تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


مؤتمــــر موســـكو للســـلام واستحقاقاتـــه

شؤون سياسية
الثلاثاء 30-6-2009م
د. محمد البطل

كثفت روسيا في الآونة الأخيرة اتصالاتها مع دول المنطقة، ومع أعضاء اللجنة الرباعية الدولية الخاصة بالسلام في منطقة الشرق الأوسط والصراع العربي الإسرائيلي

بهدف استكمال التحضيرات الضرورية لعقد مؤتمر موسكو الدولي للسلام قبل نهاية العام الحالي. هذا في الوقت الذي أظهرت فيه مواقف أطراف الصراع في المنطقة تباينات حول الأهداف المتوخاة من عقده، وتالياً طبيعة قرارته.‏

إذ يفترض أن يمثل مؤتمر موسكو الدولي المحطة الثالثة الخاصة بـ «عملية السلام» بعيد مؤتمر أنابوليس ولقاء باريس الاقتصادي الدولي اللذين شاركت روسيا في أعمالهما بوصفهما جزءاً من جهود دولية متواصلة ومتكاملة تهدف للتوصل إلى قرارات دولية واضحة، وآليات محددة، من شأنها استئناف هذه العملية وإلزام أطرافها بالقرارات الدولية ذات الصلة.‏

وطوال الفترة التي أعقبت مؤتمر أنابوليس (بغض النظر عن ملاحظاتنا حول أهداف عقده وماهية قرارته)، واجهت روسيا رفضاً إسرائيلياً لعقد هذا المؤتمر،وتالياً المشاركة فيه، ترافق مع اعتراضات أميركية- بوشية- غير معلنة، من جهة، وضغوط أميركية مع «حلفائها» وأصدقائها» لعرقلة الجهود الروسية من جهة ثانية. ومثل انتخاب باراك أوباما الذي رفع شعارات الحوار والحلول السياسية للاشكاليات التي يعانيها عالمنا..الخ، وتسلم ادارته «الديمقراطية» مطلع هذا العام مقاليد السلطة، عاودت روسيا تحركها الدولي الإقليمي الهادف إلى عقد مؤتمر موسكو. في هذا السياق ينظر باهتمام إلى اجتماع اللجنة الرباعية، وإلى القمم الثنائية والجماعية التي جمعت روسيا، والعديد من الأطراف الدولية المعنية بالصراع العربي-الإسرائيلي، وإلى جولات الوفود الروسية في المنطقة، وبخاصة زيارة سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي لسورية والرسالة التي نقلها من الرئيس ديمتري ميدفيدف إلى السيدالرئيس بشار الأسد، خلال مشاركته في اجتماعات وزراء خارجية الدول الإسلامية في دمشق في شهر أيار الماضي، التي تضمنت دعوة سورية رسمياً للمشاركة في مؤتمر موسكو إذ أشار لافروف خلال استقباله من قبل الرئيس الأسد إلى رغبة بلاده في عقد مؤتمر موسكو، واهتمامها بتحقيق سلام شامل وعادل على أساس القرارات والمرجعيات الدولية ذات الصلة. هذا في الوقت الذي أكد فيه الرئيس الأسد خلال هذا اللقاء، على ضرورة التحضير الجيد للمؤتمر وتحديدالغاية من عقده ومواقف الأطراف المعنية، ومدى التزام إسرائيل بالسلام واستحقاقاته.‏

كذلك زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان إلى روسيا في شهر حزيران ولقاءاته المسؤولين الروس، الذين دعوا مجددا إلى عقد مؤتمر موسكو، وتكرار ليبرمان تصريحاته، ومواقف نتنياهو الرافضة لمبدأ حل الدولتين وضرورات الاستجابة لرغبة المجتمع الدولي ومن ضمنه تصريحات الرئيس الأميركي أوباما فضلا عن جولة الرئيس الروسي ميدفيديف الإفريقية وتأكيده في القاهرة، خلال لقائه الرئيس المصري حسني مبارك ضرورة عقد المؤتمر الدولي في موسكو قبل نهاية هذا العام والتوافق الروسي- المصري حول أهمية المؤتمر واستحقاقاته وإعلان ميدفيديف من محطته المصرية ضرورة تعاون كل القوى لتحقيق السلام وانتهاء مرحلة الأحادية في التعاطي مع إشكاليات عالمنا.‏

نشير إلى هذا الحراك الروسي، الذي يأخذ بالحسبان المتغيرات الدولية الجارية وخاصة نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية وتبعاتها من جهة، والتزام أطراف اللجنة الرباعية مجددا بعملية السلام وخاصة الاتحاد الأوروبي من جهة ثانية ورغم أهمية هذه المتغيرات الدولية فإنه لابد من الإشارة إلى متغير سلبي عنوانه نتائج الانتخابات الإسرائيلية التي أفرزت حكومة إسرائيلية يمينية تتعاكس في طروحاتها وتوجهاتها مع رغبة المجتمع الدولي وترفض رسميا قرارات أنابوليس التي تنصلت منها عملياً الحكومة الإسرائيلية السابقة فضلا عن مواصلة سياسة التهويد في الأراضي المحتلة وخاصة في القدس الشرقية وتوسيع المستوطنات ورفضها للنداءات الدولية ومن ضمنها الأميركية المطالبة بوقف شامل وتام للاستيطان بوصفه إحدى العقبات الرئيسية أمام استئناف المفاوضات والوصول إلى حلول على المسارات التفاوضية العربية الإسرائيلية.‏

لقد أكدت الأطراف العربية مجددا التزامها بالسلام الشامل والعادل وأيدت بمجموعها مؤتمر موسكو الدولي الذي يفترض به أن يحدد الخطوات اللازمة لتحقيق هذا السلام وأن يمثل ضمانة دولية لتنفيذ القرارات التي يجب أن تستند إلى قرارات الأمم المتحدة والى المرجعيات الدولية ذات الصلة. كذلك الاستفادة من تجربة مؤتمر أنابوليس الذي لم تجد قراراته على نواقصها وعلاتها طريقها للتنفيذ بسبب كيفية التعاطي الإسرائيلي معها، ومن المتغيرات الدولية التي تصطدم مجددا وبشكل رسمي وعلني بالتعنت الإسرائيلي ورفضه مبدأ الحل الشامل والعادل.‏

وهذا ما نعتقد أن روسيا تأخذه بالحسبان في سياق التحضير لمؤتمر موسكو، وتاليا ماهية قراراته وضرورات التوافق الدولي حول أليات تنفيذها أيضا.‏

باحث في الشؤون الدولية‏

batal-m@scs-net.ovg

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية