فهاتان القضيتان هما العمود الأساسي لحملة أي مرشح سواء أكان من الحزب الجمهوري أم الديمقراطي .
ولما كان المرشحون لخلافة إدارة أوباما قد افتتحوا بازار حملاتهم الانتخابية فإن هاتين النقطتين تسيطران الآن على عناوين وسائل الإعلام على اختلاف مشاربها السياسية ، ففيما تبرز الصحف الكبرى تأكيد مرشحي الحزب الديمقراطي إلى الانتخابات في مناظرة لهم معارضتهم لإرسال قوات أميركية برية إلى سورية والعراق لمواجهة تنظيم داعش الإرهابي، فإنها ذاتها تقوم بالترويج لتصريحات جو بايدن المناقضة لها والتي قال فيه بأن بلاده على استعداد لتدخل العسكري في حال فشل الحل السياسي .
وإذا كانت هذه الصحف قد روجت لتصريحات بايدن فإنها ذاتها كانت قد انتقدته حين طالب بتصعيد الموقف ضد سورية منذ أشهر وأكدت أن دعم الإرهاب سيرتد على الغرب ، وهي ذاتها التي صفقت له حين قال قبل أشهر بصراحة بأن تركيا والسعودية والإمارات وحلفاء واشنطن الإقليميين متورطون بتمويل التنظيمات المتطرفة في سورية أمام خبراء في جامعة هارفارد، ثم انتقدته حين أكد أن واشنطن لم تستطع إقناع شركائها بوقف تمويل المنظمات التي وضعتها بلاده على قائمة الإرهاب ، ثم نراها أخيرأً تهاجمه ، لأن القضية باختصار استثمار بالإرهاب .
والمفارقة المثيرة للسخرية أنه لما استهجنت الدبلوماسية الروسية تصريحات بايدن المتزامنة مع بحث كل الدول عن تسوية سياسية في سورية عادت الإدارة الأميركية لتصحح ما سمته خطأ بايدن حول سورية بالقول إنه يقصد بتصريحاته فقط تنظيم داعش حصراً في مشهد جديد من المراوغة الأميركية ، لا يدل على شيء سوى الاستثمار في الأزمة والإرهاب والفوضى الهدامة.
الحملات الانتخابية للجميع اليوم تستثمر في مسألة تنظيم داعش الإرهابي فالجميع يؤكدون أن القضاء على داعش قد يستغرق عشرات السنين، إذا لم يقم المجتمع الدولي بتحرك جدي وفعلي لدحره ، لكنهم جميعاً يؤيدون من تحت الطاولة دعم التنظيمات المتطرفة وفي مقدمتها داعش في تضليل واضح للرأي العام الأميركي والعالمي وتجسيداً واضحاً للنفاق السياسي المعهود لدى الساسة الأميركيين .
وفيما يعرب المرشحون عن تأييدهم لنهج إدارة باراك أوباما الحالية فيما يخص الامتناع عن تدخل واسع النطاق في سورية والعراق ، فإنهم يستثمرون في هذه النقطة ويقولون أنهم ضد وجود أميركي واسع النطاق في سورية، وأنه لا بد من ضرورة اتخاذ إجراءات دبلوماسية بموازاة الجهود العسكرية لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي، ليثبتوا لناخبيهم أنهم لا يريدون توريط بلدهم بأي مستنقع مع أنهم جميعاً يؤيدون الخطوات العسكرية التي تجري على الأرض من خلال دعم ما يسمى قوات سورية الديمقراطية.
وعلى سبيل المثال فإن المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون تؤكد أن لديها خطة من 3 نقاط بشأن مواجهة داعش لا تتضمن إرسال قوات برية إلى المنطقة. أما المرشح برني ساندرز فقد دعا إلى عدم تكرار الأخطاء التي ارتكبتها بلاده بتدخلها العسكري في العراق عام 2003، ما أدى إلى نشوب فراغ للسلطة في هذا البلد وفي نهاية المطاف إلى ولادة داعش، معرباً عن تأييده لنهج أوباما.
وفي إطار دفع الأميركيين لأدواتهم في المنطقة للقيام بمهام صارت واشنطن تنأى بنفسها عنها قال ساندرز: توجد في هذه المنطقة دول غنية للغاية مثل السعودية وقطر، ويجب عليها أن تخوض هذه اللعبة بدلاً من التوجه بطلبات بهذا الشأن إلى الولايات المتحدة، مشدداً على ضرورة القضاء على داعش دون أن تكون هناك أحذية أميركية حسب قوله على الأرض إلا أنه يناقض نفسه بنفسه في المناظرة نفسها ويؤيد إرسال قوات خاصة إلى المنطقة بصفة مستشارين في إشارة منه إلى ( القوات التي أرسلها أوباما إلى شمال سورية بل ويعتبر هذا الأمر ضرورة.
باختصار يجهد جميع المرشحين للرئاسة من الحزبين أنفسهم للاستثمار في قضية الإرهاب والمحاربة المزعومة لداعش ، لأنها تجلب لهم الأصوات المطلوبة والدعم المنتظر من اللوبي الصهيوني.