تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


شـركات التسـويق الشبكي من «كويست نت» إلى «كيونت».. استنزاف لعملتنا الصعبة والضحايا بالآلاف

تحقيقات
الثلاثاء 25-2-2014
هلال عون

يقول عبد الرؤوف عجاج: حدثني عديلي عن فرصة العمل الجديدة التي وجدها في شركة عالمية تدفع له أجرا كبيرا جدا بالعملة الصعبة (الدولار) مقابل عمل لا يمضي فيه أكثر من أربع ساعات في اليوم، وقد مضى على عمله الجديد حوالي شهرين

استطاع خلالهما أن يوفّي كل ديونه ويحصّل المبلغ الذي دفعه للعمل بالشركة كما اشترى أفخر الثياب إضافة إلى لابتوب لزوم العمل..‏‏

وأثناء الحديث سألني إن كنت أرغب بالعمل معه في الشركة نفسها.. وحين سألته عن ظروف العمل وطبيعته وعن اسم الشركة ومكانها قال: «هذه أسرار العمل ولا يجوز أن أطلعك عليها إلا حين توافق على الانضمام إلينا وتعمل معنا»...‏‏

‏‏

فما الذي حدث بعد ذلك الحديث مع (عجاج)؟‏‏

أقنع أخته بترك مهنة التعليم‏‏

يسرد السيد (عجاج) قصته مع شركة (كيونت) ومع عديله الذي قال له:‏‏

أنت تعلم أنني سجلت والدتي مندوبة للشركة بعد أن باعت مصاغها الذهبي، وأختي تركت مهنة التعليم بعد أن لاحظت الفرق الهائل في المردود المادي بين عملها الجديد وعملها القديم،وكذلك سجلت (عديلي سامر).. ولو لم يكن العمل ممتازا لما سجلت أقرب الناس إليّ.. إننا سعداء جدا (يا عديل) بهذا العمل وبعد أقل من عام سنشتري سيارة ومنزلا في أرقى المناطق السكنية.. إن الذين يعملون في هذه الشركة هم من نخبة المجتمع وكلهم مثقفون، والشركة أصلا لا تقبل إلا الناس المميزين.. لقد سعيت.. وبصعوبة استطعت تأمين فرصة عمل لك بها.‏‏

وقبل أن ينهي حديثه - يتابع عجاج - دعاني وزوجتي لزيارته في اليوم التالي لنتناول طعام الغداء في منزله.. لبينا الدعوة، وحين لاحظت التغيير في مستوى معيشته قلت له: أريد أن أعمل معكم، فقال: جهز مبلغ 2100 دولار لشراء منتج من منتجات الشركة حتى أستطيع إدخالك بالوظيفة.. وكن على ثقة بأنك ستعوض هذا المبلغ في غضون أسابيع قليلة.‏‏

‏‏

في اليوم الثاني بعت مصاغ زوجتي بمبلغ 1000 دولار (كان الدولار حينها بحوالي 220 ليرة) واستدنت من والدتي 100000 ليرة ومن أخي مبلغ 75000 ليرة وكان معي 100000 ليرة فأصبح المبلغ 475000 ليرة اشتريت بها 2100 دولار، وأخبرته بأن المبلغ أصبح جاهزا وطلبت منه أن يحدد لي موعدا مع الشركة كي أبدأ العمل.‏‏

في المطعم‏‏

أخذني إلى الشركة فوجدت نفسي أدخل إلى مطعم معروف بمنطقة الفحامة بدمشق، وعندما أبديت استغرابي من عدم وجود مقر للشركة حذرني من كثرة الأسئلة وأنني يجب أن أقول للخبير الذي سيوقع عقد العمل معي أنني فهمت حين يشرح لي عن عمل الشركة كي لا يرفضوني، وأفهمني أن هؤلاء هم وكلاء الشركة وأن مقرها في ماليزيا، وهي شركة غير تقليدية.‏‏

بعد أن دخلنا المطعم جاء الخبير وهو في الثلاثين من عمره تقريبا وبدأ يشرح لي عن عظمة هذه الشركة وعن تواجدها في 120 بلدا في العالم، وبعد أن أطلعني على صور لمشاهير هم من الأعضاء المؤسسين للشركة خيّرني بين ثلاثة منتجات تبيعها الشركة مقابل 2100 دولار للمنتج الواحد وهي:‏‏

- بطاقة تخولني الذهاب مع زوجتي وثلاثة أشخاص آخرين إلى مكان سياحي أختاره في دولة من بين مائة دولة في العالم.‏‏

‏‏

- ساعة سويسرية اسمها (كيونت).‏‏

- قلادة الطاقة، وهي عبارة عن قلادة معدنية وزنها حوالي 15- 20 غراما أخبرني أنها تسحب الشوارد السالبة من الجسم.‏‏

اشرب ميتها‏‏

في اليوم الأول لتوقيع عقد العمل بدأت وزوجتي نتحدث عن أجمل دولة بين الدول المائة لنختار السفر اليها ونقضي أسبوعين فيها مع ثلاثة ممن نحب.‏‏

وفي اليوم التالي ذهبت وسألت عددا من مكاتب السياحية والسفر عن البطاقة السياحية التي أخذتها من (الشركة) فقالوا لي: كثيرون راجعونا بمثل هذه البطاقة ونحن لا نعترف بها، وقال لي أحدهم:(بلها واشرب ميتها).‏‏

أما قلادة الطاقة فهي كأسوارة توضع في المعصم لسحب الشحنات الكهربائية الزائدة من الجسم وأن ثمنها لا يزيد على 800 ليرة وكذلك سعر الساعة.‏‏

أما عن العمل فعليّ أن أبحث عن ستة زبائن كدفعة أولى وآتي بهم إلى الشركة ليشتروا ما اشتريت وليحصل معهم ما حصل معي كي أحصل من الشركة 225 دولارا فأحسست بالخوف.. ولأتأكد من الإحساس الذي انتابني بحرمة ذلك العمل ذهبت إلى إدارة الإفتاء العام بوزارة الأوقاف فوجدت أن هناك أكثر من فتوى بتحريم التعامل مع هذه الشركة ومثيلاتها.. وكان ذلك بعد فوات الأوان.‏‏

وبعد أن تأكدت من حرمة هذا العمل لم أبحث عن زبائن جدد.. وذهبت أموالي، وحصلت خلافات بيننا كعائلة وبين الأخوات وبين أطراف العائلة.‏‏

شركة كيونت‏‏

هي شركةٌ انطلقت في ماليزيا عام 1998 على شبكة الإنترنت.. تعرض مجموعة من المنتجات عبر موقعها الإلكتروني، كالعملات المعدنية والتذكارية والميداليات ومنتجات الطاقة والساعات ومجموعة من الخدمات السياحية وخدمات الاتصالات، وأقل سعر لأصغر منتج تطرحه يساوي 700 دولار.‏‏

‏‏

وتقوم بالعمل على بيع منتجاتها عبر طريقة التسويق الهرمي أو الشبكي.‏‏

وكانت تعمل قبل حوالي ثلاث سنوات بشكل مرخص تحت اسم (كويست نت) وعندما ألغت وزارة الاقتصاد -في حينه- ترخيصها بسبب مخالفاتها وشكاوى بعض الذين وقعوا ضحية لها عادت ولكن تحت اسم (كيونت).. وضحاياها الآن عدد كبير وغير معروف من الطامحين لتحسين أوضاعهم المادية..حيث من شروط انضمام المسوقين اليها شراء منتج من منتجاتها بالعملة الصعبة لتقوم باعتباره بعد شراء منتجها عميلا مسوقا لمنتجاتها, وعليه أن يقوم بإقناع آخرين بالشراء، وهؤلاء الآخرين عليهم أيضا إقناع غيرهم بالشراء وهكذا... وهذا ما يسمى بالتسويق الشبكي.‏‏

قلم وورقة بلا مقر‏‏

إذا سألت المندوب أين مقركم ؟ يقول: لا مقر لدينا.. إذا كان لدينا مقر معنى ذلك أننا نعمل على التسويق التقليدي.. منتجاتنا نسوقها الكترونيا.. وأموالنا تصلنا الكترونيا.. لماذا المقر والمسوقون لا يملكون اي حقيبة معلومات او بروشورات او تعريف رسمي او سجلات مثبتة..‏‏

‏‏

بل تجد لديهم ثلاث ورقات وقلم رصاص.. ثم يبدأ فيلم الأرقام الخيالية الخالية من اي اثباتات.‏‏

لماذا المقاهي والمقاصف ؟‏‏

هناك لوائح صارمة في كيونت وهي:‏‏

أولاً: ممنوع دعوة أي شخص للانضمام للشركة على الهاتف.. بل يجب أن تلتقيه وجها لوجه..‏‏

ثانياً: يجب أن تلتقي الشاب في فندق او مقهى معروف حتى يشعر بالأمان والثقة حين يرى آخرين قد يعرفهم.. حيث يتواجد العديد من الشباب في هذا المكان.‏‏

ثالثاً: يسمون المقابلة مع الزبون الجديد (العرض) و يجب عليك حتى تستطيع أن تعمل (عرض) ان تسمع على الأقل 10 عروض، و ذلك حتى لا ترتبك اذا سألك زبون ما في المستقبل أي سؤال.‏‏

‏‏

أساليب الخداع‏‏

من أساليب خداعهم أنهم يقومون بحمل الدولارات في حقائبهم و محافظهم و يتظاهرون أمام الشبان بأنهم يخرجون هوياتهم أو أوراق حتى تلمح الدولارات و عندما تسأل عن هذه المبالغ يقولون لك: اعمل معنا و خلال فترة تملك أكثر من هذا المبلغ.‏‏

التسويق الشبكي‏‏

عندما اشتري المنتج من الشركة وأدفع ثمنه يكون عندي نقطتان.. الأولى شراء المنتج، والثانية فرصة التسويق للمنتج.‏‏

وعندما آتي بشخص ويشتري المنتج فإنني أحصل على نسبة من ثمن المنتج لأنني أصبحت مسوقا للمنتج ولي عمولة.‏‏

وإذا جاء الشخص الذي جئت به بزبون آخر واشترى المنتج فإنه يأخذ نسبة وأنا أيضا آخذ نسبة لأن الأخير جاء عن طريق شخص أتيت به للشركة.. وهكذا.‏‏

وتقوم الفكرة على صنع شبكة من العملاء، وكل عميل يشتري المنتج فالناس الذين فوقه من الشبكة يأخذون عمولة بنسب معينة وبطريقة معينة، وهكذا حتى تكبر شبكة العميل ويدخلها العشرات من العملاء كل يوم.‏‏

وتقول الشركة: إنها من خلال العملاء المسوقين تستغني عن الصرف على الإعلانات وتستفيد من الدعاية الشفهية التي يمارسها الزبون بنفسه، بذلك تبرر العمولات الكبيرة (المشروطة والمحكومة بقواعد) التي تمنحها للعميل على المنتجات التي تباع من خلاله، حيث يمنح الزبون 250 دولارا بعد أن يقنع ستة زبائن غيره بالاشتراك بحيث يكونون شبكة «3 على اليسار و 3 على اليمين» وكلما تشكل 6 زبائن جدد من خلال الزبون أو من خلال عملائه الذين أتى بهم يحصل على 250 دولاراً.‏‏

90 % للعميل الأول‏‏

الرأس الكبير أو العميل الأول بين المائة أو الألف..الخ هو من يحظى بالحصة الكبرى التي تصل الى حوالي 90% من العمولات الموزعة على شبكته مهما كان عددها، أي أنه يأخذ 90% من أتعاب غيره وهو نائم.. لأنه رأس الهرم.‏‏

ولابد من قيامه ومن ثم قيام من بعده بخديعة الناس أكثر وأكثر كي يحصلوا على هذه الأموال.‏‏

والأنكى أن الزبون يأتي دائما بأصدقائه الذين يثقون به باسم محبة الخير لهم، ولكنه في الحقيقة يأتي بهم ليخسروا أموالهم وليحقق هو من خلالهم العدد المطلوب من الزبائن والنقاط المطلوبة لتحقيق الربح الوفير.‏‏

بعملية حسابية‏‏

ببساطة، لنفترض أن أسعار منتجاتها هي بين 700 إلى 2100 دولار، ففي حالة اشتراك 100 عضو فسيدفعون مابين 70.000 إلى 210.000 دولار للشركة مقابل سلع قيمتها بين 3000 الى 10000 دولار، أي ان أرباح الشركة على الثمن الحقيقي للسلعة قد تزيد على 2000%.‏‏

ولشرح أرباح العملاء وكيفية توزيع تلك الأرباح عليهم يمكننا أن نفترض مثلاً وجود هؤلاء المائة أسفل شخص واحد (50 على اليمين ومثلهم على اليسار).‏‏

وبما أن نظام الشركة يعطيك على كل ثلاثة على اليمين وكل ثلاثة على اليسار 250 دولار.‏‏

في أول خمسة مستويات سيكون تحت هذا العضو بطريقة هرمية 2+4+8+16 = 30 شخصا، المستوى الخامس يكون به 16 شخصا.‏‏

فإذا عدنا إلى المستوى الخامس ومجموع الأشخاص به هو 30 شخصا، أي 15 شخصا على اليمين ومثلهم على اليسار.‏‏

فعن كل 3 أشخاص ستحصل على 250 دولار. يعني 30 = 10*3 أي سيحصل بعد المستوى الخامس على 2.500 دولار.‏‏

بعدها سيحصل على رصيد عن الباقين، وهم السبعين شخصا بالأسفل.‏‏

والمستوى السادس هو 32 وسيحصل عنهم على 2.500 دولار مرة اخرى (على شكل رصيد) مع أخذ الاثنين الباقين للمستوى اللاحق.‏‏

بقي لدينا 2 من المستوى السادس بالإضافة إلى المتبقي من المائة وهم 38 يساوي المجموع 40 شخصاً وبتقسيمهم على 3 سنحصل على 13 وكسور، الـ13* 250 دولاراً = 3.250 دولار.‏‏

أي مجموع الأرباح من الـ100 هو 2.500 + 2.500 + 3.250 = 8.250 دولارات كلها لشخص واحد.. باختصار ستكون النتيجة 100 ضحية نأخذ من جيوبهم 70 إلى 210 آلاف دولار أي حوالي 10 إلى 30 مليون ليرة، لكي نحصل بالنتيجة على حوالي مليون وربع المليون ليرة ستذهب كلها لشخص واحد.. فهل هناك غبن أكبر من هذا الغبن؟‏‏

رأي شرعي‏‏

في رد لمفتي دمشق الدكتور عبد الفتاح البزم مسجل بديوان الوزارة برقم 7643 تاريخ 18/ 9/2013 وصادر بتاريخ 7/10/2013 على سؤال حول حكم التعامل مع شركة كيونت وأمثالها جاء فيه:‏‏

بعد النظر في الصفحات المعرّفة بالشركة، ومن خلال الصفحات الأولى التي تردّ فيها الشركة على السائل، ومن خلال الصفحات المبيّنة لمنهج عمل الشركة وما أطلقت عليه (السيستيم) وُجد في الصفحات براعة في التسويق دون التعريف بحقيقة عمل هذه الشركة، فهي لا تجعل العميل وكيلا أو أجيرا أو مندوبا إلا بشراء منتج لها أو دفع مبلغ من المال، والغاية العمولات وليس المنتج مع تباين كبير بين ما يدفع وثمن المنتج، والمشترك يدفع مبلغا قليلا من المال ليحصل على مبلغ كبير من خلاله، فالمعاملة نقود بنقود مع التفاضل والتأخير، وهذا الربا عينه، كما أن هذا يوحي ببيع وشرط، أو بصفقتين في صفقة واحدة، وكلاهما منهي عنه، والشرط الموضوع يؤدي إلى فساد العقد، إن صح العقد أصلا، وعند دخول أحدهم في الشركة يصبح عميلا لها ويُعطى مبلغا لا على عمل واضح يقوم به بل مقابل تحقيق شبكة لجلب العملاء يسرة ويمنة، وإن صح أن نسمي ذلك إجارة فهي فاسدة لأنها لا تُستحق على عمل بيّن، إلى جانب أمور مسطرة ببراعة التسويق لا بتوضيح نظام الشركة، وفي ذلك ضرب من الغرر المحرّم شرعا وأكل أموال الناس بالباطل بمعاملة تعتمد الغش والتدليس على الناس ببراعة العرض ناهيك عن مآخذ جمة أخرى.‏‏

لذا أنصح بالبعد عن التعامل مع هذه الشركة وأمثالها إذ لم تُبن أصلا على قواعد شرعية. والنبي  يأمرنا بترك ما يريبنا إلى ما فيه الحلال البيّن.. وفي الحديث الشريف: (... دع ما يريبك إلى ما لايريبك).‏‏

غــــش وتدليــــــس‏‏

مدير الشركات في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بشير هزاع أكد انه تم إلغاء ترخيص شركة (كويست نت) التي تعمل في نفس المجال منذ ثلاث سنوات بسبب الغش والتدليس في أعمالها، ويبدو أن الشركة ذاتها عادت لمزاولة العمل نفسه، لكن تحت اسم (كيونت)، وهي غير مرخصة وليس لها مقر رسمي، وتعاملنا معها يتم من خلال شكاوى ضحاياها وإرسال الدوريات التموينية إلى مراكز وجود مسوقيها.‏‏

وأضاف هزاع: تولي الجهات المختصة هذه القضية عنايتها وقد تم تزويده بالمعلومات المتوفرة لدى الوزارة بناء على طلبها.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية