فيطلق صرخته دون أن تمنعها سحابة عابرة من التعبير عمّا يختلج في صدره من مشاعر وانفعالات غاضبة مثلما لم تمنعه جدران السجن الذي قضى فيه (18) عاماً من إطلاق الكلمة التي كانت سبب محاولات قمعه وإدانته وأسره.. الكلمة التي تعلم مفرداتها في السجن هو الذي لم يدخل مدرسة.
هاهو يعاود اقتراف الكلام الذي استمّد فنونه من منجم السجن فحوّله إلى إبداعات شعرية أطلقها بأول ديوان له وبتشجيع من مدير السجن. وهذا ما لانشهده أبداً في السجون العربية حيث لامكان للإبداع.
كان قادماً بعباءة شرقية يعتز بها حاملاً أوجاع مصر والصعيد, في ذاكرةٍلن تفقد جدواها لطالما تحتضن الأمل بعودة الكرامة العربية.
كثيرة هي الأسئلة التي وجهّت إليه, والتي كان محورها: موقفه من حزب الله وعودة الأسرى, إضافة إلى سبب جرأته في تناول تقاعس الرؤساء ولاسيما حسني مبارك.. المجتمع كمايراه داخل وخارج السجن وإيمانه بأنه لن يموت قبل تحرير فلسطين.
كانت إجاباته مقتضية لكنها معبّرة كشعره الذي عشقه الصغار وغنّاه الكبار.. وتأثر به الكُثر.
عن موضوع لبنان وخروج الأسرى قال: إنه حدث عالمي وليس عربياً, إن حرب لبنان أعادت (مفردة) الكرامة التي سقطت من القاموس المصري بعد رحيل عبد الناصر, وأضاف:إن مايحصل في الجنوب هو صحوة للعروبة التي أغرقها الحكام والساسة في سباق طويل الأجل ومن لايعترف فلا يصلح إلا( للزبالة) أما عن سماحة السيد حسن نصر الله فاعتبره بمثابة عبد الناصر الذي لم يعشق مثله فما أعاده للشعوب التي جعلتها الحكومات تعيش مراحل مازالت سوداء هو شمعة أضاءت الشارع العربي وحرّضت كل صاحب كرامة على الثورة كردّ فعلٍ لما حصل في لبنان.
ولأن ( أحمد فؤاد نجم) لايخاف أحداً فلقد أكد على أنه يرفض تقاعس الحكام بل لايمكن له أن يقول (للجاسوس) سيادتك, وللص (ياقمر) ويورد هنا مثلاً بأنه لو أراد التغني بالحكام لفعل أيام عبد الناصر الذي هاجمة بضراوة تساوي عشقه وإيمانه به.. إنها نفسية كل فلاح عندما يثق بأحد ويصاب بالاحباط. وهذا ماحصل أثناء هزيمة .67
( نجم ) يؤكد أن الشعب المصري الذي أصبح على حافة الهاوية بسبب الفقر والقهر والموت أمام طوابير الخبز.
هذا الشعب وكما يراه (نجم) وحده الباقي أما عن رأيه باختياره في منصب إلى جانب (نلسون مانديلا) كسفير للفقراء فقد قال:
أنا سعيد جداً لأنني اعتبر ( مانديلا) رجلاً عظيماً ورغم شهرتي في العالم العربي مازلت فقيراً, أفتخر بذلك فالفقر شرف الإنسان وأنا لا أرغب بالرفاهية والعز والحلم, وثروتي الكبيرة هي ابنتي (زينب) وعن التجارب الشعرية السائدة في الوطن العربي حالياً أبدى رأيه معتبراً أن هذا الجيل يعيش مرحلة عدم توازن في زمن لايمكن للانحطاط الفكري والسياسي فيه أنه ينتج إلا ماهو رديء من شعر وأدب ورياضة وطب.. فهذا الزمن هو الزمن الذي يسبق الهبوط.
ورغم أن (نجم) هوشاعر السياسة والوطن, إلا أن للمرأة في حياته معاني تربطه بالوطن, إنها الأرض التي تنجب الخير, بل الواحة ضمن صحراء الحياة القاحلة, وهو ورغم تجاوزه الثمانين من العمر مازال متعلقاً بالمرأة التي لم تتغير نظرته لها فهي البطلة التي تقود ملحمة النضال في فلسطين.
أخيراً: وعن الفضائيات الهائلة العدد, وعن برامجها قال: أين العزم والعطاء, طبعاً لايوجد فالأرض التي لاتنبت الورد هي أرض مُسرطنة.
هذا هو الشاعر (أحمد فؤاد نجم) صاحب المبادىء النابعة من شرايين أرض ترفض أن يطأها الغرباء, ترفض أن تكون مُهجّنة ,أرض تزرع خيراتها وترويها من عرق فلاحيها الفقراء لتثمر وعداً بالكرامة.
تحية له.. إنه وبجدارة يستحق وسام الأمل. إذ مازال لدينا لغة هي قنابل حقٍ موقوتة, بانتظار سواعد العرب تنزع فتيلها لتحرق بعدها مساحات الكون وقبل أن يتفشى وباء العمالة والخضوع والركوع..