل ووقع الكلمات واحترام القرين. وتمتنع الأشرطة عن تصوير العري، وتخاطب المشاهدين مباشرة ومن غير استعارات أو تورية. والصور بالأسود والأبيض. ويتولى خبراء ومختصون في العلوم النفسية والجنسية والتربوية والنسائية، وممثل في الأفلام الإباحية، وصف المعاملة الجنسية في «الحياة الحقيقية».
وقد عملوا قبل ذلك الى إجراء الاستطلاعات والدراسات حول الموضوع ومنها استطلاع أجراه معهد دراسات طبية، بين أن 67 في المئة من الفتيان في الـ14 من العمر (و77 في المئة من البالغين 15 سنة) شاهدوا مرة واحدة شريطاً إباحياً، نظير 36 في المئة من الفتيات في السن نفسها (45 في المئة من البالغات 15 سنة). ويفوق الفتيان الفتيات عدداً ومثابرة على مشاهدة الصور الإباحية. فواحد من أربعة فتيان، في عمر 14- 18 سنة، شاهد عشرة أشرطة، على الأقل، في سنة الاستطلاع، لقاء فتاة واحدة من خمسين.
ولا يجيب الاستطلاع عن أثر مشاهدة الأشرطة في الحياة الجنسية اللاحقة. ولكنه يلاحظ ان الشبان الذين يدمنون الصور الإباحية يتناولون الكحول أكثر من أمثالهم وأقرانهم، وتبلغ محاولات الانتحار في عيّنتهم ضعفي نظيرها في العيّنة العامة، من غير أن تسعى الدراسة إلى تشخيص علاقة سببية (بين الإدمان وبين الفرق في محاولة الانتحار). وإدمان الصور الإباحية عامل من عوامل أخرى مثل الإعلام والأسرة والمدرسة والأصحاب. ولا يضطلع إدمان الصور الإباحية بدور راجح إلا إذا تضافر فعله مع فعل العوامل الأخرى وإيحاءاتها المعيارية.
إذاً المشكلة تقترب من الحل عند تدخلنا لكنها تكبر وقد تصل الى درجة الاستعصاء عند بقاء المراهقين وحيدين أو مع حلقاتهم المغلقة، وخلو الحلقات هذه من راشدين يقولون لهم إن الحياة الجنسية الحقيقية ليست التهويمات والأخيلة التي يشاهدونها في الأشرطة الإباحية. وتبعث النماذج التي تبثها الصور في نفوس المراهقين الخوف من إصابتهم بنقص يقوض من شخصيتهم. فالأفلام وما تقدمه استهلاكية، وإحصائية عددية، ولا تميز الأقران بعضهم من بعض وواحدهم من الآخر على خلاف العلاقات الفعلية. وتجيب هذه النماذج من الأفلام عن تساؤلات المراهقين المضطربين، إجابة كاذبة عن مسائل حري بالأهل تناولها مع أولادهم في البيت الأسري.
صحيح أننا نناقش الموضوع كما قلت في البداية لكن لا نضع حلولاً كالتي ذكرتها ونكتفي بالمطالبة بالتربية الجنسية في المدارس، أو اقامة الورشات التدريبية حول مخاطر بعض الأمراض كالايدز مثلا.