تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


المواجهة المفتوحة بين أردوغان والشارع التركي

ثقافة
الاثنين 3-3-2014
حسن حسن

خطفت ساحة تقسيم أنظار العالم خلال الصيف الماضي التي عرفت أوج الاحتجاجات على سياسة رئيس الوزراء التركي منذ 2003 رجب طيب أردوغان وقد سقط فيها ستة قتلى وآلاف الجرحى وإذا كان أردوغان قد نجح في تجاوز تلك الأزمة التي كادت تعصف بحكم حزبه الإسلامي «العدالة والتنمية» فإن أزمة الفساد التي تعصف بتركيا اليوم قد تنهي حياته السياسية وطموحاته في الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة عام 2014.

قد تبين أن عدداً من المقربين من أردوغان ومن قيادات حزبه ومن الوزراء متورطون في الفساد في قضايا تتصل بالمساكن الاجتماعية وتحديداً شركة «توكي» للمساكن الجاهزة وقد تورط في هذه القضية التي تشغل الرأي العام الآن في تركيا عدد من رجال الأعمال المقربين من الحزب الحاكم ونجحت المعارضة التركية التي يقودها حزب الشعب الجمهوري في توظيف هذه القضية للإطاحة بحكومة الإسلاميين.‏

ويحاول أردوغان الآن امتصاص الغضب الذي خلفته هذه الفضيحة بعزل عدد كبير من ضباط الشرطة الذين يسعى إلى تحميلهم مسؤولية هذه التجاوزات خاصة وأن الشعار الذي رفعه حزبه في بداية صعوده إلى الحكم هو «الشفافية ومحاربة الفساد» قبل أن تظهر هذه الفضيحة للعلن التي تزامنت مع اكتشاف ارتباطاته مع تنظيم الإخوان المسلمين في مصر وحركة النهضة في تونس.‏

ومن يمعن النظر اليوم في هذه السياسات التي اعتمدها أردوغان فلابد أن يقف عند جملة من التصدعات التي أصابتها وباتت مهددة بالانهيار ولعل أهمها:‏

أولاً: انكشاف حقيقة السياسة الفئوية التي اتبعتها حكومة حزب العدالة والتنمية سواء في الداخل أو المنطقة وهو ماأصاب سياسة حزب العدالة والتنمية بضربة قاتلة وخاصة لجهة الحديث عن النموذج الذي حقق التوافق بين الإسلام والعلمانية والاقتصاد ليظهر الحزب وكأنه تعبير عن حالة مذهبية طائفية قسمت المجتمع التركي في الداخل وعلى مستوى المنطقة عمق من الصراع القائم.‏

ثانياً: الأزمة المصرية التي كشفت حقيقة كون حزب العدالة والتنمية يمثل الفرع التركي للإخوان المسلمين في العالم وعلاقة هذا الحزب بحركات وجماعات الإخوان المسلمين في العالم العربي وقد أدى هذا الانكشاف إلى انهيار مصداقية السياسة التركية تجاه العالم العربي ولاسيما تلك الشعارات التي رفعها أردوغان بخصوص القضية الفلسطينية.‏

ثالثاً: الأزمة السورية التي كشفت حقيقة الطموحات العثمانية تجاه المشرق العربي ومحاولة استعادة منطق الهيمنة والسيطرة وفقاً للظروف الجديدة وقد أدى وصول السياسة التركية تجاه الأزمة في سورية إلى طريق مسدود إلى جملة من التصدعات التي ستؤثر تأثيراً كبيراً في البنيان التركي فثمة كيانات باتت قائمة على الحدود التركية السورية سواء فيما يتعلق بالحالة الكردية أو حتى الإمارات الإسلامية لداعش والنصرة ولجميع هذه الكيانات تداعيات وتداخلات وامتدادات داخل تركيا ولن تسلم تركيا من هذه التداعيات في المرحلة المقبلة.‏

رابعاً: انتفاضة شباب تقسيم التي تحولت إلى حركة تطالب بالحرية والديمقراطية في وجه الحكم الشمولي لأردوغان ورغم محاولات الالتفاف عليها من أردوغان إلا أن هذه الحركة نجحت في أن تتحول إلى حركة مناهضة وشاملة لحكم أردوغان ومحاولاته فرض ايديولوجية حزبه على المجتمع والدولة التركيتين.‏

خامساً: سقوط تحالف أردوغان -غولين فمعروف أن فتح الله غولين المقيم في الولايات المتحدة قسراً ويقود من هناك حركة النور الواسعة الانتشار ويملك آلاف المدارس والشركات الخاصة وعشرات المؤسسات الإعلامية شكل طوال السنوات الماضية غطاء مالياً واعلامياً وشعبياً لأردوغان قبل أن يصطدم الرجلان ويلجأ أردوغان إلى اقصاء رجالات غولين في الدولة ويحاصر مؤسساته مادفع بالأخير إلى بدء هجوم منظم على أردوغان.‏

سادساً: الخسائر التي منيت بها سياسة «صفر مشاكل» التي تحولت مع مايسمى «الربيع العربي» إلى «صفر سياسة وصفر أصدقاء وصفر أخلاق» ربما ستكون أكبر من توقعات أردوغان فعقارب الساعة لاتعود إلى الوراء لأن شعوب المنطقة تعلمت دروسها وأدركت جيداً أن المستقبل المزهر لايصنعه أشخاص نفعيون وانتهازيون وطائفيون.‏

ومن المؤكد، أن عامل الثقة الذي بنته أنقرة مع العواصم المجاورة خلال الحقبة الأردوغانية بالشعارات البراقة ومسرحية «دافوس» والعداء المزيف «لإسرائيل» فقدت للأبد بفضل سياساته الفئوية المدمرة ولن يبنى من جديد إلا حين يكون المشهد التركي عام 2014 خالياً من أردوغان ومن أوغلو «مشاكل» وأمثالهم من فاقدي النزاهة والمصداقية والشرعية الأخلاقية، ومن كل أولئك الذين استندوا على المتطرفين و«لصوص المعامل» والتكفيريين والجدران العازلة لتنفيذ مخطط «الشرق الأوسط الجديد» الصهيوني.‏

‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية