تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


قانون السير الجديد

أبجد هوز
الأحد 27/7/2008
معتصم دالاتي

ما إن استقر مقعدي على مقعد التكسي حتى طلب مني السائق أن أضع حزام الأمان, وفي نهاية المشوار كان العداد يسجل مبلغ اثنين وعشرين ليرة وبضعة قروش, فأعطيته خمساً وعشرين ليرة, أخذها دون اعتراض لكن تكشيرة وجهه كانت تنم عن عدم الرضى.

وحين قلت له: الله يعطيك العافية, لم يرد علي, غير أن واقعة جرت أثناء المشوار وهي أن راكب »بسكليت « نبق أمامه فجأة, فمد السائق رأسه من النافذة وناول أمه بمسبة من تحت الزنار.‏

حين ركبت مع صديقي المثقف سيارته كان أول ما فعله أن تنكب حزام الأمان وأمرني أن أفعل فعلته لأن الشرطة بالمرصاد لأي مخالفة, وقانون السير الجديد ما في يا أمي ارحميني, وأثناء مرورنا في إحدى الحارات كان شابان بعمر الورد يكزدران في منتصف الطريق ولم يعيرا الزمور أي انتباه, إلا بعد أن اشتد هذا الزمور, فما كان من صديقي المثقف إلا أن فقعها شتيمة من كعب الدست لكن دون أن يمط رأسه من النافذة مثل سائق التكسي أنف الذكر, قلت له:ما شاء الله عليك يا مثقف يا فهيم على هيك مسبات, بالله عليك شو تركت لأفراد الطبقة العاملة على السوزوكيات والسرافيس وسيارات الشحن وباصات الهوب هوب والتكسيات والترينات, ?قال: عمي أنت اللي عامل حالك مثقف أكتر مني تفضل اجلس مكاني وراء الدركسيون وفرجيني ثقافتك بهيك حالات.‏

قلت: أنتم السائقون الخصوصي والعمومي, وبجميع أسمائكم ومسمياتكم وانتماءاتكم طلع قانون السير الجديد من خرجكم وعمل منكم ناساً نظاميين ومتحضرين غصباً عن رأسكم بعد ما شبعتم فلتنة وتجاوزات, لكن هذا القانون الصارم قد أهمل بنداً واحداً وهو أنه لم يضع عقوبة للذي يفلت لسانه بمسبة أو بشتيمة أو كلمات نابية تخرجه من إنسان نظامي متحضر إلى شخص سوقي, قال: لأ عمي لا تغلط, فالمشرّع الذي شرع قانون السير الجديد لم تفته صغيرة ولا كبيرة, ولا تفتكر أن ما ذكرت قد غاب عن باله, لكنه كان حكيما في هذه النقطة ولا شك أنه قد حسبها جيداً على الشكل التالي: قانون السير هذا سيجعل السائق نظامياً, لكن المواطن الماشي على رجليه غير نظامي والشرطي غير نظامي وأرصفتنا غير نظامية وشوارعنا غير نظامية واستيعاب الشوارع والكراجات لعدد السيارات المتفشية في البلد أيضا غير نظامي, وهذا السائق المكبل بكل هذا النظام في قانون السير الجديد وهو في مواجهة كل هذا اللا نظام الذي ذكرت, عندما يتعرض لمفاجأة غير متوقعة فهو أمام أحد خيارين, فإما أن يفلت لسانه بالشتائم والمسبات وهذا ما يسمونه في علم النفس بالتنفيس, أو أن ينفجر ويطق أو يصاب بالجلطة وهو وراء الدركسيون وهذا ما يمكن أن يتسبب بحوادث جديدة لا يتحمل مسؤوليتها أحد, لأن الطاقق أو المنفجر أو المجلوط هو بالضرورة معفى من أي غرامات مادية أو عقوبات فيرتكب الكبائر ولا تستفيد الحكومة منه بليرة واحدة.‏

تعليقات الزوار

أيمن الدالاتي - الوطن العربي |  dalatione@hotmail.com | 27/07/2008 02:42

صرنا نفتقد للآداب العامة, ولانشعر كم نخسر ونحن نتخلى عنها بسطحية.

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية