تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


من خريطة الطريق إلى يهودية إسرائيل... مخططـــــات وأد الدولـة

شؤون سياسية
الثلاثاء 30-6-2009م
مصطفى قاعود

قبل الخطاب العدائي لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، بدا المشهد السياسي في إسرائيل شبيهاً بالمشهد السياسي فيها قبل إعلان شارون موافقته المشروطة على خريطة الطريق،

فمثلما عجت الصحف الإسرائيلية بالحديث عن العجز والفشل السياسي لشارون، في رده على «رؤية الدولتين لشعبين» التي طرحها بوش، أيضاً تحدثت الصحف الإسرائيلية عن عجز نتنياهو في الرد على مطالب الرئيس باراك أوباما في خطاب القاهرة، فماذا فعل شارون في ذلك الحين؟ هل وافق على خريطة الطريق و«رؤية الدولتين؟» لقد وافق على 14 شرطاً وضعها على خريطة الطريق، كانت بمثابة خريطة طريق إسرائيلية معطلة لرؤيا الرباعية الدولية، وقد تفهمها بوش في حينه وأرفق تفهمه هذا برسالة التطمينات الشهيرة، واليوم ما الذي فعله نتنياهو حيال تحدي السلام، اختار السير على خطا شارون وذهب نحو القبول المعطل للسلام، وكرر ذات الشروط التي وضعها شارون، ولكن يبقى السؤال هل ستتفهم إدارة أوباما شروط نتنياهو كما تفهمت إدارة بوش شروط شارون؟‏

خطاب نتنياهو كان خطاباً تضليلياً بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، أولاً وضع تحدي السلام في المرتبة الثالثة بعد حسب قوله «الخطر النووي الإيراني والتحدي الاقتصادي» وحديثه عن أسبقية «السلام الاقتصادي» على « السلام السياسي» فيه التفاف واضح على مبادرة السلام العربية، فماذا يعني هذا الإسهاب في الحديث عن التعاون الاقتصادي مع الدول العربية قبل التوصل إلى اتفاق سياسي، يعني باختصار أسبقية التطبيع أي قلب مبادرة السلام العربية رأساً على عقب رغم أنه لم يأت على ذكرها مطلقاً، حيث تجاهلها عمداً ليذهب إلى شرطة الأول وهو الاعتراف «بيهودية إسرائيل» وقد مهد لهذا الشرط بموجز تاريخي يقلب الصراع رأساً على عقب ويحول إسرائيل من جلاد إلى ضحية.‏

أما الشرط الأغرب لدى نتنياهو فهو أن الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح، وأن إسرائيل بحاجة إلى ترتيبات أمنية وضمانات دولية لأمنها، منطق غريب فمن يحتاج إلى ضمانات أمنية إسرائيل التي تمتلك خامس ترسانة أسلحة نووية في العالم أم الدولة الفلسطينية الناشئة والضعيفة، كيف تكون دولة فلسطينية ذات سيادة وبلا جيش وبلا غطاء جوي؟! والضمانات الدولية التي يتحدث عنها نتنياهو لمنع تهريب الأسلحة تعني فيما تعنيه بقاء الشعب الفلسطيني والدولة الفلسطينية تحت الحصار إلى الأبد، وبهذا المنطق يتم تجاهل حقيقة إسرائيل العدوانية «فهي حمل وديع والفلسطينيون إرهابيون».‏

أما بشأن القدس فيصور نتنياهو المشكلة على أنها مشكلة حرية العبادة، وبقاء القدس تحت السيادة الإسرائيلية يضمن حرية العبادة لجميع الأديان، فماذا عن الاعتداءات الإسرائيلية على المقدسات الإسلامية والمسيحية اليومية منذ عام 1967 وحتى يومنا هذا، وماذا عن قرارات الشرعية الدولية بشأن القدس، فهناك خمسة قرارات مجلس أمن وأكثر من عشرة قرارات جمعية عمومية تحرم الاستيطان بالقدس وتبطل كافة التغيرات التي نفذتها إسرائيل بطريقة عدوانية، أيضاً هذا المنطق فيه دعة للانقلاب على الشرعية الدولية، والتضليل في خطاب نتنياهو أنه بدأه بالقول: «إن إسرائيل ملتزمة بالاتفاقيات الدولية» بينما الاتفاقات والمواثيق الدولية بما فيها اتفاقية جينيف الرابعة تحرم كافة الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل في القدس وعموم الأراضي الفلسطينية، وعلى رأسها الاستيطان، ولا يستقيم الحديث عن إحلال السلام قبل تراجع إسرائيل عن هذه الإجراءات وعلى رأسها قرار ضم القدس، وماذا عن بدعة النمو الطبيعي للمستوطنات التي تحدث عنها نتنياهو، ففي هذا إشارة صريحة بأن الكتل الاستيطانية السبع الكبرى هي ضمن حدود إسرائيل وهي ليست موضوعاً للتفاوض، وفقط البؤر الاستيطانية الصغيرة هي موضوع التفاوض، ولابد من القول صراحة إن دعوة الرئيس باراك أوباما لوقف الاستيطان دون الحديث عن مصير المستوطنات القائمة، هي التي شكلت الأساس لحديث نتنياهو عن النمو الطبيعي للمستوطنات، تماماً كمل شكل تفهم بوش لشرط شارون ببقاء الكتل الاستيطانية الكبرى ضمن حدود إسرائيل في أي تسوية، كان الدافع لمشروع وصل هذه المستوطنات ببعضها البعض وتوسعها في جميع الاتجاهات، وما تنفذه حكومة نتنياهو اليوم هو مواصلة مشروع شارون لوصل هذه الكتل الاستيطانية وسمي ذلك بالنمو الطبيعي، ولكن ضمن حدود جدران الضم والفصل العنصري التي رسمت حدوداً جديدة قطعت أوصال الأراضي الفلسطينية وقوضت أسس قيام دولة فلسطينية متواصلة جغرافياً، إذاً عن أي دولة فلسطينية يجري الحديث في ظل الدعوة إلى ترسيم كل الوقائع التي أحدثتها إسرائيل على الأرض؟!‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية