جاء وقت تسديد الحساب للاحتلال وكنسه من أرضنا والقضاء على نفوذ الأجنبي في وطننا العربي وليس أمام شعبنا العربي سوى المقاومة فهي الخيار والطريق ولها هدف نبيل وثمن باهظ وزمن قد يطول ولكن الإنسان لا يعيش من دون حرية وكرامة.
كتاب انتصار تموز التاريخي وتداعياته على المشروع الصهيوني الأميركي للمؤلف والباحث أكرم مكنا ,يتناول هذا الموضوع بكثير من التفصيل مدعماً إياه بالوثائق والحقائق والأرقام, والكتاب صدر مؤخراً في دمشق عن دار الوسيم ويتوزع عبر /400/ صفحة من القطع الكبير على مقدمة وخاتمة وثلاثة فصول رئيسية يبدأ الباحث (مكنا ) بالقول :إن مجتمعنا العربي أصبح مدعواً إلى تعزيز ثقافة المقاومة ,ثقافة الحرية والابداع حيث لا انفصال بين هذه المفاهيم,فتقليد الأوسمة لمن قتل وشرد الملايين من أبناء أمتنا العربية تحت مسميات الواقعية السياسية لن يجلب لنا سوى مزيد من الفرقة والتشتت.
وبعد أن يستعرض الباحث أحداث الغزو الاسرائيلي للبنان عام 1978 في عملية (الليطاني) ذلك الغزو الذي احتلت اسرائيل أثناءه أجزاء واسعة من جنوب لبنان فإنه يتحدث عن نشوء المقاومة الوطنية اللبنانية التي استطاعت أن تكبد العدو خسائر فادحة أكبرها على الإطلاق خسارته المدوية في عدوان تموز 2006 حيث جر وراءه ذيول الخيبة والهزيمة.
ويؤكد مكنا أن الشعب البناني الشقيق احتضن المقاومة لأنها وفرت للبنان الحق المبني على الشرعية أولاً والقوة المسلحة الجاهزة التي تعمل على تنفيذ هذا الحق ثانياً واحتضان الدولة لهذه المقاومة ثالثاً,وعندما ثبت الرئيس اللبناني إميل لحود هذه الاستراتيجية أصبح لبنان يؤمن بأن الانسحاب الاسرائيلي من الجنوب أصبح في متناول اليد لا محالة وهو ما تحقق فعلاً عام .2006
ويشير الباحث إلى أن الرئيس لحود ظل متمسكاً بدعم المقاومة حتى اليوم وأدخلت مواقفه أثناء فترة رئاسته التحصينات القانونية اللازمة لإعطاء قوة ومناعة للمقاومة ولحزب الله تحديداً كحركة وطنية مقاومة للاحتلال وذلك من أجل الوقوف في وجه التطورات التي حصلت بعد أحداث 11 أيلول ولا سيما إعلانه أن الحزب هو حزب لبناني صرف لا امتدادات ولا أعمال خارجية له إطلاقاً وأنه لا يقوم بالأعمال المسلحة إلا في حال الاعتداء الاسرائيلي عبر الخط الأزرق على الأراضي اللبنانية وذلك بهدف الدفاع عن النفس وكذلك لتحرير مزارع شبعا وجوارها من الاحتلال الاسرائيلي.
وفي ثنايا صفحاته يفرد المؤلف مساحات واسعة للحديث عن أن المقاومة ستبقى في جهوزيتها التامة طالما أن هناك أرضاً لبنانية لا تزال تحت الاحتلال, مشيراً إلى أسباب انتصار المقاومة ونتائج هذا الانتصار الاقتصادية,والسياسية والعسكرية وكيف تناولتها مراكز البحث الغربية واشارتها الواسعة إلى انهيار عقيدة الكيان الصهيوني الأمنية والعسكرية وتحطم أسطورة الجيش الذي لا يقهر, مستخلصة العبر من دروس هذه الحرب وخصوصاً الهزيمة الأميركية- الاسرائيلية المزدوجة مختتماً كتابه القيم بالاشارة إلى أن اسرائيل فشلت فشلاً ذريعاً في تحقيق استراتيجيتها بسبب صمود المقاومة وبطولتها.