فالمسلسل يقف على ضفاف النظرة السطحية للعمل الوثائقي, وبالتالي فهو يقدم المواد الخام بطريقة مفككة, وبعيدة عن المنطق , دون القدرة على تقديم المعطيات اللازمة التي تساعد في عملية تأكيد الواقعة او ترسيخ القيم الفنية والثقافية.
وبالتالي فهو يعطي المشاهد ما لا يمكن ان يتوقعه عن اسطورتين من اهم اساطير الثقافة الشعبية العربية المعاصرة, وهما عبد الحليم حافظ وسعاد حسني , ويرتكز على مظهر الاثارة السريعة, والانتقال من فضيحة الى اخرى, حتى في الحلقة الواحدة.
لن نتطرق كثيرا لدور منى زكي التي لعبت دور السندريللا بحساسية تمثيلية كبيرة, نابعة من فهمها العميق لشخصية سعاد حسني, ولهذا فالعمل يمنحها القدرة على الاستمرار في خطواتها الفنية المستقبلية كواحدة من ابرز فنانات جيلها. فهي رغم سقوط العمل من ناحية الخروج عن النص المكتوب تبقى صاحبة اداء مؤثر وكنت ولا ازال معجبا بحركاتها الرشيقة والواثقة امام عدسات المصورين, حتى انها وفي كثير من الاحيان تبدو قادرة على رسم اجواء ابداعية في خطوط تعابير وجهها اثناء الاداء التمثيلي العفوي والتلقائي, حيث استطاعت ان تنقل التلاقي التام بين مظهرها الشكلي ومظهر سعاد حسني على اقل تحديد, في حين تبقى اشكالية العلاقة بين السيناريو الدرامي والافتعال الاخراجي هي الاكثر عرضة للنقد في خطوات التماس الصورة الافتراضية لحياة السندريللا التي جاءت في المسلسل بعيدة كل البعد عن الاحداث الحقيقية التي تؤرخ لمسيرتها الفنية والحياتية.
والعمل على هذا الاساس يكون قد دخل في دائرة الاجتهاد والتأويل وطرح بالتالي اشكاليات عديدة, لاتزال تثير ردات فعل متباينة وعنيفة جدا حول حياتها, وهذا ما افقد العمل وحدة نسيجه المتكامل وابعده خطوات عن مسالك الاقناع والابداع.
ويمكن القول إن المسلسل دخل في الارتجال والتسرع والعبث في ارتكازه على معلومات غير مؤكده اشيعت حول السندريللا ولذلك فهو يأخذ الاشاعة ويمنحها المصداقية بدلا من الارتكاز على معطيات الواقع والمعلومة الموثقة والمؤرخة.
فالمسلسل على سبيل المثال يمنح اشاعة زواج عبد الحليم حافظ من سعاد حسني كل المصداقية, ويجعلها حقيقة واقعة, متجاهلا بذلك اختلاف الاراء حتى الساعة, حول هذه المسألة, ونفي اسرة عبد الحليم لها, ولو اعتمدنا على معطيات الاحتمال , فاين الحقيقة في ظل غياب الشهود من الذين عايشوا العندليب والسندريللا في تلك الفترة.
والمسلسل يفتح ملف قصيدة لاتكذبي التي غنتها شقيقة السندريللا المطربة الكبيرة نجاة الصغيرة على باب التأويل ايضا, لاسباب تسويقية خالصة, تعزف على اوتار الفضيحة , من خلال نسج علاقة عاطفية افتراضية بين مؤلف الاغنية الشاعر كامل الشناوي والمطربة نجاة الصغيرة, حتى ان الاخيرة قد اقامت هي الاخرى دعوى قضائية في سياق عشرات الدعاوى المقامة حاليا ضد المنتج والمخرج معتبرة ان المسلسل يتهمها بالخيانة وبتعدد العلاقات.
كما ان المسلسل يقدم ثلاثة من كبار الرموز الفنية والثقافية ( صلاح جاهين وعلي بدرخان وحسام الدين مصطفى) بأداء تمثيلي هزيل للغاية ينطلق من مظهر التهريج ( المولييري النزعة) الذي يصل إلى حدود التعبير الكاريكاتوري, حتى ان الاخير يصاب بالجنون في المسلسل. اضافة إلى تشويه صورة شخصيات ثانوية ظهرت في بعض الحلقات مثل زبيدة ثروت وفطين عبد الوهاب, الذي يتقمص شخصية مغايرة للواقع شأنه شأن شخصية زبيدة لدرجة اثارت استياء المشاهدين واسر الفنانين.
ونشير إلى أن المنتج قد تبرأ من السيناريو واتهم الاخرين بالخروج عنه, بهدف الاساءة لبعض كبار الرموز الفنية والثقافية وتحقيق مكاسب تجارية, ويصف التشويه بالكارثة التي وصلت إلى حدود حذف اكثر من ثلثي المشاهد, ومؤكدا ان التزوير اخذ عدة اشكال , من ضمنها كتابة كاملة لمواقف ومشاهد واحداث جديدة, ليست موجودة في النص الاصلي, واكثر من ذلك يؤكد ان الحوار قد تغير بنسبة 70 % واتى في سياق الخطوات الرامية الى تعبئة ساعات البث التلفزيوني بالأعمال المثقلة بالعبثية والسطحية.