تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


فصول جديدة في الحرب العدوانية على سورية

دراسات
الثلاثاء 25-2-2014
منير الموسى

في النفس الأخير من الحرب العدوانية الأميركية على سورية تحاول واشنطن رمي مزيد من الوقود الإرهابي على سورية عبر النظام الأردني الذي كانت كلمة مندوبه في جلسة مجلس الأمن بشأن المساعدات الإنسانية لسورية ملكية أكثر من الملك،

وإرهابية أكثر من إرهاب تنظيم القاعدة ، ونسي أن السلاح الفتاك الذي يقتل أبناء الشعب السوري ويهجرهم وأن معظم إرهابيي الناتو الذين يستخدمون هذا السلاح قد عبروا إلى سورية عبر الأردن وما زالوا يعبرون حتى الآن وبأعداد كبيرة، وهذا يأتي بمنزلة إعلان حرب. ولو أن واشنطن أشعرت النظام في الأردن أنها تسير نحو تسوية لملفات المنطقة بعد انتصار محور المقاومة لهرعت حكومته إلى دمشق .‏

ولكن الحرب الشاملة التي تشنها واشنطن على عدة ساحات في العالم ، في الشرق الأوسط ، وآسيا ، وأوروبا الشرقية ، وأوروبا الغربية ، وأميركا الجنوبية ، وكل النقاط الساخنة في العالم لم تنته وهي مرتبطة بعضها مع بعض ارتباطاً وثيقاً في عالم تترنح فيه قوى عظمى وتترسخ أخرى وهو ما دفع واشنطن إلى إجراء مساومات على هامش حروبها التي تشنها بالوكالة تتطلب منها عدم الاعتراف بانتصار المقاومة ، إذ كان خيار واشنطن أن يقاتل الإرهابيون بالنيابة عنها لتساوم القوى الأخرى في أكثر من مكان ، من أوكرانيا إلى فنزويلا إلى المنطقة العربية .‏

وبعد ثبات الجيش العربي السوري وتوجيهه ضربات قاصمة لإرهابيي تنظيم القاعدة المدعومين من دول العدوان على سورية وفشل الأجهزة الاستخبارية الغربية في تحقيق المخطط المرسوم بإسقاط سورية وتقسيمها راحت واشنطن تبحث عن اتفاق إطار مع روسيا كي لا تخرج خاسرة في معاركها التي أشعلتها حول العالم منذ بداية الألفية الثانية حتى الآن ولا سيما في أفغانستان وسورية ، والمطلوب أميركياً في هذا الاتفاق التعتيم على النصر السوري ، وهو ما عبّر عنه وزير الخارجية الأميركية في اجتماعه مع عناصر استخبارية أميركية تعمل بالقرب من البحر الميت في الأردن ، وهذا يعني أن الولايات المتحدة لا تريد الخروج خاسرة بل ستحمل كل الخسائر للدول الإقليمية الحليفة لها. بينما قبلت واشنطن على مضض صعود محور المقاومة إضافة للعراق ، فأصبحت إيران القوة الإقليمية رقم 1، وسورية البوابة الإستراتيجية لآسيا ، وظهر أن الخاسرين دائرة نصف قطرها تركيا والسعودية وإسرائيل التي بدأ عمرها يقصر، لأن النظام العالمي الذي خلفته الحرب العالمية الأولى والثانية يلفظ أنفاسه الأخيرة، ولكي تخرج أميركا رابحة تحتم عليها أن تعد العدة لاتفاق شامل مع إيران وسورية ينبع من حقيقة أن إسرائيل لم تعد مفيدة لواشنطن ، وملاحظات رجل الاستخبارات الأميركي مايكل شويير تؤكد أن ثمة انسحاباً وشيكاً للولايات المتحدة من المنطقة وإن لم تأخذ ضمانات لأمن إسرائيل من محور المقاومة.‏

الولايات المتحدة على مفترق طرق في المنطقة ومع إسرائيل التي سعت على مدى عقود لتصبح قوة إقليمية لا أحد يقف في وجه مطامعها، وتخلي أميركا عن تحمل أعباء إسرائيل لن يكون أملاً زائفاً، بل المتوقع أن تفعل البراغماتية الأميركية فعلها على المدى المتوسط .‏

وانتصار محور المقاومة هو الذي سيجعل حكام واشنطن يعون أن سورية وجنيف ليستا في الولايات المتحدة التي ينبغي عليها التوقف عن التدخل في كل شيء وفي كل وقت وفي كل اتجاه، وعندما يتوقف التدخل الأميركي ستكون المشكلات في كل العالم شبه معدومة وستحل كل القضايا الإنسانية التي تسبب بها إرهابيو الناتو، وخاصة أنه لا يمكن لواشنطن أن تنسب لنفسها أي حق بالتدخل الأميركي الممنهج لأن كل البلدان المبتلية بالتدخل الأميركي لم تتدخل البتة في الشؤون الأميركية، وتحدو شعوب العالم من فنزويلا إلى أوكرانيا إلى العالم العربي القول لحكام أميركا: لماذا تحشرون أنفسكم فيما لا يعنيكم ، أليس لديكم ما يكفيكم من المشاكل في بلادكم؟‏

كانت الرابطة الوثيقة بين الولايات المتحدة وقاعدتها العسكرية في المنطقة «إسرائيل» وهما الأكثر إجراماً بتاريخ البشرية ، هي التي تدفع واشنطن للتدخل في الدول المجاورة لفلسطين المحتلة من وقت لآخر من أجل الهيمنة ، وليس لأن محور المقاومة يحمل في جيناته معاداة للسامية ، كما تزعم وكيلة الخارجية الأميركية ويندي شيرمان. ولن نقول إن الخداع بحسب جزء من جينات حكام واشنطن، ولكن التضليل والخداع والذرائع الكاذبة وانعدام الثقة هي ما برهنت عليه الولايات المتحدة خلال ثلاث سنوات من عمر الأزمة في سورية وخلال محادثات جنيف، مقابل موقف روسي وصيني وإيراني وسوري شفاف وشريف.‏

وأزمة الثقة تجلت بين واشنطن وبين حلفائها الذين ترميهم بمجرد وصولها إلى أهدافها أو فشلها في تحقيقها ، فقيادات الاتحاد الأوروبي مستاءة بعد فضيحة فيكتوريا نولاند مساعدة جون كيري ، التي سمع بها خمسمئة مليون أوروبي، إثر تسرب شريط بصوتها وهي تقول فيه: «فلتذهب أوروبا للجحيم»، ما يدل على تزعزع الثقة بينهم بعد الفشل الذريع في التدخل في سورية.‏

زيارة أوباما إلى السعودية ستتضمن إملاءات الدور الجديد الذي يجب أن تلعبه السعودية ، لأن أميركا التي تشبه الأفاعي تستطيع أن تلعب لعبة المرونة وتبديل الجلد متى شاءت ، فهي تحاول تبديل الطريقة في الدفاع عن مصالحها ، ولكن بني سعود بعد فشلهم في سورية ستأتيهم الأوامر الأميركية واضحة لتقول لهم بدلوا جلدكم وابحثوا عن مخطط جديد ، ولكن بنات آوى إذا سلخ جلدها عنها تموت ، وهذا حال كل من اشترك في العدوان على سورية وحتى الأدوات مثل المرتزقة وتنظيم القاعدة والإخوان المسلمين وكل الممولين أجنبياً بزعم أنهم معارضة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية