|
ضرورة اليسار العربي معاً على الطريق فالرأسمالية التي ظلت تعاني من شبح الشيوعية تنفست الصعداء اخيرا، وصارت تشيع الظلام في كل مكان غير مكترثة بأي شبح ،يزرع في روحها الخوف. واذا كان اليسار في العالم اليوم قد تعرض لهزيمة اشبه بالنكبة، ويبحث عما يبعث في روحه الحياة، وخاصة في دول امريكا اللاتينية وبعض دول اوروبا، فان الوطن العربي وطن الموات التاريخي للنهضات، يشهد سباتا يساريا مرعبا وكأن اليسار العربي لم يكن له ماضٍ وليس لدينا ارثا نتكئ عليه. دعوني انطلق من فرضيتي الآتية: ان عالماً معيشا بلايسار عالم لا يمكن العيش فيه، وبالتالي ان هناك ضرورة حياتية لاستعادة دور اليسار في عالمنا العربي. لماذا نتحدث عن ضرورة اليسار العربي؟ لسبب بسيط جدا ان لليسار قوة اخلاقية لايتمتع بها احد طرفي الانحطاط العربي. السلطة من جهة والرأسماليون الوسطاء« الكومبرادوريون» من جهة ثانية. هذه القوة الاخلاقية معبرة عن عشرات الملايين الذين تحرقهم النار الهمجية لعنصري الانحطاط. واليسار اذ يطرح قضايا البشر من منطلق القضاء على الاضطهاد الطبقي والمطالبة بعدالة اجتماعية والدعوة الى تقدم روحي بعيدا عن الاخلاق المنحطة للفئات الهباشة ،يطرح في الوقت نفسه القضية الوطنية والقومية بوصفها قضية الملايين، وعلى اساس المقاومة لكل اشكال التبعية والاحتلال، المقاومة الطريق الوحيد لتحرير فلسطين والقضاء على الكيان العنصري الصهيوني. اجل القضاء على الكيان العنصري الصهيوني، سيضحك الاغنياء الجدد الفرحون بثروتهم والحريصون عليها بكل الوسائل المدمرة للاوطان، ستضحك الابواق المدافعة عن الصلح مع العدو والخنوع. لكن امكانية ازالة العدو اكبر بكثير مما يظن هؤلاء. ضرورة اليسار العربي ضرورة لتجاوز الافق المسدود للحركات الاصولية التي لن تصنع تاريخا جديدا وسعيدا للعالم. ضرورة اليسار العربي ضرورة للتمرد على العالم المرفوض منا والمفروض علينا. اهمية ان يكون لدينا يسار الآن تنبع من المأزق التاريخي الذي وضعتنا به عقليات البدو ، عقليات القرويين، عقليات السّمانة وتجار المفرق والجملة. عقليات التائبين توبة نصوحة عن احلامهم بالحرية. اهمية استعادة اليسار لموقعه في هذا العالم العربي الخرب ، اهمية استعادة الحلم بعد موت المرجع- النموذج السوفيتي - حين يصل البشر الى المطالبة بحق الحياة يعني انهم فقدوا الحياة. هل تتصورون عالما بلا حق بالحياة. حين يصل البشر الى البحث عن قطيمة من الكرامة يعني انهم يعيشون حياتهم بلا كرامة ، هل تتصورون حياة بلا كرامة. عجبا من امر العرب ـ وحدهم الان بلا يسارـ يسار امريكا اللاتينية ينهض وهو على حدود الوحش الامريكي، وبلدان احوج ما تكون لليسار ضد الوحش الامريكي بلا يسار. عالم بلا يسار عالم يقول لمصاصي الدماء ، مصوا دماءنا كما شئتم بوركت انيابكم. نريد ان نستعيد الشبح على الاقل ،كي يخيف على الاقل ،كي نعيش على الاقل.
|