تكاد لا تخلو رسالةsms نتلقاها على أجهزتنا الخليوية من خبر يتعلق في هذا الموضوع مثل مصادرة 20 طناً من الدقيق التمويني في أحد المستودعات الخاصة لتاجر من كبار مهربي الدقيق في دمشق وقبلها في ريف حلب وإدلب عرضت شاشاتنا الوطنية كيف اتخذ المجرمون الإرهابيون من مستودعات القمح( قوت الشعب) متاريس ومكان تحصن وإقامة لمواجهة عناصر الجيش العربي السوري وقواه الأمنية وغيرها العديد في الأماكن الأخرى.
وكذلك الأمر في مستودعات الدواء التي تمت مصادرتها والعثور عليها في المشافي الميدانية لعصابات الإجرام والقتل والتكفير ليتم اكتشاف العجائب من أنواع الأدوية المفقودة أو من الصعب العثور عليها أو تأمينها بسهولة، ففي إحدى هذه المشافي تم العثور على أنواع من الأدوية قل وجودها في سورية بشكل مفاجئ، عدا من الأنواع النادرة والخاصة، وهنا نذكر كيف أن أحد المرضى اضطر لأخذ نوع محدد ونادر من الأبر الخاصة بمعالجة التهاب الكبد لمرضى الكلية، ونظراً لعدم توفره بالكمية المطلوبة والحاجة الماسة له، فمن الطبيعي أن يتوجه المركز الصحي أو المشفى الذي لجأ إليه هذا المريض لمخاطبة وزارة الصحة، في هذه الحالة وعند الاستفسار كان جواب الجهة المعنية أن دفعة الدواء المطلوبة والقادمة إلى سورية تم السطو عليها من قبل المسلحين وهي في طريقها إلى حيث يجب أن تكون، ليتبين فيما بعد أنها أودعت في مستودعات مشافي الإرهابيين الميدانية في أكثر من محافظة توتر وأحداث ساخنة، ما يعني أن هناك أسلوباً ممنهجاً لإضعاف مقومات ومقدرات هذا الوطن وعلى كل الأصعدة.
كيف عرفوا..؟
والسؤال الذي يطرحه المواطن السوري هو مشروع بالتأكيد كيف عرف المسلحون بصفقة الدواء القادمة إلى مشافي الدولة ليستهدفوها هي وغيرها العديد من أصناف الدواء المتنقلة بين المحافظات السورية وبالمثل أيضاً كيف عرف الإرهابيون القتلة بوجود أطنان من مادة السكر في إحدى شركات القطاع العام المتواجدة في أحد المناطق المتوترة من ريف دمشق، أو شاحنات قاطرة ومقطورة محملة لأي مادة غذائية، طحين، سكر، قمح، معلبات، خضار، فواكه، مواد تقنية خدمية لإصلاح الأعطال المتضررة.
كذلك كيف عرف هؤلاء القتلة أن السيارة الفلانية تقل أموالاً من أحد البنوك والمصارف العامة ليتم توزيعها وتسديدها لمستحقيها من العاملين في دوائر ومؤسسات الدولة، أو تلك السيارة التي تقل رواتب المواظفين في قطاع التربية والتعليم والصحة والقطاع الصناعي والزراعي والتي تقدر بمئات الملايين.
وقس على ذلك آليات سرقة مشتقات النفط من مادة سائلة ومعدات ثقيلة والقائمة تطول وتطول.
ضعاف النفوس
والجواب بالطبع معروف عند كل من لديه بصر وبصيرة وإحساس بالمسؤولية الوطنية أن الذي أفشى وخان الأمانة وكشف بمعلومات عن أسرار الدولة هم خونة وعملاء وموجودون في كل المراكز والمفاصل دون استثناء، لأن الأزمة كشفت لنا من هم ضعاف النفوس وممن اشتريت وتشتري ذممهم وكراماتهم بحفنة من الأموال التي لا قيمة لها حين يكون الهدف قتل مواطن بريء، من أبناء هذا الوطن الذي تفنن الإرهاب في طريقة قتله.
فمن تآمر على وطني سواء بالكلمة الكاذبة والمخادعة والمغرضة أو الاحتضان للفئات الضالة القادمة.... من خارج الحدود، أو تلك التي كانت نائمة بيننا تتحضر للحظة الانطلاق وهي سرعان ما انكشفت أمام الرأي العام السوري، أو تلك الفئة التي تسابقت على العدوان بذراعه الاقتصادي والأخلاقي والوطني، فانتشرت فطريات المياه الآسنة لتصطاد بالماء العكر، فتكاثر كبار وصغار التجار والسماسرة ومن يلف لفيفهم، رأينا أفعالهم الدنيئة في الأسواق من حركة البيع والشراء، بين تواجد السلعة وإخفائها، وفي حال أفرج عن مخبئها ارتفع سعرها بما لا يطاق أن تحمله جيوب المواطن، فأين هي أخلاق هؤلاء من قيم المجتمع السوري الذي يواجه كل ألوان الفساد والقهر والظلم العابر للحدود والقارات والقادم باتجاه بلدي سورية والتي أصبحت اليوم الشغل الشاغل لكل بني البشر.
إن الحديث في هذا الجانب يطول ويطول، ولكن وبالطبع لا يقتصر النقد والهدف على الجانب المادي فقط والأساليب الرخيصة التي تم اتباعها وشاهدنا فصولها الغريبة والمريبة ما يقارب العامين من الأذى المادي والأخلاقي واللفظي وهذا لا يقل وجعاً عن الأذى المادي، فكم من شخصية سورية فنية كانت أم ثقافية، فكرية، أو أدبية أو سياسية، اقتصادية أم اجتماعية وكنا نحسبها وطنية بحق وقد غشتنا كل هذه السنين بتقنعها بقناع الوطنية، ليتبين فيما بعد أنها تلبس كل ما يليق بها إلا لباس عفة الوطنية.
هذا هو الموقف
صحيح تسابقتم تصاعداً في محاولة لإفراغ الوطن من مقومات ومقدرات عيشه وقدرته على الصمود والمواجهة، فكان العبث بالقوت اليومي للشعب، بحركة التواصل والاتصال، بالتلاقي الاجتماعي عبر تمزيقه، بأداء الواجب تجاه العمل الوظيفي.
لكن الشيء الصحيح أيضاً أن الذي استطاع أن يطوي جوعه ويضمر عطشه، في ثمانينات الحصر والحصار ليس من الصعب عليه اليوم أن يعصر ألمه أملاً وإرادة، ومن جرحه ملحاً وبلسماً ودواء لأمراض وصدمات قل أن يتحملها شعب من شعوب هذه الأرض، ومن عزة نفسه وكرامة شموخه أن يعيد قوافي الأدب وسلوك التربية الإيجابية والفعالة.
وأخيراً نقول لكل من استهان وتآمر وقتل وخرب ودمر وحاصر أنه في ساحة الحق وحين يكون الصدق هو المعدن والوفاء هو المحك والإخلاص هو الامتحان من السهل عند الشرفاء أن يقلب التراب غذاء ولم يعد في قاموس السوريين أن مادة المحروقات هي التي تدفء وتحرك عجلات الحياة بل الذي يستطيع الدوران ويدفء قلوب هذا الشعب هو سطوع حق الشعب السوري بالنصر والإيمان الذي علمه الأجداد للآباء والآباء للأبناء وهكذا تستمر التوصية للأجيال القادمة فيا ويحي ممن عبث مع شعب في ساحة الحق.