بحسابات الغرب, لا يمر اسمها إلا ويتذكر الناس العديد من الأسماء والأحداث والمؤتمرات والصفقات والثوار ذلك أنها تجسد تاريخاً (زاخراً) في النضال من أجل الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان كما يتذكر الكثيرون الكونترا التي دعمها الرئيس ريغان بواسطة الديبلوماسي الأميركي المعروف جون نغرو بونتي الذي كان يقود المخابرات الأميركية في أميركا الوسطى في السبعينيات والثمانينات ويقوم بالانقلابات لصالح أميركا في المنطقة كلما اتيحت له الفرصة وهو اليوم يشرف على أعمال المخابرات الأميركية جميعها بعد أن كان سفيراً في بغداد, وأميركا بوجه خاص كانت ولا تزال لا يخفى تاريخ تعاملها الانتهازي مع كل دول أميركا الوسطى وبخاصة مع نيكارغوا (الراية).
الآن أميركا الوسطى والجنوبية وكل منطقة الكاريبي تهتز تحت وقع خطوات نظم مستجدة بأطروحات جديدة وبوسائل ديمقراطية حقيقية.. في نيكارغوا كانت أسرة سوموزا غارسيا الدكتاتورية تخنق أنفاس الشعب طيلة أربعين عاما لصالح الاحتكارات الأميركية وشركات الفواكه الأميركية حتى أزالتها ثورة الساندينستينيين في عام 1979 تحت قيادة دانييل أورتيغا الذي أجرى أول انتخابات ديمقراطية كانت نتيجتها ليست في صالحه, بعد أن سالت الأموال الأميركية في أيدي ضعاف الوطنية, تقبل أورتيغا الأمر وظل يدخل الدورات الانتخابية المرة تلو الأخرى دون أن يفوز فيها, اليوم اشارت كل الوقائع إلى أن الأمور في كل أميركا اللاتينية تسير بعكس ما تشتهي وتريد أميركا, فبعد أن فاز المرشح العمالي ايناسيو لولا دا سيلفا في البرازيل وهوغو شافيز في فنزويلا اولانتا اومالا في بيرو وفي بوليفيا ايفو موراليس وكلها قيادات صعبة المذاق على اللسان الأميركي.
اليوم يأتي الوجع الأكبر عندما عاد دانييل اورتيغا عبر الانتخابات الحرة المراقبة دولياً إلى الحكم في نيكارغوا التي طالما جاهدت أميركا وعملاؤها من عصابات الكونترا في حبسها داخل الحظيرة الأميركية, لتبدأ مرحلة جديدة في تلك القارة ويتم تحقيق الانجازات وتزدهر الديمقراطيات في أميركا الوسطى وستظل نيكارغوا القوية الفخورة بثوارها, وما تعرضت له طيلة السنوات المنصرمة, دليل ساطع على فشل السياسة الأميركية في هذه القارة البكر بعد ستة عشر عاماً من التمرد عليه بدعم أميركي, يعود دانييل أورتيغا, مجدداً رئيساً لنيكارغوا, عن طريق صناديق الاقتراع, وهذه صفعة سياسية أخرى, لسياسة واشنطن المتغطرسة, التي تواجه تزايداً ملحوظا في سيطرة اليسار المناهض لها, في دول أميركا اللاتينية,, عن طريق الانتخابات الديمقراطية, التي تزعم الإدارة الأميركية أنها تحمل رسالة نشرها في العالم.
المراقبون الذين يعرفون أورتيغا يخشون أن يؤدي الضغط الذي قد تمارسه واشنطن عليه إلى دفعه للتصرف بشكل قد يضر بمصالحها, ويوضح (سيرجيو راميريز) الذي خدم كنائب رئيس في أواخر الثمانينات تحت حكم أورتيغا: إن أسوأ ما يمكن أن يحدث إذا ما قام اورتيغا بمد يده لبوش ورفضها الأخير هو أن يكون رد أورتيغا على ذلك بالقول.. حسنا ما دام أن الأمر كذلك فسوف أمد يدي لشافيز.
سفير سابق