أو ربما ضرباً من المستحيل، طالما أن هناك أيادي دولية وإقليمية لا تزال تعبث بمفردات المشهد وتتحكم بصيرورتها وتفرض شروطها وتحدد أجنداتها وخياراتها ومواقفها نيابة عن بعض السوريين ممن يسمون أنفسهم معارضين، وقد باتوا يشبهون الدمى المتحركة التي تُدار بريموت المصالح والطموحات الاستعمارية التي لا تزال تعشش وتغذي عقول الكثيرين.
فإذا كان توحيد جزء يسير من (المعارضة) قد استغرق من المجتمع الدولي كل هذا الوقت وكل هذا الجهد الكبير، فكم يا ترى سيستغرق توحيد كل تلك المعارضات الحالمة التي تطل برأسها من هنا وهناك، سؤال ربما يصعب على أي جهة في الوقت الحالي الإجابة عليه لتشعبه وتعقيداته و استطالاته التي لا تنتهي.
بالمحصلة إن المطلوب من الأطراف الممسكة بخيوط اللعبة في هذه المرحلة شديدة الحساسية والخطورة التي بات فيها الإرهاب خطراً عالميا يتهدد الجميع، يتجاوز طاولة المفاوضات رغم أهميتها وضرورتها، الى اتخاذ قرارات ومواقف فاعلة وجادة بعيدا عن المناورة والخداع، وخاصة من الأميركي الطرف الأساسي المحرك لمعظم الأحجار على رقعة الشطرنج السورية بعد أن انتزعت منه المتغيرات والمعادلات الجديدة التي ارتسمت على الأرض زمام المبادرة والتفرد بالقرار الدولي.
يبقى الرهان الحقيقي للوصول إلى أي نتائج إيجابية مرتبط بنوايا و إرادات تلك الأطراف التي لا تزال بحسب المعطيات المتواترة من مختلف عواصم القرار مشكوك بأمرها وبعيدة كل البعد عن الصدق والحقيقة.
ولكن وبعيدا عن ثرثرات جنيف وأحجياته وطلاسمه التي لم يعد فكها وحلها أمر ذو أولوية وأهمية لدى الشعب السوري الذي تشخص أبصاره نحو مكان آخر تماما، هو الميدان الذي تحط عنده رحال وآمال السوريين، والذي كان في كل مرة يتقدم المفاوضين الى طاولة المفاوضات.