إن ارتفاع نسبة الكوليسترول وارتفاع ضغط الدم، والتدخين والخمول، هي عوامل يمكن أن تشكل خطورة كبيرة على صحة القلب، وخاصة إن اجتمع اثنان منها أو أكثر لدى المريض.. لكنها كلها عوامل يمكن التحكم بها، إن فهمها المريض جيداً، وعمل على تجنبها.
الكوليسترول:
الكوليسترول مادة بيضاء طرية لا طعم لها ولا رائحة، موجودة في الدم وجميع أجزاء الجسم، فجسم الإنسان بحاجة إليها كي يعمل بشكل طبيعي.
ويستخدم الكوليسترول في بناء الخلايا، إذ نجده في غشاء خلايا الدماغ والأعصاب والعضلات والجلد والكبد والأمعاء والقلب، كما يستعمل الكوليسترول لإنتاج هومونات عدة وفيتامينات والمادة الصفراء التي تساعد على الهضم.
إذاً الكوليسترول هي مادة لا غنى للجسم عنها، ومع ذلك فإن الشيء إن زاد على حده انقلب إلى ضده، فمادة الكوليسترول إن زادت على مستواها الطبيعي في الدم تتراكم على مستوى جدران الشرايين، وخاصة شرايين القلب التاجية، وتسبب خثرات أو صفائح دهنية يزداد سمكها مع مرور السنين، فتسد الشريان وتؤدي إلى تصلبه.. وليس هناك شريان في الجسم يمكن أن نقول إنه بمنأى عن التصلب، الذي يسببه ارتفاع مستوى الكوليسترول في الدم،
ارتفاع ضغط الدم:
يتغير الضغط الشرياني بتغير إيقاع القلب، فعندما ينقبض القلب، ويدفع الدم إلى الشرايين يكون الضغط عالياً، وعندما يرتخي القلب ويمتلئ بالدم القادم من العروق يكون الضغط أقل.. لهذا عندما يقيس الطبيب ضغط دم المريض يستعمل رقمين، مثلاً 12/8، حسب السنتيمتر الزئبقي، وارتفاع ضغط الدم الشرياني هو عندما يكون الضغط داخل الشرايين مرتفعاً، أي ابتداء من 14/9.
وتماماً مثل ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم يؤثر ارتفاع الضغط الشرياني في جميع الشرايين، وهو يساعد على ترسب المزيد من الدهون على جدرانها، ما يؤدي إلى نتائج ارتفاع الكوليسترول نفسه، إضافة إلى هذا وذاك، فإن ارتفاع ضغط الدم يدفع القلب بسبب المقاومة الكبيرة التي تبديها الشرايين إلى مضاعفة مجهوده، فيتعب القلب بسرعة، ما يؤدي إلى ضعفه ويزيد الوضع سوءاً.
هناك بعض الأعراض الخفيفة التي يمكن أن تكون مؤشراً عن الإصابة بارتفاع ضغط الدم، مثل صفير في الأذن، وصداع في الرأس، عند الاستيقاظ صباحاً، ورؤية خيالات أمام العين تشبه بالذباب الذي يطير في الهواء، لكن في الغالب ليس هناك أي مؤشر أو علاقة تبين أن المريض مصاب إلى أن يفوت الأوان، لهذا يقال عن مرض ارتفاع ضغط الدم إنه القاتل الصامت.. والوسيلة الوحيدة لاكتشافه هي قياس ضغط الدم بشكل منتظم.
التدخين:
يعتبر التدخين تهديداً كبيراً لصحة الشرايين، مؤدياً إلى احتشاء عضلة القلب، ويهدد شرايين الساق بالتصلب، وهو أمر أكثر المصابين به من المدخنين، ويهدد الشريان الفقري بالشلل، كما أنه يزيد من تراكم الكوليسترول على جدران الشرايين، وتزيد مادة النيكوتين من سرعة نبضات القلب..
وغالباً ما يجد أطفال الأشخاص المدخنين أنفسهم مضطرين إلى تحمل تبعات تدخنين الأب والأم، وأحياناً يحصل هذا حتى وهم في بطن أمهاتهم وقبل ولادتهم، حيث يتحمل الجنين تبعات تدخين الأم.
أما في مرحلة المراهقة، فإن المراهق يجد نفسه معرضاً لإغراءات الحملات الإعلانية عن السجائر، التي تطلقها شركات التبغ بحثاً عن أجيال أخرى من الزبائن المدخنين.
إضافة إلى سلبيات التدخين العامة، التي تصيب الجنسين بالتساوي، فإن هناك أضراراً أخرى للتدخين تصيب المرأة المدخنة على الخصوص، حيث تكون هذه الأخيرة معرضة لأخطار خاصة بالنساء دون الرجال، مثل تدهور مستوى الخصوبة، ولادة أطفال ضعاف المناعة أمام الأمراض.
الخمول:
أصبح الإنسان اليوم يعيش في عصر الخمول والكسل، فالكثير من المهام التي كان يقوم بها في السابق اعتماداً على مجهوده العضلي، أصبحت الآلات تقوم بها أو بجزء منها نيابة عنه، وأبسط مثال على ذلك هو ركوب السيارة بدل المشي، وامتطاء المصعد بدل صعود الدرج، حتى وسائل اللعب أصبحت تشجع على الخمول بدل الحركة.
ومن دون بذل مجهود بدني منتظم تفقد عضلة القلب قوتها على الانقباض والارتخاء، وبالتالي يتلقى الجسم كميات أقل من الدم، أي إن كميات أقل من الأوكسجين تصل إلى باقي أعضاء الجسم والعضلات والدماغ، وتجد القلب يعاني كثيراً، وينبض بسرعة عند القيام بأي مجهود عضلي، لأنه لم يعد معتاداً إلا على الخمول، لهذا ينصح الأطباء كل شخص بالمواظبة على ممارسة أي نشاط بدني بشكل منتظم، لأن ذلك يقوي عضلة القلب ويعطيها دفعة كبيرة من النشاط والقوة، ولا ننسى أن القلب، الذي يحوي عضلات قوية سيقوم بأداء أفضل، ويضخ دماً أكثر، ولمدة أطول مما يقوم به قلب خامل.
الدكتور فاروق الجندلي
الاختصاصي بالأمراض الداخلية والقلبية