وسلطتي مطلقة على إرادتي
ودون تعذيب
أو إكراه
أو ترهيب
أو ترغيب
ودون قمع
أو تنكيل
أو ركل بالنعال
بأني المسؤول الأول والأخير
عمّا حدث
وعمّا يحدث
وعما سيحدث
وإني أتقبل أي عقاب من غير تذمر
أو اعتراض
وانسوا قوانين إلغاء عقوبةالإعدام
التي وضعتموها باسم حقوق الانسان
فأعطيتم للمجرم حرية ارتكاب الجرائم دون خوف
اشنقوني إذا شئتم
أو اقطعوا رأسي بالمقصلة
أو بسيف ذي حدين
واتركوها تتدحرج بين الأقدام
أو اصلبوني
واتركوا جسدي في الهواء
طعاماً للكواسر والجوارح من الطيور
لأني خرّجت من بين أكمام قميصي
آلاف القتلة والمجرمين والسفاحين
ومن عبي
آلاف المرتزقة والمنحرفين والإرهابيين
ومن مدارسي
الآلاف من المشعوذين وعميان البصر والبصيرة
وأنفقت الأموال بلا حدود
لتفريخ قطاع الطرق ومروعي البيوت الامنة
ووزعت بلا حساب
الكتب الصفراء والسوداء
على المهووسين بالخرافات
ليهجروا البيت والزوجة والولد والأرض
طمعاً في مكاسب السماء
• • •
اعترفت أني وراء الأبواب المغلقة
أقترف ولا أزال أقترف كل أنواع الموبقات
وأمام عدسات المصورين
أرتدي مسوح التعبد والتقوى
وأتصدق على المساكين وأبناء السبيل
ببضع دريهمات لا توقف جوعاً
وإني استغليت بيوت العبادة
لتلميع صورتي
وتبييض وجهي البائس
وأعترف بأني تركت السيوف
لا تتوقف عن قطع الأيدي
عن قتل الأطفال والعجائز والأمهات
وسرقة أموال اليتامى والأرامل
وعن تعميم البغض والكراهية والحقد
بين أبناء الوطن الواحد...
وأني كنت أحرك الأتباع والمحاسيب
ليسلخوا جلود ووجوه الفقراء
ويحفروا القبور الجماعية
للحالمين برغيف الخبز والحرية
• • •
أعترف بأني أمرت بتأسيس الجمعيات
على اختلاف مسمياتها وأنواعها
وأسهمت بنفوذي وجبروتي
في تدفق الأموال عليها تدفق مياه الينابيع
كأسراب الجراد أتوا
تاركين الشيكات المصرفية
والأموال النقدية والذهب
وتاركين أيضاً بيوضهم قبل أن يرحلوا
وكلما غاب واحد منهم
والمقصلة لا تهدأ
عن فصل الرؤوس عن الأجساد
وإني اشتريت الآلاف من أشباه مسرور
ممن هم كتل صمّاء قائمة كالرصاص
كما اقتنيت آلاف المنافقين وشهود الزور
ليقرؤوا الفاتحة على أرواح هؤلاء المفقودين
• • •
أعترف بأني هدمت أسوار المدن الحصينة
وفتحت أبوابها للغزاة والمحتلين والعابرين
وأني المحرض الأول لإشعال الحروب الأهلية
والمذهبية
والدينية
وأني المسؤول عن تدمير الجسور والمصانع والمخابز
وملاحقة الهاربين من القنابل والصواريخ
وتخريب الحدائق وقتل العصافير
عن خطف الأرواح على الهوية
وعن سبي النساء
المحصنات منهن والعاهرات
فقّست البيوض ألف ألف
بسحناتهم المعروفة أتوا
وبسحناتهم المعروفة رحلوا
ومن البيوض يخرجون بسحناتهم المعروفة
كانت حركاتهم تسحرني
كما تسحر الشاعر حركة العصافير في البساتين
فأغدق عليهم الأموال بلا حساب
حتى امتلأت صناديقهم
وانتفخت جيوبهم وحساباتهم المصرفية
والآن أعترف
بأني أرتعب منهم
كما ترتعب غزلان البراري من الأسود
لأني لم أكن أتصور أن أذاهم سيصل إلي
وأنهم سيهزّون عرشي
اهتزاز القصب في الماء
• • •
عندما أخلد إلى النوم
تلاحقني الكوابيس
وتنزل بي السيوف والسكاكين
والسواطير تمزيقاً وتقطيعاً...
فأنتفض مذعوراً ومخنوقاً من الرعب
وأرقص كالديك المذبوح على سريري
فأبسمل
وأرش الماء على وجهي
ولكن ما أستكين كبحيرة
بعد ليلة عاصفة
حتى أصرخ في عتمة الليل
يا سيّاف
كم يداً قطعت؟
وكم رأساً عن جسدها فصلت؟
وكم عبداً أو سيداً أخصيت أو أجببت؟