وأعظم من اشتهر منهم كوراكس وتسياس، اللذين كانا أول من فكرا بتدوين الخطب. وحذا حذوهما بروتاغوراس وجورجياس، فافتتحا مجالس عمومية يعلمان فيها الخطابة، وذلك لقاء أجر، واتخذا لقب “سوفوس” أو “سوفست” أي الإنسان الحكيم الماهر في كل علم. ولكن السفسطائيين كانوا يدافعون عن كل دعوى صحيحة كانت أم باطلة، ويدعمونها ببراهين تثبت صحتها أو خطأها، فتملكهم الشك. لذلك فقد خرج خصوم أكفاء في مقدمتهم سقراط، ليثبتوا زيف دعاواهم.
ولد جورجياس عام 485 قبل الميلاد في ليونتيني في جزيرة صقليا وتتلمذ على زينون الإِليائي، وبعد أن زار اليونان أقام زمناً في تساليا. وفي سنة 427 ق.م انتدبه مواطنوه سفيراً في أثينا.
فتح مدرسة علم فيها البلاغة واشتهر كخطيب ومتحدث كبير، ويقال إنه مات معمراً نحو المائة عام في مدينة لاريسه في تساليا.
أهم مؤلفاته كتاب (اللاوجود) أو الطبيعة، الذي رد عليه أفلاطون وانتقده في كتابه “جورجياس وهبياس”.
كان جورجياس إِليائياً ومن قوله “لا يوجد شيء، وإن وجد فلا تمكن معرفته. وإن وجد شيء وأمكن معرفته فلا يمكننا تعريفه للآخرين”.
ويبرهن جورجياس على ذلك بأنه إذا كان للموجود وجوداً فيكون أبدياً وبالتالي لانهائياً. واللانهائي لا يمكنه أن يحتوي على شيء. فلا المحتوي هو ذات المحتوى عليه، ولا هو متضمن في شيء آخر لأنه لانهائي. فليس هو شيء ما، فإذن لا وجود له.
وإن أمكن معرفة شيء فهو العقل، والعقل لا يصير أبيض لمجرد معرفته البياض.
ولقد قام أفلاطون وأرسطو بنقد هذه الأفكار وتفنيدها.
ويؤكد التاريخ أن السفسطائيين الأشهر بروتاغوراس وجورجياس كانا ينكران حقيقة المعرفة. أما باقي السفسطائيين فكانوا أقل شهرة من الاثنين السابقين، ونذكر منهم:بولوس الأجريجنتي، وتراسيماك الخليكدوني تلميذي جورجياس، وكريتياس، وهبياس، وأوثديمس ومترودور، وبروديكوس.