تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ملحمة الرامايانا.... إلياذة الهند

كتب
الاربعاء 27/6/2007
إذا كان للاغريق أن يفخروا بملحمتي الإلياذة والأوديسة فإن للهند أن تفخر بملحمتي الرامايانا والمهابهاراتا.

لما حوتهما هاتان الملحمتان من عقائد وأساطير ساهمت في تكوين نظرتهم الى السيادة وعواطفهم وسلوكهم الاجتماعي رسمت لهم عقائدهم وطقوسهم وأساليب عيشهم حتى تنتهي بهم الحياة على نحو ما ترضاه لهم عقيدتهم.‏

وهذه ميزة اشتهرت بها الهند كونه لآدابها وملاحمها الأثر الواضح في ثقافة الهندوس, فهم يتعلمون من أبطالهم,ويجلونهم ويرون فيهم القدوة التي تحتذى, ولو أن ذلك في واقع الحياة أمر لا يدرك.‏

إنما يظل اطاراً يحكم هؤلاء القوم وعاداتهم وتقاليدهم وعالم أفكارهم وحياتهم الروحية وآدابهم وفنونهم الى اليوم.‏

تعد الرامايانا الأشد نفوذاً من رديفتها المهابهاراتا,وأبعد أثراً,ذلك أن الهندوس يتخذون من الرامايانا وأبطالها وأحداثها المثال الذي يقتدون به في حياتهم والمعيار المعتمد في ادراك أسرار الحياة والموت أيضا ومن المعروف أن أهل الهند أشد اقبالاً على الرامايانا لأن الرامايانا- كما يقولون- تصور الحياة في شكلها الأمثل على حين المهابهاراتا تقدمها كما هي في واقعها والملحمتان كلتاهما من نتاج شمال الهند,قبل ألفي سنة (ق.م) والرامايانا ,تقدم لنا لمحة عن مجتمع الهند وترسم صورة لتكوينه وطبقاته ومؤسساته,والأحوال السياسية,والاقتصادية والمفاهيم السائدة فيه.‏

ونظرته الى الانسان ومبرر وجوده وعقائده الدينية وطقوسه وتنسب هذه الملحمة الى الشاعر البراهمي فالميكي,المسمى الشاعر الأول, بسبب وضعه الملحمة في قالب شعري لم يكن معروفاً قبله.‏

الرامايانا,قصة حب عذبة حافلة بالأحداث العجيبة والخوارق المذهلة وتدور في أجواء اسطورية أحداثها متصلة بلا انقطاع وإن حفلت بالقصص الفرعية قصد بها صاحبها أن توضح شخصية ظهرت أو حدثاً عرض.‏

وتدور القصة حول مآثر الأمير راما الذي نفاه والده ملك أويوديا,بتدبير من زوجته,ليتولى ابنها العرش بدلاً من الأمير راما ولي العهد,ويمتثل راما كما يقضي الواجب وتتبعه زوجة سيتا وأخوه لكشمانا ويأخذ في التجوال في الغابات ,في الجنوب.‏

وهو لا يدري أن ذلك كله من تصاريف الآلهة التي شاءت له وفيه الكثير من روح القداسة,أن يحمي النساك والبراهمة في الغابات من شر العفاريت التي دأبت على افساد الخلوة عليهم وتدنيس معابدهم وفي النهاية تم له القضاء على ملك الراكشا-العفاريت- رافانا الشرير..‏

فراما يمثل الخير المطلق وصراعه هو صراع مع الشر المطلق الذي تميثه رافانا ذو الرؤوس العشرة,اشارة الى قدراته العقلية العظيمة,ويبدأ هذا الصراع مع اختطاف رافانا سيتا,ويتخذ عنذئذ أبعاداً أسطورية,وكل يحشد له الحشود ويعقد من أجله التحالفات التي تدخل فيها كل المخلوقات والآلهة بطبيعة الحال .‏

ويظهر كل أسلحته الخارقة من سهام كالصواريخ وعربات طائرة تجوب الفضاء ويجعل من كل بقعة حتى السماء مجالاً للقتال والحرب.‏

وأخيراً: يتحقق النصر لراما,بعد القضاء على رافانا الشرير وقوم العفاريت الأشرار وانزال الدمار بمملكته الزاهرة ويعود المنتصر الى عاصمة ملكه,وقد خلت من الملك بعد موته,وليس فيها سوى أخو راما,الذي كان يحكم باسمه ليبدأ العصر الذهبي في تاريخ الهند الاسطوري, وتنتهي الملحمة براما وهو يوزع الملك بين ولديه اللذين ترعرعا في كنف الشاعر فالميكي في الغابة.‏

من المرجح أن فالميكي أخذ قصته,وكانت صغيرة في مبدئها,عن أحد أمراء الحرب,راما,في مملكة كوسالا في شمال الهند,وصاغ منها عملاً درامياً,في فترة استقرار الأريين بعد اجتياحهم المنطقة.‏

تعرف عادة الرامايانا بأنها:(حماسة تتغذى بالأمل) لهذا تتميز بأن لها مكانة قدسية عند الهندوس حتى أنهم ينسبون إليها المعجزات .‏

ويقولون: إنها تفيد في طول العمر وتأتى لمن يسمعها بالحظ السعيد,وتبدد الشرور وتطهر من الآثام.‏

ويبرأ العقيم من عقمه وينال الفقير الثروة ومن قرأ مقطعاً واحداً من هذه الملحمة تخلص من الشرور والمعاصي وقد بلغت عناية الهندوس بقراءتها أنهم وضعوا لذلك مذهباً فيقرأ منها فصلاً معيناً في حلقة كل اسبوع.‏

أثر هذه الملحمة في فنون الهند كبير,فمن موضوعاتها يستلهم الرسامون والنحاتون الكثير,وهناك مدارس في الرقص تقوم موضوعاتها على تصوير أحداثها وشخصياتها وتقام مهرجانات موسومية خاصة لهذه الرقصات.‏

وهي ملحمة شائعة الى حد بعيد فقد أقبل على قراءتها برواياتها المختلفة أقوام من غير أهل الهند,وأصبحت شائعة في أرجاء التيبت والصين واليابان ومنغوليا وماليزيا ولاوس وبورما وتايلند,وكمبوديا وسيريلانكا ونيبال..‏

وقد بلغ شغف التايلنديين بالرامايانا ما جعل عدة ملوك منهم ينشغلون باعادة كتابتها في روايات وقصائد..‏

الكتاب: ملحمة الرامايانا‏

ترجمة عبد الإله الملاح صادر عن المجمع الثقافي‏

أبو ظبي /قطع متوسط في 482 صفحة‏

تعليقات الزوار

samer |  samer_mhmmad@yahoo.com | 08/04/2009 23:17

الرجاء من سعادتكم المساعدة في اعطاء معلومات عن الموضوع المتتخصص بالريامانا حيث انني اكمل درجة الماجستير في عنوان رؤية الكتاب المقدس الملحمي الهندوسي ولكم جززيل الشكر

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية