تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ثامنة الذئب

ملحق ثقافي
30/6/2009م
نزيه أبوعفش

الثامنةُ...،ولم يأتِ الضيفْ!

.. .. .. .. ..‏

.. .. .. .. ..‏

إن لم يأتِ الضيفُ فلا تحزنْ.‏

رتِّبْ مائدة َ الضيفِ على أحسنِ ما يهوى الضيفُ.‏

تبسَّمْ.‏

لَمِّع أفكارك بالموسيقى.‏

أقعدْ – في غيبتهِ- قدّامَ الضيفِ التعبان‏

وحَدّثْهُ عن الموسيقى.‏

واجعلْ كأسَ الضيفِ الغائبِ في متناولِ كفِّ الضيفِ الموشكِ.‏

وتَخَيَّلهُ كما ترغبُ: يضحكُ، يترنّمُ بالأشعارِ، يغنّي...،‏

ويعيدُ (كأنكَ لم تسمعها من قبلُ) رواية نكتةِ أمسِ المكرورةِ.‏

... واضحكْ للنكتةِ.‏

.. .. .. .. .. ..‏

.. .. .. .. .. ..‏

.. .. .. .. .. ..‏

ما أوجعَها ثامنةُ الذئبْ!‏

إن لم يأتِ الضيفُ الثامنةَ تماماً‏

فانتظرِ الضيفَ.. ولا تحزنْ.‏

إن لم يأتِ الضيف‏

فَعَلِّقْ مصباحَ حنانكَ قدّامَ البابِ‏

كمنْ يؤمنُ أنّ الضيفَ سيأتي.‏

إنْ لم يأتِ الضيفْ‏

فاسهرْ قدّام البابَ، على ضوء المصباحٍِ، وقلْ:‏

إنْ لم يأتِ الآنَ –الثامنةَ بتوقيتِ الذئبِ‏

فلا بدَّ..سيأتي بعد قليلٍ.‏

لكنْ، إحذرْ!‏

لا تطفئْ مصباحكَ.‏

لا تُقفلْ بابكَ.‏

لا تنعسْ وتَنَمْ...‏

فالضيفُ الطيّبُ، حين يصيرُ أمام البابْ‏

ويفكّرُ في طَرْق البابْ،‏

يأملُ ألّا يجدَ الناسَ نياماً.‏

الثامنةُ.. ولم يأتِ الضيفْ!‏

التاسعةُ ولمْ.....‏

عاشرةُ الذئبِ.. ولم يأتِ!‏

وقلبك يذوي تحت ظلامِ الموسيقى.‏

لكنْ .... إسمعْ! هل تسمعُ؟‏

ثمةَ وشوشةٌ تحملها الريحْ..‏

ثمةَ ناقوسٌ سرّيٌ تتلألأ رنّتُهُ في بالِ الريحْ‏

ثمةَ كلماتٌ تَحلُم أن تُروى‏

ثمة أشواقٌ ودموعٌ‏

ثمة ضيفٌ يحلمُ باباً وشراباً‏

ومصابيحَ مُضَوّاةَ بحنانِ الموسيقى...‏

ثمةَ رائحةُ عتابٍ.‏

ثِقْ: هذي ليست ريحاً،‏

ليست أصداء ظنونٍ،‏

ليست ممّا تغزلهُ أوهامُ الخائفِ من وحدتِهِ...‏

هذي خطواتُ الضيفْ‏

يتقدّم في أحلامكَ‏

إنْ لم يأتِ الضيفُ الآنَ...فلا تيأسْ.‏

لا تغضبْ! لا تتذمّرْ!‏

لا تَقُلِ: الضيف حقيرٌ، كذّابٌ، وثقيلُ الظِلْ.‏

لا ترفعْ طبقاً. لا تُبعدْ كأساً.‏

بل، فقط، انتظِرِ الضيفَ‏

وسامِرْهُ على ضوءِ الموسيقى.‏

مُدَّ لهُ الضحكةَ والوردةَ والبهجةَ والكفّين‏

وخُذهُ إلى صدركَ:‏

خذهُ إلى مائدةِ القلبِ‏

وداوِ تعاستَهُ بحنانِ الموسيقى.‏

إن لم يأتِ الضيف الآنْ‏

فابقَ على موعدهِ المأمولِ، وآمِنْ:‏

“إنْ لم يأتِ الضيفُ الآنْ‏

فسيأتي في الغدِ، أو بعدَ غدٍ،‏

بعدَ شهورٍ أو سنواتٍ،‏

وسيُفْرحه أنْ يجدَ الكاسَ مهيأةً‏

والموسيقى تَلمعُ في الظلِّ‏

وأنتَ على الموعد”.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية