إن هذه الأسماء ومعانيها قد ذكرت في برنامج (أسماء ومعان) الذي يعرض على قناة (الدنيا) الفضائية ذلك عندما استضافت المحطة السيدة ( وفاء حبيب) المختصة بقراءة معاني الأسماء التي ترد إلى البرنامج من خلال المتصلين عبر الرسائل القصيرة (SMS) وأيضاً على البرنامج مباشرة.
إن هذا ليس جديداً على المشاهد فلقد عودتنا فضائيات عديدة على هذه البرامج التي تستهلك عقل ووقت ومال المشاهد, هذا المشاهد الذي يدرك مسبقاً الهدف والغاية التي من أجلها تعرض وتقدم إليه هذه الخزعبلات والترهات لكنه وبسبب ضغوط الحياة وقلقه من المجهول, ليستمر في المحاولة فلعل وعسى.
الجديد في هذا البرنامج أن المعاني التي قدمتها السيدة (وفاء) لبعض أسماء المتصلين لم تكن بمعجزة فكل من يقرأ ويكتب باستطاعته إن لم يكن يعرف استخراجها من القاموس وأيضاً وبدون قاموس بإمكانه معرفة أن الأحرف قد تكون نارية أو ترابية أو مائية أو هوائية.
الغريب أنه وكلما أزداد عرض مثل هذه البرامج - ازداد قلق الإنسان وحاجته لاكتشاف المجهول في حياته وأيضاً ازداد انعدام ثقته بكل ما يحيط به في الحياة في هذا البرنامج تحديداً تعترف المختصة بأن ما تقوم به ليس عن دراية ودراسة أكاديمية وإنما عن خبرة ولكن خبرة بماذا?! ربما بأنها أضافت إلى معاني الأسماء بعضاً من مميزات صاحبها بشكل يستفز المتصل الذي يكون وبعد أكثر من محاولة للإتصال والانتظار قد نال من معنى اسمه نصيب منعدم الجديد..
فمثلاً عندما اتصلت فتاة اسمها علا.. أخبرتها المختصة (وفاء) بأنها جميلة جداً وميالة للطول وأن عليها أن تكون حذرة لأنها تصاب بالحسد وبأنها ستتزوج باكراً قالت هذا لكل من يحمل الأسم ذاته علماً أنني شخصياً أعرف أكثر من فتاة تحمل الأسم لكنها ليست طويلة ولا جميلة إضافة لكونها تبحث عن فرصة للزواج تسعفها من تقدم العمر ودون جدوى.
أما الشاب الذي اتصل ليعرف معنى اسمه وكان (نهاد) فلقد أخبرته بأنه عصبي وقليل الحظ وليس لديه ثبات بالعمل وأتساءل: من ليس عصبياً في هذا الزمن المشحون بالقلق والتوتر وقلة الحيلة أمام ضغوط الحياة? أم أنه ربما وعندما يسمع مثل هذا الكلام يجد مبرراً لعصبيته أو تركه للعمل أو فشله في الحياة وهو بذلك يضع كل اللوم على اسمه الذي لم يكن له في اختياره رأي.
اسماء كثيرة اتصلت ومعان قليلة فسرت ما ليس بحاجة إلى تفسير واستغرب هل دخلنا عصر الفضائيات والعولمة لنصبح بشراً على هامش الوعي? وهل كانت مهمة الحضارة الجديدة ترويج مشاعرنا وحاجاتنا وتسويقها لالشيء إلا لكسب الأرباح التي لا يجني المشاهد من خلالها احتراماً.
يكفي. فاحترام الإنسان وعقله وحياته واجب يجب ألا يتهاون أحد في تقديمه ولاسيما إذا كان من قبل شاشات ضخمة يرصد لها من الأموال ما يكفي حاجة العديد من الناس ومنهم أولئك الذين يتصلوا بعد أن ضاقت بهم سبل الحياة ووسائل الوعي فيزداد ضياعهم في خضم اللاجدوى.
يكفي.فكل هذا هو سبيل لرجعيتنا والاستخفاف بعقولنا وللتأكيد بأننا أمة من السهل تخديرها وإعاقة عقولها عن العمل.
وهكذا وبهذا الكم من البرامج والسماح لهما لا يمكن لنا إلا أن نبقى نراوح باتجاه الخطف خلفاً ولن نصل أبداً.