ليعاود ارتفاعه بمقدار خمس ليرات إضافية، مع تنبيهات من الباعة لزبائنهم المفضلين، بضرورة اقتناء أكبر كمية ممكنة، لأن أزمة في السكر وتوفر مادته باتت على الأبواب،
وهي بطبيعة الحال أخبار وتنبيهات خلبية، القصد منها إشاعة الخبر بين الناس ليتناقلوه بين بعضهم البعض، ليتحول بعد فترة قصيرة إلى واقع يفرض زيادة كبيرة في الطلب، فيرتفع السعر قليلا وعلى دفعتين اثنتين، حينها يبادر التجار بعد وصول الأخبار إليهم، إلى تقليل كمية العرض، ومن ثم بعد فترة قصيرة لا تتجاوز الأيام، يتم وقف العرض تماما، فيرتفع السعر بشكل جنوني، ويتم طرح كميات قليلة على استحياء، ما يجعل المواطن يدفع أي مبالغ مقابل مادة السكر، فيبيع التاجر الكمية التي لديه بالسعر الفاحش والعالي جدا... وماذا تكون النتيجة في هذه الحالة؟
تكون النتيجة ارتفاع أسعار السكر، وخلق أزمة من لا شيء، حتى يرتفع السعر حقيقة لا وهما، في حين أن المستودعات مليئة وما من أزمة، بل ربما لو لم يقبل المواطن على السلعة بهذا الشكل الجنوني، لما ارتفع السعر بل ربما لكان البائع قد خفض اسعاره خشية الكساد ووقوع الفساد في المادة المخزونة لديه.
وكذلك حال الخبز هذه المرة، لجهة أن الطابور بات أطول بمراحل من المرة الماضية يوم راجت إشاعات عن قرب فقدان الخبز، وإشاعات أخرى عن قرب توتر الأجواء لدرجة كبيرة في العاصمة، فخلقت الطوابير أمام الأفران لمسافات تزيد على عشرات الأمتار.
قبل بضع أيام همس البعض لبعضهم في سوق المزة بأن الفرن يبدأ بالخبز قرب منتصف الليل، وبالتالي يمكن شراء الكثير من الربطات دون الانتظار لساعات طويلة نهارا، وقت تجمع أعداد من المواطنين لشراء الخبز، وبالفعل وقرب منتصف الليل، كان مشهدا لا ينسى، حيث اصطف مئات المواطنين لشراء الخبز تحسبا لقادمات الأيام وما تحمله من توتر، واستمر الطابور الى صباح اليوم التالي حوالي التاسعة أو العاشرة صباحا على أقل تقدير.
أما الطريف في الأمر فهو أن الفرن الألي وبحلول الظهر لم يشهد ضغطا من المواطنين كالمعتاد، واقتصر الموجودون على أفراد لم يشتروا الخبز قبل يوم وهذا يؤكد، ان الإشاعة فعلت فعلها في نفوس المواطنين، لدرجة باتوا معها يعيشون هاجس الأزمة في الخبز وينتظرون طوال ساعات لشراء كميات كبيرة منه.
مصادر المؤسسة العامة للمخابز أوضحت أن المسألة لا تعدو كونها شائعات دون أصل حقيقي لها، فما من أزمة خبز وما من نقص في المواد أو حتى تقنين دوام العاملين أو المواد نفسها، فالمخابز تعمل لفترة لا تقل عن عشرين ساعة يوميا، لتأمين الخبز للمواطنين، مبينة أن المواطن يحصل على مبتغاه مهما كبرت الكمية التي يطلبها، ما يعني أن الخبز مؤمن مهما اشتدت الظروف وبالكميات اللازمة لتلبية حاجات المواطنين، وأن الدولة ملتزمة ومسؤولة عن ذلك مهما كان الظرف.
المصادر اعتبرت أن المواطن ساهم بجزء كبير من وهم الأزمة لجهة أنه عندما يسمع بإشاعة عن قرب حدوث أزمة، لا يسأل حتى عن صحتها، بل يسارع بكل ما أوتي من طاقة، إلى الاصطفاف أمام الفرن لشراء كميات من الخبز، وبالتالي فإن الكمية التي يطلبها من هذه المادة، تزيد على معدل الاستهلاك اليومي أو الأسبوعي له من الخبز، وإذا احتسبنا المسألة على آلاف المواطنين إن لم نقل عشرات الآلاف، نجد أن الطلب مبالغ فيه ، ما يخلق بالتالي جو الأزمة، في حين أن المسألة لا تزيد عن كونها إشاعة.
المصادر أكدت أن الإنتاج ورغم كل الضغط الحاصل مؤمن بالكامل ويتم تلبية كافة طلبات المواطنين من هذه المادة، ولكن إن كان المواطن يطلب أضعاف أمثال استهلاكه من الخبز، فإن الطوابير تخلق وما عليه -والحال كذلك- إلا أن يتحمل نتاج الشائعات التي يصدقها، والانتظار لساعات تطول أوتقصر، ولكن في النهاية ما على المواطن إلا أن يقارن هذه الإشاعات بما سبق منها، وكلها تعاملت المخابز معها بسرعة وديناميكية وتم تأمين كافة الكميات، أي وبعبارة أخرى فإن الخبز لم ينقص رغم كل ما سبق من إشاعات، وهذه المرة لا تشذ عن سابقاتها، ولكن.. أليس من الحكمة أن يتثبت المواطن أكثر مما يسمعه من أخبار..!!