تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الوحدة لا تسلق.. كوليت خوري: شعبنا عظيم.. والظروف الصعبة مدسوسة

الوحدة بين سورية ومصر
21/2/2008
هناء الدويري

بإنسانيتها العفوية.. وإبداع الأديبة وشفافيتها النابعة من إحساسها بالمسؤولية..وببراءة وعنفوان الشباب

وعذوبة وصدق الكلمات قصت علينا الأديبة والكاتبة كوليت خوري ذكرياتها عن أيام الوحدة, ورغم تأكيدها أكثر من مرة أنها كانت تنشغل بالأدب والفن وأهلهما إلا أنك تجدها في خضم الحدث السياسي دون أن تدري.‏‏‏

‏‏

فدمشق في الفترة التي سبقت الوحدة كانت /ململمة/ على حد تعبيرها وكانت الشبيبة التي هي جزء منها تجتمع في النوادي الرياضية التي تأخذ طابعاً اجتماعياً أكثر, يدرسون ويتبادلون أقطاب الحديث, ففي نادي الغسانية الذي كانت ترتاده السيدة كوليت كانت تحكى الشعارات وتحيى مصر, ولم تتردد الكاتبة الشابة بأن تغني للجموع أغنية أم كلثوم /مصر التي في خاطري وفي فمي.. أحبها من كل قلبي ودمي.. يا ليت كل مؤمن يحبها مثلي أنا../ وكان جميع الشباب يرددونها معها..‏‏‏

ونضال سورية ضد الاستعمار بكل أشكاله استمر إلى حين خروج الاستعمار الفرنسي وبعدها بدأ النضال للوحدة العربية وكانت التظاهرات شبه يومية في فترة /1957/ وفي أحد الأيام هاتفها الشاعر الكبير الراحل نزار قباني أن توافيه قرب منزله في ساحة النجمة للمشاركة في إحدى التظاهرات المؤيدة للوحدة وهذا ما حصل بالفعل فقد سارا مع المتظاهرين الذين كان غالبيتهم من الشباب المتحمس من ساحة النجمة باتجاه (أبو رمانة) وصولاً إلى السفارة المصرية, وبعد انتهاء التظاهرة تركت (نزار) وعادت إلى منزل جدها /فارس الخوري/ في المهاجرين لتجده جالساً على الكرسي أمام المذياع ووجهه متجهم ولم يكن راضياً عما يجري في تلك الفترة, فارس الخوري أكثر الناس حكمة في سورية آنذاك كان محتقن الوجه وغير مرتاح, أخبرته أنها كانت مع المتظاهرين المؤيدين للوحدة, فاكتفى بهز رأسه ولم يقل لها /عفي عليكي/ كعادته, ما أثار حفيظتها لتسأله /لم لست سعيداً/ فأخبرها أنه مشغول البال, قلق, في تلك اللحظة وافاه مجموعة من الكبار الذين صرح لهم بقلقه وخوفه على قضية العمر التي طالما سعوا إليها وحلم حياتهم /بالوحدة الكبرى على اتساع رقعة الوطن العربي.‏‏‏

وقال بالحرف /الآن عملوا وحدة مسلوقة سلقاً والوحدة لا تسلق والخوف إذا ما فشلت سنعود إلى نقطة ما قبل الصفر/ وبحماستها المعهودة السيدة كوليت قالت /لا الوحدة حلوة/ لكنه أصر على أن الوحدة لا تسلق سلقاً وستكون خسارة كبيرة إذا ما فشلت, وهذا ما حصل فتنبؤات فارس خوري كلها صدقت..‏‏‏

ومن ذكريات السيدة الأديبة كوليت زيارتها لمصر مع جدّيها في مؤتمر رؤساء وزراء الحكومات العربية في /أوتيل ميناهاوس/ حيث كان جدها فارس خوري ممثلاً لسورية, والأمير فيصل الذي أصبح ملكاً فيما بعد ممثلاً للسعودية, وسامي الصلح ممثلاً للبنان ونظراً لكونها وجدتها السيدتين الوحيدتين في الوفود العربية اهتمت بهما زوجة الراحل عبد الناصر الرجل الاستثنائي بامتياز على حد وصفها فقد كانت مبهورة بعينيه واللمعان الذي يشع ذكاء منهما وابتسامته الصافية المريحة, وإنسانيته وعفويته التي ترجمها لها بأخذها من يدها إلى أحد الغرف في منزله ليريها ابنه الوليد حديثاً ويحمله بين ذراعيه بكل عطف وحنان ثم ليلقيه بين ذراعيها والوحدة التي فشلت برأيها لم تكن ممثلة بجمال عبد الناصر بل بالأشخاص القائمين على تطبيقها في تلك الفترة.‏‏‏

فالناس كانوا يعتقدون أن الوحدة ستوسع الدنيا معها وستفتح آفاقاً لهم لكن ما حصل عكس ذلك, فجأة اختنق الفرد وبدأ الناس بالانزعاج من الضغط على الحريات والممارسات والتجاوزات التي تمارس عليهم فخف الحماس تجاه الوحدة وبدأ الانسحاب رويداً رويداً من طريق الوحدة.‏‏‏

وبعد مرور خمسين عاماً على قيام الوحدة تبقى الاديبة كوليت خوري متفائلة بمستقبل الفكر القومي والوحدة العربية متفائلة بالمستقبل لأن شعبنا شعب عظيم وعندما ستتاح له الفرص لابد وأنه سيحقق كل ما هو جيد لهذه البلاد وتؤكد أن الظروف الصعبة التي نمر بها هي مدسوسة بيننا ودخيلة علينا ويبقى الشعب العربي أذكى من غيره ودمشق وشعبها على مر الزمن هما قلب العروبة النابض, والدرس الحقيقي الذي يمكن أن نأخذه من تجربة الوحدة هو أن الوحدة الاندماجية الكاملة صعبة, ويجب أن تكون الوحدة مدروسة وتتم على مراحل والأهم من كل ذلك لا يجوز أن ننصب من هو مسؤول عنا من الخارج /فلا نقبل من فرنسا أو أميركا أن تضع حاكماً علينا../‏‏‏

ويبقى في ذاكرة الأديبة من تلك المرحلة شخصيات من أهل الفن والأدب في مصر فهم من كانوا يعنونها في تلك الفترة /احسان عبد القدوس, يوسف السباعي, أحمد رامي, فكري اباظة باشا, محمد حسنين هيكل, مصطفى أمين, أحمد بهاء الدين, أنيس منصور../‏‏‏

وعن الجنوح إلى الماضي تقول الأديبة /أنا أديبة لاتحب الماضي, أكتب شيئاً وأقلب صفحة وأنسى, اعتبر الماضي جموداً والجمود موت وأنا أكره الموت/‏‏‏

طوال عمرها تجنح إلى المستقبل وما زالت كذلك في حياتها الخاصة والوطنية وفي حياة الشعب, ومن يجنح إلى الماضي فهو ضعيف لا يستطيع رؤية المستقبل.‏‏‏

تعليقات الزوار

ميلاد مصباح |   milad_musbah@yahoo.com | 22/10/2009 09:51

اديبة رائعة لها موقف وقضية فهي عن جدارة استحقت جائزة القدس هدا العام

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية