تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الخطوة المهمة والحوار الوطني المفتوح

شؤون سياسية
الخميس 13-12-2012
 بقلم الدكتور فايز عز الدين

كما رحلت عيون السوريين لتؤيد الذين اجتمعوا في طهران تحت خيمة أصدقاء الوطن, وخيمة الوطن السوري تُظلّلهم هنالك, هاهي العيون ذاتها تتطلع إليهم بأمل كبير وهم يفتحون البوابة الوطنية على فضاء جديد لحرية الحوار,وحوار الحرية نعم يفتحون البوابة وعقولهم مسكونة بمستخلصات الأزمة, وبأهداف من خطط لها وينفذها في وطننا حتى نصبح نحن السوريين بلا وطن.

وفي كل المعايير ذاب الثلج, وبان المرج حيث إن أضاليل الربيع لم تعد تنطلي على أحد لأن شمس الربيع لم تشرق بالزهر والخضرة والخير إلا على إسرائيل، والعرب رُسِمَ لهم أن يموتوا وطناً, ومواطنين من أجلها, لا من أجل أمتهم العربية والإسلامية. وها نحن نشهد الانقسام الشعبي, وزوال السلم الاجتماعي في كل الأقطار العربية التي شهدت الربيع, والخطير في المسألة أن إعادة بناء منظومات السلطة في مصر, وتونس ولييبا, واليمن لا تأخذ بأي اعتبار مشاريع الشعب, بل تأخذ بأسباب إحكام سيطرة طرف كانوا – أي الحلف الأمروصهيوني – وراءه ولا يتمكن من إعادة أي بناء وطني جديد في قطره إن لم تكن بوصلته تتوجه نحو إسرائيل التوراتية, والمصالح الأمروصهيونية على أرض العرب. ومنذ بداية الربيع في تونس عاد العرب إلى حقبة لا يعملون فيها لصالحهم, ومصالحهم بل أصبح نظامهم الرسمي, والعربي يعمل وظيفياً من أجل إسرائيل والدولة اليهودية المزعومة. والأكثر غرابة في الأمر أن أبطال العرب ( الربيعيين ) لم يعد بينهم وبين مشاريع إسرائيل أي فوارق بل صارت مسألة تطابق المشاريع مع العدو الصهيوني هي المميّز الأهم لهويتهم الجديدة, ولم يعد عدوَّ الشعب العربي غيرُ نظامه الرسمي ومَنْ على سُدّةِ الحكم حتى يُفتح طريق الحروب الأهلية عند العرب, ويستطيع أبو رغال أن يعود أمام جيش الأحباش الجدد. وهاهي نتائج السنتين تعطي مؤشراتها لكل مواطن عربي من الخليج إلى المحيط على أن حريته ليس هي الحرية, بل هي احتلال بيته, وسرقة ثروته, ومن ثم التصرف به كدرع بشري, ثم يُقتل. والأمر سواءٌ على صعيد المواطن, والوطن فالوطن قد أدخلوا عليه الغرباء, ومكّنوهم من آلةِ القتل والتدمير وهاهم يدمرون مقدراته حتى تأمن إسرائيل, ويتحقق أمنها الصهيوني, ومجالها الحيوي وليذهب العرب إلى الجحيم. نعم إن أضاليل الربيع العربي لم تعد تنطلي, ولا بد من تحليل المشهد العربي عند كل ذي عقل لكي نقول كلمة: إلى أين يذهبون بنا؟ ومن أعطاهم حق امتلاك عقولنا, ومصيرنا, وقضايا وجودنا؟ والإجابة تكون في الاجتماع السريع على أمرنا, والتّجمع مع مصالحنا, وتولي شأننا بلا تردد, وبمبادرات من لدن الحكماء فينا وعقلاء الوطن, ويكفي لبلدنا أنها اعتمدت على أصحاب العقول المحدودة فلم يتمكنوا من الوصول بها إلى ما خططت له وحلمت به, واليوم يمكن إعادة طرح المسائل من جديد, ولا بد من الوقفة الوطنية الواحدة,( فيها ومنها, ولها) نحصل على الفكر التشاركي، والعقيدة المشتركة, ووطن التعددية, والديمقراطية المتجدد. وفي كل زمان مثلما يحتاج الوطن إلى طبقة سياسية تقود مشروعه وتنهض به, فالوطن اليوم محتاج معها إلى طبقة وطنية تقود على التوازي وينهضا معاً بالوطن المتطلع نحو وقف الأزمة بكل تشعباتها, ولا سيما طرد الأغيار الذين أدخلوا إلى وطن الجميع. في تاريخ الأمم قال ستالين حين صار النازيون في مدينة ليننغراد: دافعوا أيها الروس عن وطنكم يا أحفاد كاترين ولم يجد خيراً من هذا الكلام. فالوطن المستهدف يستدعي قواه الوطنية بكاملها, والمراحل الوطنية تتحدد فيها دوماً الطرق الأقرب لخلاص الوطن, ومن هنا ننظر إلى اجتماع لجنة المتابعة التي انبثقت عن مؤتمر طهران للحوار الوطني على أنها خطوة الوطن المأمولة لدخول فضاء الحوار الوطني الكبير, والمؤتمرات الوطنية الكبيرة لتعزيز الحوارات, والوقفة الواحدة, واجتراح الحلول المنقذة لوطن مستهدف. إن سورية صارت قبلة العالم اليوم, وعلى أرضها سوف يتحدد شكل النظام الدولي كما قالت صحيفة تشيكية, وعلى أرضها سوف يتقرر مصير العرب فإما أن تسقط من جديد إمارة سيف الدولة الحمداني التي كانت آخر معاقل الدولة القومية للعرب في القرن الثالث عشر ميلادي, أو أن تصمد وتصمد معها الأمة العربية من الخليج إلى المحيط. نعم على أرض بلدنا تتقرر اليوم مجموعة كبيرة من المعادلات, وتحسم مجموعة كبيرة من الأفكار والقناعات, وعلى أرضها يمكن أن يظهر النموذج العربي الجديد لوطن يهزم أعداءه, ويبني مشروعه الجديد بكامل قواه الوطنية المخلصة, وطناً للجميع يُبنى بالجميع. إن السوريين لم تعد تنقصهم أشكال الوعي اللازمة رغم خطورة الميديا الإعلامية المضللة التي تضخ في عقولهم من أجل احتلال العقل والمعرفة عندهم وهاهم اليوم يفصلون في كل شيء بحكمة فأخطاء في الوطن لايمكن أن تُفهم وطناً للأخطاء, وأخطاء تعالج لا يمكن أن يكون العلاج بالتدمير للأحياء, والحياة, والحضارة, وكل هذا مؤشر كبير أمام الذين اجتمعوا في دمشق, وخارطة سورية الواحدة الموحدة أمام ضمائرهم, ولا بد من انتصار الضمير الوطني في كل نهاية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية