|
الحكومة والمواطن أبجد هوز ويستمتع بالمشاكسة, فتضطر الحكومة وهي أسفة لإتباع سبل لم تكن تود اللجوء إليها, وكل ذلك أيضاً لأجل هذا الذي لا يعرف مصلحته, فمثلاً هي أي الحكومة , تطلب منه أي من المواطن الترشيد وعدم الإسراف في الماء والكهرباء, وتخرج له أحسن العبارات وأكثرها لطفاً وخفة على القلب وتنشرها له في الصحف, والملصقات في الشوارع والحارات, ولا ينقصها إلا أن تدق باب كل مواطن بواسطة الجرس الكهربائي طبعاً لتقول له: يا عزيزي المواطن, من أجل أولادك وأولاد أولادك في الأجيال القادمة فإنني أرجوك عدم الإسراف بالماء والكهرباء, وأيضاً كي لا تتضاعف قيمة فواتيرك فتعجز عن دفعها, فاضطر لإضافة غرامات التأخير, لكن هذا المواطن المشاكس بدلاً من التقيد بالإرشادات والنصائح فإنه يعمل عكس ذلك, فالذي تحترق عنده لمبة إم الخمسة وسبعين يشتري عوضاً عنها لمبة إم المية ويشعل لمبة المطبخ عالطالعة والنازلة, وغالباً ما يترك لمبة الكردور شغالة, والذي كان يلبس القميص من على حبل الغسيل, صار لا يلبسه إلا مكوياً,والذي كان يشرب أربع كاسات ماء في اليوم, صار يشرب خمس أو ست كاسات, والذي كان يستحم مرة في الأسبوع صار يستحم كل خمسة أيام, والذي كان يغسل وجهه ويديه صباحاً صار يغسل رجليه أيضاً قبل النوم, وكأنه يفعل ذلك جكارة بالحكومة , ولأن الحكومة ما بتتجاكر ولها أساليبها في مكافحة الجكارة, فقد عمدت إلى نظام التقنين في الماء والكهرباء,وشوف يا مواطن جكارتك شو عملت فيك. الحكومة منذ مدة حسبت في عقلها أن عدد السكان أخذ في الازدياد, والزواج والإنجاب شغال, وهذا يعني المزيد من المطالب والشكاوى والنق ووجع الرأس. فعمدت إلى إعلان لطيف لترشيد الإنجاب,ولأنها تعرف مسبقاً, وبخبرتها الطويلة بعقلية المواطن في أنه لن يستمع إلى نصيحتها, وأن شوره من رأسه, ولأنها أي الحكومة لا تستطيع فرض سياسة التقنين في هذا الموضوع لأن الزواج والإنجاب ليس هاوس كهرباء أو سكر ماء تستطيع التحكم بهما, ولذا أخذت تتفرج على هذا المواطن وهو يعاني من موجة الغلاء المستفحلة, باستثناء بعض الوعود والتصريحات في وسائل الإعلام, وكله كلام بكلام, وأيضاً لم تفعل شيئاً لأزمة السكن المستشرية. وما عليك أيها المواطن إلا أن تعمل ألف حساب وحساب قبل أن تفكر بالزواج والإنجاب, وعليك أيضاً أن تقيس لحافك قبل أن تمد رجليك..ودائما الحق مع الحكومة, والحق على المواطن, والعطل من المسحوق.
|