إلا أن العقل الصهيوني لا تزال تعشش فيه الخرافة ويؤمن بنظرية التفوق الممزوجة بالقدرات الاسطورية الخارقة الممنوحة لليهود فهم يعتقدون أنهم شعب الله المختار الذين سيحكمون الناس أجمعين.
حيث يتهافت الآخرون لخدمتهم, ومن أجل الوصول إلى غاياتهم يستخدمون كافة الأساليب وعلى رأسها المال والجنس والفكر والانخراط في صفوف الاحزاب والقوى السياسية كي يقيموا امبراطورية على مستوى العالم تستقي مبادئها من تعاليم الصهيونية وتطلعاتها للحكم والاستبداد والسيطرة.
نظرية التفوق هذه دفعت بحاخام شاس عوفاديا يوسيف إلى التطاول على الله عز وجل لأنه خلق العرب من نسل اسماعيل حيث وصفهم بالافاعي الذين يريدون قتل اليهود.
وفي الأدبيات الصهيونية التي ترفع شعار (شلت يميني إن نسيتك يا أورشليم) ينظر إلى الشعب الفلسطيني على أنه مجموعة من رعاة الاغنام المتخلفين الذين لم يعرفوا الاستقرار طيلة وجودهم في فلسطين, وأن اليهود هم الذين حولوا الأرض من صحراء قاحلة إلى جنة خضراء وأمدوها بشرايين الحياة.
وفي معرض تناوله لشخصية الإنسان العربي, فإن يهو شفاط هركابي مدير المخابرات الإسرائيلية سابقاً عدد 28 صفة للإنسان العربي منها أنه شخصية انفعالية بليدة العقل لا يؤمن جانبها, وغير ذلك من الصفات التي تدل أن الإسرائيلي ينظر لشخصية العربي نظرة ازدراء.
وعبر عن هذا الازدراء رابين الذي وصف المفاوضين الفلسطينيين بأنهم جهلاء لا يعرفون شيئاً, وكان مطلوباً من الإسرائيليين في مثل هذه الحالة أن يقدموا لهم النصح والارشاد ويلقنوهم دروساً في التفاوض, وبيد الإسرائيلي أن يقرر علامة النجاح أو الرسوب.
سبقه إلى ذلك اسحاق شامير الذي استخف بالعقل العربي على طريقته الخاصة حين قال: إنه يعمل لإطالة أمد المفاوضات إلى عشرات السنين, وهذه النظرية الشاميرية التزم بها نتنياهو وباراك وشارون.
فمنذ مؤتمر مدريد لم يتحقق شيء يذكر على مستوى القضايا الجوهرية, وكل ما سعى إليه (الإسرائيليون) هو تصفية القضية الفلسطينية.
وقد مارست (إسرائيل) نظرية التفوق العرقي عبر الاستهتار بقرارات الأمم المتحدة حيث لم تنفذ أياً من هذه القرارات واعتبرتها حبراً على ورق, زد على ذلك, ترفض (إسرائيل) أن تحمل نفسها أي مسؤولية عن مأساة اللاجئين.
وتصل الغلواء الصهيونية ذروتها حين ترفض (إسرائيل) رسم حدودها, وتعتبر هذه الحدود مفتوحة وهي آخر نقطة يقف عليها الجندي الإسرائيلي, وكأن البلاد مستباحة لهم والعباد مسخرون لخدمتهم, وتلجأ إلى تسويق هذه النظرية بحجة الأمن تارة, والأكاذيب الدينية بأن فلسطين أرض الميعاد تارة أخرى.
ولا تتردد الصحف الإسرائيلية في اعطاء صورة دقيقة للبطش والاضطهاد الصهيونيين بالفلسطينيين, ولا بالتفرقة العنصرية الواقعة عليهم.
فعلى سبيل المثال, أصدرت منظمة (بتسليم) وهي من أبرز جماعات الدفاع عن حقوق الإنسان في (إسرائيل) وثيقة جديدة تدمغ ممارسات (إسرائيل) بالعنصرية ضد الفلسطينيين, عنوانها الطرق الممنوعة نظام طرق الضفة الغربية العنصري.
وقد جاء فيها أن (إسرائيل) تقيد حرية التنقل في 41 طريقاً أو جزءاً من طرق في الضفة الغربية والتي يصل إلى حوالى 700 كيلو متر.وهذا النظام ينطبق على الفلسطينيين وحدهم, فالسيارات الإسرائيلية يسمح لها بالحركة دون أي قيود على هذه الطرق.
إن إسرائيل تحاول التشبث بالأرض وبناء المستوطنات واستقدام المهاجرين الجدد دون اكتراث لوجود السكان الأصليين, وهي تسعى للسيطرة على أسواق المنطقة, بل وصلت الهستيريا الصهيونية مرحلة متقدمة وهي تسحق الأطفال والعجائز بالدبابات, وتلوح بعملية ترانسفير جديدة يتم من خلالها القذف بالشعب الفلسطيني في الضفة وغزة إلى المتاهات والمنافي.