وعندها أمرت روسيا بتوجيه الصواريخ البالستية الروسية صوب المدن الأوروبية فجمد بوش المشروع ومن ثم ورثه الرئيس الحالي باراك أوباما وما يجري اليوم يبدو أنه استكمال لما خطط له قبل عقد من الزمن وخاصة أن نشر الباتريوت لا يمكن أن يكون هدفه الدفاع عن تركيا فكل المعطيات والوقائع تؤكد أن طلب أنقرة من حلف الناتو نشر الباتريوت على الحدود مع سورية لا يرتبط لا من قريب ولا من بعيد بأغراض الدفاع عن الأراضي التركية في مهاجمة هجوم خارجي وشيك لأن تركيا لا تواجه خطر تعرضها لهجوم أو تهديد في الدول المجاورة لها فسورية التي تدعي أنقرة أنها تنوي مهاجمتها ليس لديها أي نية من هذا النوع وخاصة أنها هي من يتعرض للعدوان من داخل الأراضي التركية التي تحولت وبقرار من حكومة أردوغان إلى مكان لتجمع التنظيمات الإرهابية كالقاعدة وتفرعاتها، كما أن تلك الحدود باتت مركزاً لتهريب الجماعات المسلحة وكافة أنواع الأسلحة والأعتدة الحربية إلى سورية لزعزعة أمنها واستقرارها لذلك يبدو الهدف المباشر لتركيا من نشرها تلك الصواريخ هو خلق مظلة حماية للجماعات الإرهابية المسلحة في المناطق السورية المحاذية للحدود التركية وخصوصاً أن نظام الباتريوت يستعمل باتجاهين لصد الصواريخ المتوسطة والصواريخ الباليستية ولإسقاط الطائرات الحربية وهذا الهدف أكده جنرال أميركي بالقول: إن إرسال صواريخ باتريوت ليس هدفه اعتراض صواريخ سورية بل منع الطيران السوري من التحليق حيث سيوفر هذا حظراً جوياً محتملاً.
ومثل هذا الهدف هو ما جعل روسيا تعبر عن قلقها فهي رأت أن نشر الباتريوت يعني إمكانية أن يفرض حلف الناتو منطقة حظر للطيران في شمال سورية تمتد إلى عمق 250 كيلو متراً من الحدود مع تركيا ما يعد التفافاً على مجلس الأمن الذي يملك وحده حق إصدار قرار إقامة منطقة حظر للطيران عن طريق فرض تلك المنطقة كأمر واقع بواسطة الناتو.
أما الهدف الثاني وهو هدف غير معلن ويأتي في إطار استثمار الأزمة في سورية بغرض تعزيز حماية أمن الكيان الصهيوني في حال قام بالعدوان على المنشآت النووية الإيرانية خصوصاً أنه سبق طلب نشر الباتريوت نصب حلف الناتو شبكة الدرع الصاروخية لصد أي صاروخ يطلق من إيران باتجاه كيان العدو الإسرائيلي خلال الحرب.
بالتالي فإن الطلب التركي بنشر الباتريوت له عدة دلالات تعكس طبيعة السياسة التركية التي أسفرت عن وجهها في اشتراكها في أكبر هجمة استعمارية شرسة على سورية الأمر الذي يوفر لأردوغان ترسيخ وتعزيز ارتباطه بحلف الناتو وجعل تركيا قاعدة أساسية من قواعد استراتيجية الناتو في المنطقة وعودة أنقرة إلى تعزيز علاقتها مع «إسرائيل» من البوابة الأمنية على قاعدة تسليم الأخيرة دوراً أساسياً لتركيا في المنطقة.
ولكن الأمور تعاكس سياسة أردوغان حيث ما تورطت به تركيا حتى الآن سحق نظرية أوغلو بتصغير مشاكله مع الجوار ولم يشر إلى اعادة تخندق بلاده في الحلف الغربي الصهيوني بالتالي إعادة المشاكل مع دول الجوار إضافة إلى انحسار الدور التركي في إطار الدور الوظيفي حيث أصبحت حكومة العدالة والتنمية أسيرة هذا الدور وخاصة في المجال العسكري والأمني بعد أن فقدت أي قدرة على الفعل السياسي وأكثر من ذلك فقد تحولت تركيا سياسياً إلى مجرد «بهلوان» من شأنه محاولة رفع معنويات العصابات الإرهابية المسلحة على أرضها أمام الضربات النوعية للجيش السوري.