تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


التشكيل الإسمنتي في الثقافي الفرنسي وهواجس تمرد الجيـل الجديـد

ثقافة
الثلاثاء30-6-2009
أديب مخزوم

«الاسمنت في التشكيل» عنوان المعرض الذي يقام في صالة المركز الثقافي الفرنسي بالتعاون مع محترف «شغل وفن» وبمشاركة أكثر من 130 شاباً وشابة بعضهم من خريجي كلية الفنون الجميلة، والبعض الآخر من المؤهلين للتخرج أو من العاملين في مجال الفن التشكيلي بالاعتماد على معطيات ومكتسبات الخبرات الذاتية والخاصة.

والمعرض يتضمن مجموعة واسعة من الأعمال المشغولة بمادة الاسمنت ضمن صياغات تشكيلية ارتجالية تقترب في أحيان كثيرة من أجواء الرولييف الجداري وتطلق إيقاعات الحركة الموادية «نسبة إلى المواد المختلفة» القادمة من إعادة تشكيل الأشياء المهملة المعدنية والخشبية والقماشية والزجاجية وصولاً إلى استخدام القش والقطع الملمومة والهامشية. وفي خطوات دمج التقنيات المختلفة في العمل الواحد تبرز إيقاعات دادائية متطرفة تعبر في النهاية عن مرونة العلاقة مع معطيات ثقافة فنون العصر وحداثتها التشكيلية المفتوحة على الزمن الراهن الذي تصطرع فيه الحروب العبثية المجنونة.‏

والعمل التشكيلي هنا يتجاوز حدود اللوحة وجمالياتها التقليدية ويحقق عناصر الصدمة البصرية ويظهر هواجس التمرد لدى الجيل الفني الجديد الذي يعايش أحداث الواقع الفجائعي في مرحلة الحروب المفتوحة، وبالتالي فالمعرض يشكل عودة إلى جذور التجارب الدادائية التي ازدهرت في أوروبا منذ عقود وجاءت في خطوات التعبير عن كوارث الحروب الكبرى في القرن العشرين. كما يأتي المعرض كردة فعل معاكسة لطرق استخدام الاسمنت التقليدية والتي تشير إلى مدى طغيان مساحات الباطون المسلح في مراحل التحول نحو العمارة الاسمنتية الحديثة التي تفتقر إلى فسحات خضراء، ومن أجل ذلك لا يمكن الدخول إلى جوهر التعبير التشكيلي المجسد في هذه الأعمال بمعزل عن قلق حياتنا المعاصرة، فالعودة إلى النقاء الفطري والإحساس الطفولي هو الصدى التعبيري البديل الذي يساهم في تحقيق إيقاعات التوازن في حياتنا العصرية المتوترة والمضطربة، وفكرة المعرض انطلقت من مشغل في سوق ساروجة قبل أن تقطف في هذا المعرض ثمار نموها وتمردها وثورتها المعبرة في النهاية عن تكسرات الأحلام في الأزمنة الراهنة، حيث لا مكان في هذا المعرض إلا لبقايا معطيات العناصر المهملة والمجمعة والمنثورة في فضاءات التشكيل الاسمنتي الحديث.‏

هكذا يساهم محترف «شغل وفن» في تسجيل ما يمكن تسميته بالملامح التشكيلية الجديدة، الأكثر حداثة وعصرنة ومغامرة وتعبيراً عن حدة تمزقات المجتمعات الاستهلاكية في الأزمنة الراهنة. فالمحترف تجرأ وشجع واحتضن وأطلق جماليات جديدة ومغايرة تتناسب مع طروحات أو نداءات العودة إلى المواد الخام المنفتحة على قضايا تعبيرية وجمالية متطرفة يمكن أن تلاقي القبول أو الرفض على أساس أنها تحتاج إلى حسياسة بصرية وثقافة آتية من متابعة مايجري في المحترفات والمعارض العالية.‏

والاسمنت على حد تعبير النحات مهند ديب صاحب فكرة ومؤسس محترف «شغل وفن» مادة مفروضة علينا ببشاعتها وبرودتها وشكلها المصطنع، ولقد اجتاحت الأحياء القديمة، وقضت على شاعرية العيش في الأمكنة الحميمة، وشكلت جدران الفصل العنصرية وسواها.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية