في السياق المتصل يبدو لي أن العودة إلى عشرينيات القرن الماضي، لا بد أن توضح شيئاً لأبناء الجيل الجديد والجيل اللاحق، ففي العاشر من شهر شباط عام 1921، على سبيل المثال تم إعلان تلاحم ثورتين من بين فصائل الثورات السورية وهما ثورة الشيخ صالح العلي وثورة ابراهيم هنانو وكانت هذه البادرة الوطنية سبيل انتصار شعبنا الأبي على الاستعمار الفرنسي وطرده من على أرض الوطن.
ويذكر أنه منذ نزول أول جندي فرنسي على ساحل سورية في أعقاب الحرب العالمية الأولى وخروج القوات العثمانية من البلاد في سنة 1918 كان طبيعياً أن يتنبه أبناء شعبنا إلى الخطر المحدق بهم إثر هذا العدوان الذي تبين أنه كان مخططاً من قبل ومع دخول القوات الفرنسية إلى سورية ازداد حجم الخطر وتبين كذب الحلفاء فيما يتعلق بنواياهم المبيتة حول مستقبل البلد وذلك على خلفية التنكر للوعود التي أطلقها الفرنسيون تحديداً بخصوص منح الدول العربية المحررة من الاستعمار العثماني حق تقرير المصير وكانت الحجة الواهية للتملص من هذه الوعود كما هو معروف هي أن الأقطار العربية لم تبلغ بعد سن الرشد وبالتالي لا بد من مرور بعض الوقت كي تتمكن هذه الأقطار من التحكم فعلاً لا قولاً بمقدرات أبنائها فيما يتعلق بإدارة شؤونهم.
بيد أن الوجه الآخر المتصل بهذه المسألة كان نمو الشعور الوطني الجمعي بواجب الدفاع عن تلك الحقوق ومن هنا مهد الطريق وصولاً إلى تلاحم فصائل الثورة السورية بعضها مع بعض في نهاية المطاف، وذلك بغية التصدي لمثل هذا الافتراء حول مسألة سن الرشد، فكان تلاقي ثورتي هنانو والشيخ العلي في العاشر من شهر شباط عام 1921 وبذلك ازدادت حضوراً على الساحة الوطنية تداعيات تلاحم أبناء الشعب، شمالاً وجنوباً، شرقاً وغرباً، رداً على افتراء المستعمرين الفرنسيين بما يخص وعي ونضج أبناء سورية بمختلف شرائحهم وأطيافهم المتعطشة ليوم الاستقلال.
إن جهل المستعمرين أياً كان نوعهم ولونهم، كثيراً من قادهم إلى ارتكاب الجرائم بحق الشعوب التي استعمروها بالمداهنة والوعد الكاذب، ومن هنا كثيراً ما تفاقمت نوازع الحقد عليهم ولم يرتو عطش أبناء تلك الشعوب إلا بخروج المستعمر من أرضهم، كما كان حال المستعمرين الفرنسيين منذ أن داست أقدام جندهم الهمجية أرضنا العربية السورية المقدسة حتى تم طردهم من بلادنا في أربعينيات القرن الماضي خائبين أذلاء.
Iskandarlouka@yahoo.com