بغية تحليل واقع القطاع الزراعي والأمن الغذائي وآفاق تطوره في سورية وتحديد المتطلبات والسبل لاستدامة التنمية الزراعية وتحقيق الأمن الغذائي, فعلى الرغم من أن سورية استطاعت تأمين الاكتفاء الذاتي من الحبوب والمحاصيل الاستراتيجية ويساهم القطاع الزراعي ب26% من اجمالي الناتج المحلي ويعمل حاليا ما بين 26-30% من اليد العاملة, كما تشكل المنتجات الزراعية 16-22% من مجمل الصادرات السورية, ولكن لا تزال الزراعة تواجه الكثير من الصعوبات والتحديات التي تعيق استمرارية وتطوير نجاحاتها لتواجه متطلبات النمو السكاني والتطور الاجتماعي والاقتصادي المطّرد وتحقيق الأمن الغذائي المستدام ولا يخفى على أحد الدور الذي تعلبه الزراعة في توفير الغذاء والأمن الغذائي والتخفيف من وطأة الفقر, الأمر الذي ينسجم مع الأهداف الثمانية للتنمية الألفية التي التزمتها دول العلم في مؤتمر قمة الأمم المتحدة للألفية في أىلول 2000 ومن ضمنها سورية.
ضمن هذا المنظور الشمولي حددت للمؤتمر ثلاثة محاور تغطي طيفا واسعا من المواضيع الزراعية حيث تم عرض 188 ورقة علمية تقدم بها باحثون من سورية وست وعشرين دولة عربية شقيقة وأجنبية صديقة وكذلك من خمس منظمات عربية ودولية.
المحور الأول: محور الواقع الراهن للموارد الزراعية في سورية
وقد تنوعت أوراق هذا المحور لتغطي ستة مواضيع أساسية: موارد الأراضي-الجفاف وملوحة التربة-الثروة الحيوانية-الثروة السمكية-الغابات والمراعي-التنوع الحيوي النباتي.
وقد تحدث د.أمير ابراهيم رئيس جامعة تشرين في محور الثروة السمكية في محاضرته (تطوير وتنسيق السياسات والتشريعات الخاصة بحماية الثروة السمكية) الى أن المخزون السمكي في المياه المالحة السورية يعاني من الاجهاد الكبير لأسباب عديدة, الى جانب ذلك تفتقر البلاد الى الاستزراع السمكي البحري رغم توفر المناخ الملائم لذلك ورغم الايجابيات الكبيرة التي يتمتع بها هذا الجانب من الانتاج, كما أشار الى أن تطبيق معظم نصوص حماية الأحياء المائية ما زال دون المستوى المطلوب, كما أشارت الدكتورة وعد صابور في محاضرتها مصادر الثروة السمكية والتنوع الحيوي في المياه البحرية السورية اللبنانية الى أن الحياة البحرية السورية وهي امتداد للمياه اللبنانية لها خصائص هيدرولوجية وبيولوجية متشابهة وإن عددا كبيرا من الأسماك والأحياء البحرية مهددة بالانقراض نتيجة الصيد الجائر واستنزاف المخزون السمكي واستثمارها بطريقة عشوائية, كما أن عددا كبيرا من الأنواع ومن المنظومات الشاطئية يتعرض للتخريب بسبب الملوثات العضوية والصناعية والنفطية والزراعية التي تصب مباشرة على الشاطىء أو بسبب الانشاءات البحرية, أما ازدياد الأنواع المهاجرة واستيطانها في مياهنا الساحلية فيدل على تغير عام في المناخ ينعكس على خصائص المياه البحرية وميلها الى الخصائص الاستوائىة.
كما أشار الدكتوران أنور الابراهيم وعبد الله باري في بحثهما المصادر الوراثية للتين في القطر العربي السوري الى أن زراعة التين قد شهدت انحسارا في المساحات المزروعة خلال العقود الثلاثة الماضية إذ انخفضت المساحة من 21629 هكتارا عام 1970 الى 9960 هكتارا عام 2003 وهذا يدل على أن هذه الزراعة تعاني من مشكلات عديدة أدت الى عزوف المزارعين عن الاستمرار في زراعة التين وتجديد بساتينهم بأنواع ثمرية تجارية أكثر ربحا كالزيتون مثلا وبالنظر للقيمة التاريخية لهذه الشجرة يمكن إعادة هذا المحصول على خارطة الزراعة السورية وتفعيل دوره الاقتصادي والاجتماعي وايجاد مكان للتين السوري في الأسواق العالمية.
المحور الثاني: استشراف مستقبل الزراعة في سورية والعوامل المؤثرة فيه
وتوزعت أوراق هذا المحور حول كفاءة استخدام المياه-التسميد-الآفات الزراعية والمكافحة الكيميائية والحيوية-المحاصيل-البستنة-التقانات الحيوية والسلامة الاحيائية-التصنيع الزراعي وقضايا التسويق.
وضمن هذا المحور تحدثت المهندسة ندى ملحم والمهندس وجيه الموعي في محاضرتهما (تأثير الأصول المختلفة على نمو انتاجية ومواصفات ثمار بعض أصناف الحمضيات تحت ظروف البيئة المحلية) على ضرورة دراسة وانتخاب أصول مناسبة لأصناف الحمضيات المختلفة لتؤدي الهدف المرجو منها وهو زيادة الانتاج في وحدة الساحة وإعطاء أفضل المواصفات للثمار في أنسب الأوقات التي تمكننا من دخول الأسواق العالمية في الوقت والكمية والصنف والمواصفات المناسبة لهذه الأسواق والتصدي لكثير من المشكلات البيئية والمرضية.
المحور الثالث: الأمن الغذائي والتنمية الزراعية المستدامة
وتضمن المحور مواضيع حول مفاهيم ومتطلبات -معوقات التنمية الزراعية المستدامة-التلوث البيئي-دور التنمية الريفية في استدامة الانتاج الزراعي-بناء القدرات اللازمة للتنمية الزراعية المستدامة في سورية.
وضمن هذا المحور أشار الدكتور عبد الرحمن المشيلح من السعودية في محاضرته (التلوث البيئي في المبيدات وأثره على المنتجات الزراعية وصحة الانسان) إلا أن هناك قصورا في القوانين الصارمة الخاصة بتنظيم تسجيل وتداول المبيدات وكذلك نقص البرامج الارشادية لمستخدمي المبيدات, ولذلك لا بد من معرفة مراحل تقويم مخاطر المبيدات والتأثيرات الضارة لها حتى يمكن تجنب أضرارها.