و العاقلة.. زمن الموت الأسود الذي عمَّ وانتشر.. القهر الذي أوجعنا دون أن يجعلنا نتقهقر..
لأننا نعيش في هكذا زمن، نحتاج إلى «نسمة أمل» تردُّ الحياة إلى من أصيبوا وهم يدافعون عنا وعن سوريتهم، وممن باتوا عاجزين إلا عن احتضان الوطن بقلوبهم وأرواحهم وكلّ مفردة من مفرداتهم.
نعم، يحتاج حماةُ وطننا، ممن أصيبوا وهم يدافعون عن أرضه وعرضه إلى نسمة أملٍ تردُّ الحياة إليهم. نسمة بادر رجل الأعمال المغترب «مازن الترزي» بتقديمها عبر دعمه لهم، وبإعادة ترميم أماكن سكنهم ومافقدوه، وليس فقط من أعضائهم وإنما أيضاً من أمنياتهم وأحلامهم.
كل ذلك، تابعناه يتحقٌّق عبر البرنامج الذي يُعرض على «الفضائية السورية».. والذي هو فكرة وتقديم «كريم الشيباني» الإعلامي الذي أفاده عمله كمراسلٍ حربي في التوجه مع كادر برنامجهِ إلى حيث يقطن جرحى الجيش العربي السوري، وفي كل المحافظات السورية. الجرحى ممن يختار وفي كل حلقة من حلقات برنامجه أحدهم، وممن يعيشون عجزاً مادياً ومعنوياً وجسدياً، ويحتاجون لمن يدعمهم ويمدهم بما يخلِّصهم ولو قليلاً من عجزهم.
كاميرا البرنامج ترافق الكادر إلى المحافظة التي يقيم فيها المصابٍ إصابة بليغة أثرت على نفسيته وحياته. إلى منزلهِ الذي تصوِّر كل زاوية فيه، وفي الوقت الذي يحاوره فيه «كريم» سائلاً إياه عن وضعه ومعاناته واحتياجاته.
خمسة عشر يوماً، والكاميرا تتنقّل ما بين «شيراتون معرة صيدنايا» الفندق الذي يستضيفُ الجريح مع أفراد عائلته ممن يختارهم ليشاركونه رحلته الترفيهية.. تتنقّل ما بين الفندق ويومياته فيه، وما بين منزله وكيفية ترميمه بطريقةٍ لا تصدقها عينه التي تُظهر فرحتها لدى عودته من رحلته التي كانت أيضاً علاجية.
نتابع.. ندقّق.. نقارن، ونشعرُ بمقدار فرحة الجريح وامتنانه لمن بادله حب الوطن بحبٍّ وإن لم يكن بحجمِ تضحيته إلا أنه بالغُ العطاء والإحساس بالمسؤولية. نشعر بمقدار ما ارتدَّ إليه الأمل الذي لم يفقده أبداً رغم إصابته التي أضافت عجزاً إلى عجزه عن امتلاك أبسط مقومات الحياة اليومية.
إذاً، البرنامج محاولة لجعل المصابين يستنشقون «نسمة أمل» تشفي الروح وتردُّ شيئاً من الحياة. نسمة تجعلهم يشعرون بأن لا شيء مستحيلاً بالإرادة والجهد والإصرار على مواجهة التحديات.
نتوقف لنقول: كم يلزمنا من هكذا برامج فاعلة ومفيدة وجديرة بأن نتابع ماتحملهُ من وفاءٍ، ولأبناء الوطن ممن افتدوه بعضوٍ من أعضائهم إلى أن باتوا أحياء ولكن شهداء..
كم يلزمنا برامج تلقي المزيد من الاهتمام على أخلاقِ انتماءِ أولئك الذين يشعروننا بأنهم ما زالوا فيه رغم اغترابهم.. أولئك الذين يبادلون تضحيات رجالهِ بما يردّ ولو القليل من الأمل إلى حياتهم ويومياتهم..
كم يلزمنا من البرامج الإنسانية لا الاستعراضية أو الدرامية أو اللامعنية.. برامج تجعلنا نستمدٌّ إرادتنا من حكمة سوريتنا- حكمتنا.. الحكمة التي ننهي بها. تماماً كما أنهى «الشيباني» أولى حلقاته بقوله - قولها: «من السهلِ أن نبني منزلاً في خمسةَ عشر يوماً. لكن، هل من السهل أن نبني نفساً؟.. أجل.. من السهل أن نبني نفساً، وبنسمة أمل تحوِّلها بمرور الوقت إلى نفسٍ لاتريد للوقت أن يمضي...»...