تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أخبار الحمقى العجيبة

ساخرة
21/2/2008
في كتابه الجميل (أخبار الحمقى والمغفلين) يذكر ابن الجوزي صفات الأحمق المتصلة بخصاله وفعاله, ويحذر من صحبة الحمقى,

ويذكر أسماء بعض الحمقى, مما ورد في الصفحة الساخرة السالفة مثل هبنقة وجحا - علماً أن بعضهم يرى جحا من الحكماء أصحاب النوادر.. حتى إن كتباً ألفت عنه, وفي صفحة اليوم نتابع الأخبار العجيبة, لأولئك الحمقى.‏

لا شك أن من أطراف الحمقى (مزبد), فقد غضب عليه يوماً بعض الولاة فأمر الحجام - أي الحلاق - بحلق لحيته, فقال له الحجام: انفخ شدقيك حتى أتمكن من الحلاقة. فقال: الوالي أمرك بحلق لحيتي.. أو تعلمني الزمر?‏

وقيل لمزبد يوماً إن فلاناً الحفار قد مات فقال: أبعده الله.. مَنْ حفر حفرة سوء وقع فيها.‏

لا يكون شيء .. إلا بشيء‏

وقال لرجل: أيسرك أن تعطى ألف درهم وتسقط من فوق البيت? قال: لا. قال مزبد: وددت أنها لي وأسقط من فوق الثريا - وهي نجوم في السماء - فقال له الرجل: ويلك, فإذا سقطت مت. قال: وما يدريك, لعلي سقطت في التبانين - فوق التبن - أو على فراش زبيدة.‏

وقيل له: أيسرك أن تكون هذه الجبة لك? قال: نعم. واضرب عشرين سوطاً. قالوا: ولمَ تقول هذا? قال: لأنه لا يكون شيء إلا بشيء(1).‏

وهناك من الحمقى المشاهير: أبو محمد جامع الصيدلاني, كتب إليه أحدهم كتاباً, فكتب جوابه, وجعل عنوانه كما يلي: إلى الذي كتب إليّ.‏

وركب زورقاً فأعطى الملاح قطعة فاستزاده, فقال: مسخني الله ذا أربع مثلك إن زدتك شيئاً.‏

ولدت أيام البراغيث‏

ومضى إلى السوق ليشتري لابنه نعلاً, فقيل له: كم سنه? فقال: ما أدري ولكنه ولد أول ما جاء العنب الداراني, ومحمد ابني, أستودعه الله, أكبر منه بشهرين ونصف سنة.‏

وكانت له بنت فقيل له: كم سنها, فقال: ما أدري, ولكنها ولدت أيام البراغيث(2).‏

ومنهم أبو عبد الجصاص, نظر يوماً في المرآة فقال: اللهم بيض وجوهنا يوم تبيض وجوه وسودها يوم تسوّد وجوه(3).‏

وكسر يوماً لوزاً فطارت لوزة فقال: لا إله إلا الله, كل شيء يهرب من الموت, حتى البهائم.‏

وأتاه غلامه يوماً بفرخ وقال: انظروا إلى هذا الفرخ ما أشبهه بأمه. ثم سأل: أمه ذكر أم أنثى?‏

لماذا سره .. ما غمهم?‏

ومما يروى عنه ما ذكره الفقيه الشافعي محمد بن أحمد الترمذي, فقد قال: كنت عند الزجاج - عالم النحو واللغة المشهور - أعزيه بأمه وعنده الخلق من الرؤساء والكتاب, إذ أقبل ابن الجصاص, فدخل ضاحكاً وهو يقول: الحمد لله, قد سرني والله ياأبا اسحق! فدهش الزجاج ومَنْ حضر. وقيل له: ياهذا كيف سرك ما غمه وغمنا? فقال: ويحك بلغني أنه هو الذي مات, فلما صح عندي أنها هي التي ماتت سرني ذلك, فضحك الناس جميعاً(4).‏

أب وابنه .. وقاض!‏

ويعرض ابن الجوزي لطائفة أخرى من الحمقى يسميهم القراء والمصحفين, ومن ذلك هذه الحكاية التي يبسط فيها حماقة ثلاثة أشخاص هم أب وابنه وقاض, فقد قدم الرجل ابنه إلى القاضي, فسأل القاضي الابن: ما تقول ياغلام فيما حكاه أبوك عنك? قال: يقول غير الصحيح فإني أصلي ولا أشرب الخمر. فقال أبوه: أصلح الله القاضي, أتكون صلاة بغير قراءة? فقال القاضي: ياغلام تقرأ شيئاً من القرآن? قال: نعم, وأجيد القراءة. قال: اقرأ. فقال الابن: بسم الله الرحمن الرحيم‏

علق القلب ربابا بعد ما شابت وشابا‏

إن دين الله حق لا أرى فيه ارتيابا‏

فقال أبوه: والله أيها القاضي ما تعلم هاتين الآيتين إلا البارحة, لأنه سرق مصحفاً من بعض جيراننا. فقال القاضي: قبحكم الله, أحدكم يقرأ كتاب الله ولا يعمل به(5).‏

وقال رجل لابنه وهو في المكتب: في أي سورة أنت? قال في (أقسم بهذا البلد ووالدي بلا ولد) فقال أبوه: لعمري من كنتَ ابنَه فهو بلا ولد.‏

وقال المأمون لبعض كتابه: ويلك ما تحسن تقرأ? قال: بلى والله, إني لأقرأ من سورة واحدة ألف آية.‏

بين (نستعين) .. وتسعين?!‏

وينقل مؤلف أخبار الحمقى والمغفلين أنه سمع ابن الرومي يقول: خرج رجل إلى قرية فأضافه خطيبها فأقام عنده أياماً. فقال له الخطيب: أنا منذ مدة أصلي بهؤلاء القوم وقد أشكل علي في القرآن بعض مواضع. قال: سلني عنها. قال: منها في (الحمد لله): إياك نعبد وإياك, أي شيء, تسعين أو سبعين? أشكلت علي هذه فأنا أقولها, تسعين آخذ بالاحتياط(6).‏

أما رواة الحديث والمصحفون, أي الذين يسمعون كلاماً ليكتبوه, ثم يسجلون كلاماً آخر مختلفاً, فقد تناول الحمقى والمغفلين منهم ابن الجوزي أيضاً, فإن الخليفة الأموي عبد الملك كتب إلى أبي بكر بن حزم, قاضي المدينة وأميرها أن (احص) مَنْ قِبَلَك من المخنثين. فصحف الكاتب فقرأ بالخاء فخصاهم. فقال بعض المخنثين: اليوم استحققنا هذا الاسم.‏

من المحادثين.. الأغبياء‏

وجاء رجل إلى الليث بن سعد, فقال: كيف حدثك نافع عن النبي ] : (في الذي نشرت في أبيه القصة)? فقال الليث: ويحك إنما هو (في الذي يشرب في آنية الفضة).‏

وكان حيان بن بشر قد تولى قضاء بغداد وأصبهان وكان من جملة رواة الحديث فروى يوماً: أن عرفجة قطع أنفه يوم الكلام, فقال الكاتب المستملى: أيها القاضي إنما هو يوم الكلاب. فأمر بحبسه, فدخل الناس إليه فقالوا: ما دهاك? قال: قطع أنف عرفجة في الجاهلية, وابتليت أنا به في الإسلام(7).‏

ومن أطرف ما روي عن المصحفين قول أحدهم: حدثنا سقنان البوري, عن جلد المجدا عن اتش, عن النبي ] أنه قال: اذهبوا عنا. والصحيح: سفيان الثوري - بدل سقنان البوري - وخالد الحذاء - بدل جلد المجدا - وأنس - بدلاً عن اتش - وعن النبي أنه قال: ادهنوا غباً, وليس: اذهبوا عنا(8).‏

الهوامش:‏

(1) و(2) أخبار الحمقى والمغفلين - تصنيف الحافظ جمال الدين بن الجوزي القرشي البغدادي (510 - 597ه) - منشورات دار السرور - بيروت ص 40- 41- .42‏

(3) المصدر نفسه ص .43‏

(4) و(5) المصدر السابق ص 43- 44- .68‏

(6) و(7) المصدر نفسه - ص 73- .77‏

(8) المصدر نفسه - ص .85‏

تعليقات الزوار

يوسف |  dr.josef@hotmail.fr | 23/05/2008 19:15

السّلام عليكم، بارك الله فيكم و الله ضحكنا من القلب

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية