وهل يجب أخذ رغباته بعين الاعتبار, ثم ما الذي يتحكم بهذا كله, وما درجة تأثيره على نمو الطفل وتطويره الفكري والجسدي?.
حاولنا رصد ذلك على أرض الواقع: وتحدثنا إلى العديد من الأمهات حول النقاط السابقة فكان رأي الأغلبية ضرورة تسجيل الأطفال خلال فترة الصيف في دورات للتقوية في بعض المواد مثل اللغة الانكليزية والعربية والرياضيات, لتأخذ جزءاً من وقتهم بدلاً من تمضية كل العطلة أمام التلفزيون أو في الشارع.
ماذا يريد الأهل
بعض الأمهات العاملات أشرن إلى ضرورة توفر النوادي الصيفية الصباحية لأنها تشغل الطفل بأشياء مفيدة خلال فترة غيابهن في العمل حيث يكون ذلك أكثر اطمئناناً لهن بدل من وجود أولادهن في المنزل بمفردهم, أما عن رأيهن بالرياضة أو الأنشطة الترفيهية بشكل عام فقد كان هناك إجماع بين جميع من سألناهم على ضرورة السباحة للطفل وخاصة أن الكثير من الأهالي غير قادرين على أخذ أطفالهم إلى البحر.
و رغم أن موضوع الأنشطة أو الدورات يتوقف حسب الجهة التي تقوم به وقيمة المبالغ التي يجب دفعها, حيث أغلب النوادي الصيفية والمراكز المعدة للتعليم هي مراكز خاصة بأسعار يمكن القول إن متوسطها بين 2000- 3500 على كل طفل, وقد يشكل ذلك عبئاً مادياً على الأسرة التي لديها ثلاثة أو أربعة أطفال, إضافة إلى أن هذه المراكز تقدم المادة العلمية فقط بطريقة جافة.
من أنشطة الطلائع
هذه المشكلة كانت ميسرة في النوادي الصيفية المدرسية وبمقارنة بسيطة بين أسعار الدورات الخاصة وبين أسعار النوادي المدرسية سنجد فرقاً كبيراً حيث تسعر النوادي الحكومية ب 500 ل,س للطفل, ثم بين ما تقدمه للطفل من فائدة, نجد النادي المدرسي يقدم العديد من الأنشطة الترفيهية التي تتناوب مع إعطاء المعلومة.
الأستاذ عماد منصور مدير مدرسة جورج طعمي الحكومية أشار الى أن النادي الصيفي هو أحد أنشطة منظمة طلائع البعث ويضم تلاميذ الحلقة الأولى والثانية من الصف الأول حتى الصف السادس بأسعار رمزية جداً, وقال: الاستفادة الحقيقية من هذا النادي تكمن في دورات التقوية حيث نعطي لغة انكليزية ورياضيات ولغة عربية كقواعد أساسية تقوي الطالب بمنهاج العام القادم, بالإضافة إلى الجانب الترفيهي الذي يشمل الموسيقا والرسم والرياضة لمدرسين مختصين في هذه المواد ويمكن للطالب أن يستفيد بشكل كبير من هذه الأنشطة فمثلاً في مادة الموسيقا نعتمد على رواد الطلائع للعام الماضي من أجل تشجيع الأطفال ودفعهم ليصبحوا مثل رفاقهم الرواد (يصبح للطفل الآخر حافز ليكون هو أيضاً رفيقاً طليعياً في المستقبل) وهناك فكرة لافتتاح مراكز لتعليم الموسيقا في المدرسة ونحن نعتمد في النادي الجانب الترفيهي أكثر من التعليمي لأن الطفل يجب أن يلعب في الصيف لا أن يدرس بشكل مستمر بحيث تصبح الاستفادة من الجانبين موجودة, ويساعد على ذلك المدة الزمنية التي هي أربع ساعات في اليوم.
جانب اجتماعي
وعن سؤاله حول أهمية الجانب الرياضي في نمو الطفل باعتباره مديراً لنادي صحنايا الرياضي الحكومي قال: لدينا العديد من الألعاب الرياضية (كرة قدم, طائرة, سلة, طاولة, جيدو..الخ) وتوجد مشاركة واسعة للأطفال وبإمكان الجميع التسجيل بهذه الألعاب إذ لا يوجد عائق مادي أمامهم, وبالتأكيد الجانب الرياضي مهم في تنمية مدارك الطفل وتقويته جسدياً وعقلياً واجتماعياً, حيث تتوسع علاقاته مع رفاقه ويتعلم طر ق وأساليب التعامل مع الآخرين في بعض المواقف.
أما عن أكثر الرياضات التي تلقى إقبالاً من قبل الأطفال هي السباحة فغالبية الأطفال يسجلون دورات سباحة بالإضافة إلى إحدى اللعبات السابقة ونحن نعلمهم السباحة من خلال مدربين مختصين ولا شك هي رياضة جميلة ومفيدة.
رقابة ضرورية
ومع كل ما تقدم كانت هناك أمنيات بأن توضع رقابة محكمة على جميع هذه المراكز والنوادي ومراقبتها من حيث الصحة والنظافة والأسعار التي تكون كاوية في القطاع الخاص بخدمات واهتمام أقل مما هو في العام فهل تحصل هذه المراكز على موافقات كافية من جهات مختلفة, سؤال لايزال برسم الانتظار?
بين الدعاية والواقع
في نهاية العام الدراسي يحتار الاهل في اختيار النادي الصيفي الذي يناسب اولادهم ويكون هذا الاختيار صعبا كما قال لنا الاهالي الذين التقيناهم والسبب كثرة عدد تلك الاندية والمعاهد والتي ابتدعت اساليب كثيرة للترويج عن نشاطاتها وبطريقة مغرية وجذابة ووصلت إلى أن تلصق اعلاناتها في مداخل الابنية وعلى أبواب الشقق.
حيث يقع الاهالي في دوامة من التساؤلات عن الافضل وماذا سيختارون, المعهد التعليمي أو الترفيهي أم الاثنين معا وخيارهم من النهاية سيكون تبعأ لامكاناتهم المادية ولاسيما بعد أن رفعت اقساطها عن العام الماضي اضافة الى سعر وسائط النقل والتي بدورها رفعت تسعيرتها وكل هذا مرتبط بمكان وجود تلك النوادي ونوعية الاحياء, فأسعارها متفاوتة جدا فيما بينها, ففي الاحياء الشعبية توجد بعض النوادي الصيفية والتي تعتبر ضمن الوسط اضافة إلى افتتاح بعض المدارس لتقدم الانشطة والدورات التعليمية ولاسيما اللغات والرياضيات والتي تتبع لوزار ة التربية ولمنظمة طلائع البعث.
من الضروريات
الأهالي قالوا: إن التزام الأبناء في الانتساب لتلك النوادي الصيفية والتي انتشرت تقريباً في معظم الأحياء بات من الضروريات, فهي تشغل وقت فراغهم وتنمي مواهبهم وتقوي اجسادهم ولاسيما الأنشطة الرياضية والفنية... والبعض من الأهالي يفضلون الدورات التعليمية كاتباع دورة (لغات أجنبية - وتعلم الكمبيوتر ) ويقولون إن هذا ضروري جداً ولابد من مسايرة التطور مع انتشار التقنيات الحديثة وتطور وسائل التعليم.
- السيدة فاطمة أم لثلاثة أولاد تؤكد هذا الكلام وتقول إن الوضع المادي للأسرة ولاسيما ذات الدخل المحدود قد يمنع العديد منهم من إرسال أولادهم لتمضية بعض الوقت في تلك الأندية ولكن هي تحاول أن تدخر من مصروفها خلال العام وتقول: يوجد العديد من المعاهد أسعارها مقبولة ويمكن التسجيل في (دورة لغات أو كمبيوتر) وتفضل هذا على بقاء أولادها في الشارع طوال اليوم إذ يكونون عرضة للوقوع بالمشكلات مع أولاد الجيران وتعلم العادات السيئة.
وتشاركها في الرأي السيدة مها - معلمة حيث شعرت بتحسن سلوك ولدها عندما سجلته في أحد المعاهد (التعليمية - الترفيهية) فهو يمضي ثلاثة أيام في الأسبوع مع رفاقه يتكلمون اللغة الانكليزية ويأخذونهم في رحلات إلى الأماكن الأثرية والملاهي إضافة إلى تعلم الكمبيوتر, ولكنها تقول إن بعض المعاهد استغلت الفرصة وزادت أقساطها وأعلنت عن نشاطاتها بدون أي تغيير فعلي في برنامجها حيث لا يختلف عن العام السابق.
- ويقول السيد علاء شرف- صيدلاني إن المعاهد والأندية الصيفية قد زادت بأقساطها زيادة كبيرة مقارنة مع أسعار العام الماضي وبدون أي زيادة في الخدمات وهي برأيه يراها مجالاً فقط للتنافس والتباهي لأنها تعلن عن انشطتها مستغلة بذلك الموقع والحي الموجودة فيه ونوعية الناس الذين يرتادونه وهذا مرهق جداً ولابد من المراقبة لتلك الأندية.
- و للسيد نادر بيرقدار تاجر رأي آخر: يشجع الانتساب إلى معهد تعليمي كان أم ترفيهي ويفضله على بقاء الأولاد أمام شاشات التلفزيون والفضائيات التي أصبحت مشكلة قائمة بحد ذاتها.. وتحتاج إلى مراقبة دائمة لهم, إضافة إلى انتشار مقاهي الإنترنت حيث يمضي معظم الأولاد أوقاتهم ولساعات طويلة دون علم الأهالي ولا يعرفون عنهم شيئاً ولا عن سلوكياتهم ومن هم أصدقاؤهم.
الأنشطة الرياضية ضرورية
الدكتور ابراهيم محمود يفضل عدم الضغط على الأولاد والزامهم بالدراسة اليومية فقد يشكل هذا رداً عكسياً عليهم لأن ذلك حسب ما يرى أن الأهل يسجلون أولادهم في دورات تعليمية ولمعظم المواد وهذا يرهق الطالب ذهنياً. لأنهم يصلون العام الدراسي ببعضه ولا يتركون فسحة للطالب ليرفه فيها عن نفسه وهو حسب رأيه يقول إنه ممكن أن يسجل دورة لغة مثلاً وليس كل المواد ولكن الأهم ممارسة الأنشطة الرياضية ومنها السباحة فهي تملأ لهم وقتهم وتنشط أذهانهم وتقوي عضلاتهم ولاسيما إذا بدأت ممارستها بأعمار مبكرة إضافة إلى أنها تجعلهم يشعرون بالجوع ومن الممكن إعطاؤهم الطعام الذي يفيدهم لأنهم يبذلون جهداً مضاعفاً عند ممارستها.
لست مع التعليم في الصيف
وسألنا الموجهة التربوية سميرة القاضي عن ضرورة اتباع الطفل للأنشطة الصيفية وأيهما الأكثر فائدة بالنسبة له (دورات التعليم أم الجانب الترفيهي) وكيف يؤثر ذلك على نموه? فقالت: أنا أفضل للطفل النادي الصيفي الترفيهي لأن شخصية الطفل ليست عبارة عن خزان معلومات, بل هناك حواس وإدراكات يجب أن تنمو عن طريق اللعب والحركات والأنشطة الهادفة وليس عن طريق المادة العلمية.
وأنا لا أرى ضرورة أن يخرج الطفل من المدرسة ليتابع الدراسة في فصل الصيف, فهذه العطلة أعطيت له كفرصة لتنمية أنشطة أخرى وجوانب أخرى في شخصيته, فلا يجوز تربوياً وصل الصيف بالسنة الدراسية إذ قد يكون ذلك له بعض النفع في مراحل متقدمة بالنسبة لطلاب الشهادات ولكن ليس مفيداً بالنسبة للأطفال.
لذلك أنا أشجع الرياضة بكل أنواعها لأنها تقوي العقل والجسد وبالنسبة للموسيقا والرسم هي أنشطة مفيدة أيضاً ويمكن عن طريقها أن يتعلم الطفل الكثير من الأمور الهادفة والهامة... ويمكن أن نكتشف الكثير من الأشياء التي يعانيها الطفل عن طريق هذه الأنشطة وخاصة الرياضة التي قد تكشف عن وجود اعاقات لم يكن الأهل يدركونها, بالإضافة لكونها تنمي لديه الجانب الاجتماعي والتواصل مع الآخرين.