فقد كان متأخرا وغير إنساني تجاه العائلات عدم إقرارها. القصور كان في السلوك الذي سبق ذلك, في التفويض الذي أعطي لمن تفاوض للوصول الى اتفاق دون أن يعرف اذا كان الرجلان حيين أم لا.
التشبيه بحالات سابقة ليس في مكانه, كون هناك فارق بين الأحياء والأموات. جلعاد شليت حي, وعن رون أراد كانت هناك أدلة في حينه بأنه حي, وحتى تننباوم, سواء كان تاجر مخدرات أم لا, كان إسرائيليا حيا في الأسر, وهكذا أيضا محرري صفقة جبريل في حينه. عندما يدور الحديث عن إسرائيليين أحياء يوجدون في أسر العدو سيكون للحكومة حرية تامة في أن تدفع ثمنا باهظا جدا لقاء تحريرهم. وكي لا نصل الى وضع يكون فيه الأسير المعروف بأنه كان حيا, غابت آثاره ولم يعد مصيره معروفا. يختلف الأمر في حالة الضحايا. هذا أليم ومحزن, ولكن حكم الأحياء ليس كحكم الأموات.
وماذا عندما لا نكون نعرف? عندما يكون العدو عديم القيم والضمير ولا يسلم تفاصيل, والأسرة الدولية بقيت غير مكترثة, ما العمل إذن? في مثل هذه الحالة يجب الإيضاح للطرف الآخر في بداية المفاوضات بأننا لا يمكننا أن نوافق على الثمن طالما لم نعرف عن ماذا يدور الحديث. لا ندفع لقاء ما لا نعرفه. هذا منطقي, هذا يخلق دافعا في الجانب الآخر للحفاظ على حياة رجالنا, وهذا يمكنه أن يكون أيضا مقبولا من عائلات الأسرى, شريطة أن يكون واضحا وعلنيا للجميع منذ البداية.ولكن لا يمكن إعطاء تفويض لمندوبين للتوصل الى اتفاق كهذا وعندها الشروع في التردد. هذا لا يمكن مطالبة العائلات بقبوله. إذ يوجد اتفاق وبعد قليل ستتوقف الشكوك المضنية والمعذبة لهم. الخلل هو ليس في إقرار الاتفاق الذي جيء به, إذ بات من السابق لأوانه إلغاؤه. الخلل هو في التفويض في التوصل الى مثل هذا الاتفاق.
مرة اخرى مشكلة سلوك. مثلما هو القرار بالرد بالقوة كان صحيحا, كانت المشكلة في السلوك, في إدارة الحرب, هنا كذلك أيضا, القرار في التوصل الى اتفاق حيوي, ولكن الإدارة إشكالية.الان, عند إجمال القضية برمتها الاختطاف, الحرب والاتفاق يتبقى الى جانب الحزن الإحساس السيء بالمهانة. ما كان يفترض بالأمر أن يكون على هذا النحو
هدف الخطف كان تحرير قنطار. هذا رمز وبطل بالنسبة لهم.
وبالفعل, قنطار والباقون حرروا مقابل جثتي جنديينا. وفضلا عن ذلك فان عدد الصواريخ التي تهددنا تضاعف مرتين او ثلاث مرات, من يدري. إذن ما الذي فعلناه في واقع الأمر? صحيح, مئات مخربي حزب الله قتلوا وضرر الحق بلبنان, وبالتأكيد يحتمل أنهم سيفكرون هناك مرتين قبل محاولة اختطاف اخرى.
ولكن أهدافنا, مثلما عرضها في حينه رئيس الوزراء لم تتحقق. في الحرب لم يحرر المخطوفان وتهديد الصواريخ على اسرائيل لم ينزع.
يمكن أن نرى أيضا ماذا تساوي القوة الدولية التي يفترض ان تفرض قرارات الأمم المتحدة. هي لا تساوي الكثير في لبنان, ومحظور الاعتماد على مثل هذا الترتيب في جبهات اخرى أيضا. الهدوء منوط فقط في إرادة الطرفين وبفهمهما الثمن الذي سيدفعانه على خرقه.
الثمن الذي دفع في لبنان لم يكن عاليا بما فيه الكفاية. هل كان يمكن ألا تنتهي القضية بالاحتفالات في بيروت وبالمهانة عندنا? هل كان يمكن ان ينتهي الأمر بالحزن فقط وليس بالمهانة? يحتمل نعم.