تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أتأكل لحم أخيك?!!

عيادة المجتمع
الاحد 10/12/2006
تحقيق فاتن دعبول

النميمة أطلق عليها صفات عديدة فهي تاره وباء وتارة أخرى هي آفة تنخر في أساس العلاقات الإنسانية فتجعلها واهية تنهار عند أي صدمة وهي بالنهاية مرض اجتماعي أخلاقي يحمل آثارا خطيرة فيما لو ترك بعيدا عن العلاج..

اسم شهرتها النميمة وتعني نقل الكلام بين طرفين بغرض الإفساد وتنم عن ضعف في النفس البشرية ثقافيا واجتماعيا وتسعى لقلب الموازين وتقليص روح السلام والمحبة والتآخي بين الناس .‏

أشد من القتل‏

وقد استطلعنا آراء عينات وشرائح اجتماعية متنوعة حول هذا الموضوع الخطير لإلقاء مزيد من الأضواء حول هذه الظاهرة, يقول جلال سلمان البياع إن الأسباب ربما تعود لأمور عدة منها الفراغ وعدم التنشئة السوية وأحيانا لعدم التعليم وقد يلعب العامل الاقتصادي دورا مهما من خلال البطالة ووجود مساحة واسعة من الوقت للاهتمام بجمع الأخبار والنميمة مرض معد لما نحمله من الموروث في مجتمعاتنا العربية, فعندما تجتمع مجموعة من الفتيات وأحيانا الشبان يبدؤون بنبش أسرار الناس وهذه ظاهرة لها مخاطرها التي لا يستهان بها وكما يقولون ( الفتنة أشد من القتل) لأنها تشوه العلاقات بين الناس وتسبب العداوة بينهم وخسارتها لا تعود على الفرد فقط بل على المجتمع بأكمله وبرأيي أنه لو استغل هذا الوقت لمصلحة المجتمع لأحدثنا نوعا من التقدم على جميع المستويات..‏

حصاد مر‏

تقول سمر دباس مدرسة: أهم أسباب انتشار هذه الآفة هو غياب الوازع الديني فقلما نجد مجلس نميمة ويحاول أحد الحضور تغييره حتى لو كان بالقلب أضعف الايمان ..‏

والأمر الذي يبدو أكثر خطورة هو أن هذه العادة أكثرها انتشارا بين النساء اللواتي هن أمهات يحملن أمانة التربية الصالحة وبالتالي سوف تكون النميمة من الأمراض الوراثية التي تنتقل من الآباء إلى الأبناء وسوف ترد على صاحبها وبالاً شديدا وأذكر قول الشاعر:‏

لسانك لا تذكر به عورة امرئ فكلك عورات وللناس ألسن.‏

الفراغ والغيرة.. أداتا النميمة‏

السيدة روعة ربة منزل: تذكر أن الفراغ هو السبب وراء هذه الظاهرة فالناس على سبيل المثال تتحدث للتسلية وقضاء الوقت وربما تكون الغيرة من الآخرين وخاصة عند تفوقهم المادي والاجتماعي والذي غالبا ما يتهم صاحبه بعدم النزاهة لأن اعتقادهم أن الطريق النزيه لا يوصل إلى الثراء والغريب أن النميمة قد تصل إلى أشخاص لا يعرفهم النمام شخصيا وإنما يدفعه حقده عليهم لتشويه صورتهم والتقليل من نجاحهم..‏

علاء علي مهندس كنا نرى هذه العادة السيئة تتفشى بين النساء لكننا اليوم لانجد اختلافا بين الجنسين ففي أحيان كثيرة أكون جالسا مع اصدقائي فلا أجد شيئا يتحدثون عنه سوى الحديث عن فلان والاساءة إلى علان ولا تفلح معهم اي محاولة لتغيير الحديث بل ربما يتحول النقاش إلى اصطدام بالكلمات...‏

كمن يأكل لحم أخيه‏

د. عبد الرزاق المؤنس يقول:‏

حذرت الأديان من تفشي هذه الظاهرة لأنها تورث العداوة والبغضاء بين الناس قال تعالى:( ..ولايغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه)..‏

وفي الحديث الشريف :( كل المسلم على المسلم حرام.. دمه وماله وعرضه) فهي اذا حرام شرعا لأنها تنقل أخبار السوء بين الناس فتشيع بسببها الفاحشة والعداوة والبغضاء وسوء الظن واتهام لبعضهم البعض بالباطل وهي بعد ذلك تفشي أسرار الناس وهي من الأمانة ويتفرق بسببها الأصدقاء والأحبة وربما تبنى عليها مواقف تفسد بين المرء وزوجه وبين افراد الأسرة الواحدة وأحيانا تخل العلاقة بين اصحاب الاعمال وخصوصا عندما يتناول هذا الأمر الناس مرضى النفوس وما أكثرهم..‏

ونستذكر هنا حادثة ذكرها الرسول (ص) عندما مر على قبرين فقال:( إنهما ليعذبان أما أحدهما فكان يعيش بالنميمة)..‏

لذا عد الفقهاء أن نقل الكلام السيئ بين الناس هو من الكبائر ويستوجب حد القذف وهو الجلد ثمانين جلدة اذا تناول به خصوصيات الناس وأعراضهم.‏

لحظة صدق‏

هل ننم اذا كنا تحدثنا عن النميمة ودعونا للتخلي عنها وسؤال آخر نطرحه على أنفسنا ألا وهو: هل نحن قادرون على الوقوف في لحظة صدق أمام أنفسنا بلا نميمة..?!!‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية