تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


نص كلمتي الرئيسين عبد الناصر والقوتلي أمام مجلسي النواب والأمة بتاريخ 5 شباط ..1958 كلمة الرئيس شكري القوتلي

الوحدة بين سورية ومصر
21/2/2008
أيها النواب المحترمون:

أفتتح كلمتي اليكم اليوم , في هذه الجلسة التاريخية التي يعقدها مجلسكم الكريم , بحمد الله حمدا كبيراً على ما أفاء علينا من نعمته‏‏‏

, وما أحاطنا به من سابغ عنايته, فوجه خطانا في طريق الصواب , وألهمنا الخير والرشاد, وأخذ بيدنا أخذا عزيزا في سبيل مرضاته, وابتغاء وجهه, ووجه الحق حتى رأينا بعيوننا ما كنا نراه بأحلامنا وأمانينا , وتفتحت لنا في هذه الدنيا آفاق واسعة, وآمال جسام.‏‏‏

‏‏

في هذه الجلسة الكبرى التي يعقدها مجلسكم, ونحن في منطلق تحول جديد في تاريخ هذا الجزء السوري من الوطن العربي أريد أن أذكركم لتذكروا أبدا, أن نضالنا في سبيل حريتنا, كان يمشي جنبا إلى جنب مع نضالنا في سبيل الوحدة القومية , فمنذ أن فتحنا أعيننا على الحكم العثماني ثم على الاحتلال الفرنسي, كان الجهاد فأعلنا جهادنا على الملأ باسم الله, وباسم العروبة وكانت كل حركة سورية تقوم بها ضد الاغتصاب,والاحتلال متصلة الجذور بكل وسط عربي يهزه مثلما يهزنا شعور العزة والكرامة , وتدفعه مثلما تدفعنا شعائر العقيدة , والإيمان, والتاريخ المشترك, والمصير المشترك.‏‏‏

لقد أشعلنا الثورة العربية خلال الحرب الكونية الأولى, وفي أعقابها ثورة في سبيل الحرية والوحدة فنصبت لنا أعواد المشانق, وتهافت عليها الاحرار وهم ينشدون أناشيد الحرية والنصر , وكان نداء هذه الارض العربية المطهرة بدماء الرواد الأول, ايذانا بتفجير الثورة على أربعمئة عام من حكم الارهاب والافناء.‏‏‏

ولقد هال الدول الكبرى من بعد, أن يستيقظ العملاق العربي, ويدق أبواب الحرية والوحدة , وكانت قد قررت مصيره في الخفاء بينما كنا لانزال في مهب جهاد التحرير, وراحت تفرض سياسة السيادة الاستعمارية بالتجزئة وتقطيع الأوصل, فاخترعت نظام الانتداب ورمت الوثبة العربية في شراك الصداقات الكاذبة والخلافات الخادعة . وكان هذا الجزء السوري من الوطن العربي, أول من دوت في الافاق صيحته, وتخضبت بالدماء الزكية ثورته, ومضى تاريخنا من موقعة ميسلون عام 1920 حتى موقعة هذا المجلس النيابي عام 1945 خطا مستقيما من المضاء والعزيمة والنضال, تنير جوانبه مشاعل البطولة, محترقة بدماء الشهداء حتى رأينا العدو الباغي ينكس راياته فوق هذه السهول الحبيبة, ويغمد سيفه في قلب غروره, ويخرج من هذه البلاد ذليلا مدحورا.‏‏‏

كانت حركة النضال السوري أيها النواب المحترمون , على اتصال مستمر وثيق, جهارا وسرا, بشتى عناصر المقاومة في كل أرض عربية وكنا نعمل أبدا على أن تتواصل حركات المقاومة والجهاد في كل بلد عربي فرضت عليه التجزئة والانتداب أو قيود المعاهدات, وكثيرا ما التقت التيارات السورية بالروافد العربية هنا وهناك, لاعلان النقمة والثورة على سلطات الاحتلال والاغتصاب, وكنا نوجه النضال المحلي توجيها قوميا شاملا قناعة منا بأن النجاح معقود على تعاقد الأيدي, وتلاقي القوى, وليس من سبيل للاعراب عن وحدة الأرض , ووحدة الهدف ووحدة المصير الا بوحدة النضال والعمل القومي المشترك, وعندما ظفرنا بالحرية والاستقلال وجلت جيوش الاحتلال جلاء أبديا عن أرضنا وبلادنا كنا نرى استقلالنا المنيع العزيز منطلقا الى حرية عربية أمنع والى عمل قومي أوسع نطاقا وأبعد أملا وطموحا, بل قد تعالت بحريتنا بشائر التحرير العربي, وأخذت أبواق الاستعمار منذ عام1945 تقرع نذير الخطر المقبل من العالم العربي, متلاقية على هدف واحد في قمع حركة الانطلاق ووضع السدود في طريق الركب المتصاعد وعبثا كانوا يهولون وعبثا كانوا يكيدون, وعبثا ما كانوا يضعون في طريقنا من مصاعب وعقبات فقد شببنا عن الطوق, وخرجنا الى النور, وعبثا نقبل لحريتنا بديلا.‏‏‏

لقد رفضنا كل مساومة على حريتنا , ونبذنا كل شروع يمس سيادتنا وكرامتنا . وشعرت منذ أيام الاستقلال الاولى أن المستعمر ينظر الى بلادنا الحرة, نظرته الى فراغ يطمع به, ويطمح الى ملئه, فوقفنا بوجه المطامع الجديدة وقفة ايمان وعز, وكان جوابنا على كل محاولة سافرة أو مقنعة بأننا لم نجل الغاصبين , ليحل محلهم غاصبون آخرون, مهما كانت أزياء صداقاتهم ومجاملاتهم , بل قد خيل اليهم أن متاعب أيام الاستقلال ستطفىء في صدورنا جذوة الطموح الى استكمال أسباب الحياة الحرة الغزيزة فراحوا يترقبون ويتربصون, ثم أدركوا أننا طلاب حرية ووحدة فلوحوا لنا بمشاريع ذات أشكال خادعة من الاتحاد والوحدة كمشروعي سورية الكبرى والهلال الخصيب, وأدركنا بلا عناء, أن هذه المشاريع ليس وراءها سوى سوق استقلالنا الى مزالق النفوذ الاجنبي وربط حريتنا بمعاهدات مفروضة, ومحالفات باطلة فجمعنا أمرنا على مقاومتها, وأنقذنا ارادة شعبنا في نبذها وتوهينها, وكدنا أن نتفرد ذات يوم في ساحة النضال, ونحن نمسك بقبضتنا على شرف استقلالنا, بينما لم نفتر يوما واحدا عن دعوتنا الى توسيع ساحات العمل القومي المشترك والتبشير بالحرية طريقا الى الوحدة.‏‏‏

على هذه العزيمة النضالية أسسنا الجامعة العربية وأردناها لتنسيق الاعمال, وتوحيد الجهود واكثار مجالات اللقاء خطوة نحو لقاء قومي دائم, وعلى هذه العزيمة أردنا أن نخرج من كارثة فلسطين الى تضامن عربي أقوى وثوقا, وأعز جانبا, وقد وضعتنا الكارثة ومن سببوها ازاء عدو سفاح جعل منه المستعمرون جبهتهم الاولى لكرههم على بلادنا وتخليد نفوذهم وسيطرتهم عليها. وبقي جزؤنا السوري هذا في خضم الهول, وتلاطم تيارات الاستعمار صخرة تتحطم عليها المكائد, وترتد المطامع خاسرة فاشلة.‏‏‏

ومهما تكن طبيعة الاحداث العربية والدولية وتقلباتها خلال الاعوام العشرة الاخيرة فقد بتنا على يقين بعد طول التجارب والوقائع أن الوعي العربي القومي قد بلغ أشده وهو آخذ بالتوسع, والرسوخ . وان ما تعرضنا له من مخاطر ومكائد, لم يكن بالواقع سوى سبب بين الأسباب الرئيسية التي وحدت شعور الشعب العربي مشرقا ومغربا, ووضعت رجال هذه الأمة وحاكميها وقادتها في المواقع الأمامية من تبعاتهم الكبرى ازاء وثبة التحرير والوحدة. وانه لمن أعز ما نفاخر به اليوم , ونحن مقبلون على حدث الاحداث العربية في القرن العشرين أن السوريين لم يصونوا استقلالهم الا ليدفعوا به الى الامام عجلة الاستقلال العربي كاملا, ولم يحتفظوا لأنفسهم بسلامة كيانهم وسيادتهم في أرضهم الا ليلقوها دعامة راسخة في بناء كيان عربي ذى سيادة, وقد شرفني أن أعرب عن ضمائرهم وشعورهم يوم الجلاء عام 1946 عندما رفعت علم الاستقلال, وقلت لن يرتفع فوقه ان شاء الله الا علم واحد هو علم الوحدة العربية.‏‏‏

هذا هو الموجز في تاريخنا القومي أيها السادة النواب, نضال في سبيل الحرية, وحرية في سبيل الوحدة. لم نهادن في جهادنا ولم نساوم, لم ندخر طاقة ولاجهدا, ولاوفرنا مالا ولا رجالا. وكنا أبدا في صراع مع الاعداء غير متكافىء , فما وهنا ولا هانت علينا نفوسنا, وكانت المقاومة أعظم من قوى الشر لأن الايمان كان في أعماقنا أبدا.‏‏‏

أيها النواب المحترمون:‏‏‏

في خلال العامين الاخيرين من هذا التاريخ الحافل, تم لقاؤنا القومي من جديد مع مصر الثورة, فكان لقاء أخويا صادقا على صعيد المبادىء القومية السامية, وعلى أسس صريحة من سياسة دولية, مستوحاة من مصلحتنا القومية العليا و من حرصنا الشديد على صيانة معنى السيادة بكل جماله و جلاله .‏‏‏

و لقد طالما تعانقت في التاريخ البعيد و القريب , أسيافنا و أقلامنا و أرواحنا , و لكن لقاء اليوم الى جانب كل ما بيننا من أواصر القربى و التاريخ والمصلحة القومية , هو اعراب كامل عن عزم نضالي تجلى في وعي شعب عربي حر . و هذه هي بالذات نقطة اللقاء في تاريخ العرب الحديث , و هذا التاريخ لن يكون جمودا على الاوضاع المصطنعة , و لا ركودا على الافاق المحدودة, و لا اتكاء , و لاا تكالا , و لا أنانية و لا هروبا الى العزلة بعيدا عن تطورات الاحداث و مجابهة الوقائع.‏‏‏

لقد دعم الجبة المصرية السورية أيها الاخوة , عامل جديد من العوامل الخارجية التي أرادت أن تصدع الجبهة الصامدة , فزادتها قوة و مناعة و صمودا . و مثلما شعر المستعمرون بثقل الجهة القومية في الميزان الدولي , ازددنا شعورا بوزنها في تطور الاحداث و بضرورتها في حفظ التوازن العالمي لمصلحة العدل و الحرية والسلام . ولقد أرادوا لنا الحرية بعد طول المضاء والعناء حرية مغلولة اليد , مشلولة الحركة , ترسف في اغلال الاتفاقيات و الأحلاف و تتوكأ عاجزة على عصي المساعدات و التبرعات , فلا تعكس من واقع الحرية سوى ظلالها و أبينا الا أن نريدها حرية كاملة شاملة تمثل سيادة أمة , و طموح حياة عزيزة كريمة . و كان لا بد لمصر من أن تدخل معركة الحرية الضارية في تأميم قناة السويس , كما دخلت سورية معارك الحرية تتوالى , فاستحق هذان الجزءان العربيان الغاليان نعمة الحرية الوارفة الظلال بعد أن وضعتها التجارب على لظى النيران , آناً بعد آن , ودورا بعد دور ,حتى صفا الجوهر الخالص و استحال كل باطل الى رماد , و كان لنا ما أردناه حرية خالصة , و كانت الحرية و حدها سبيلنا الى ربط مصايرنا المشتركة برباط الوحدة الجامعة .‏‏‏

في سبيل هذه الحرية و السيادة نادينا بمبادىء الحياد الايجابي و عدم الانحياز و لأنه من شروط السلامة و السيادة أن نتحرر من سياسة الطامعين و مضرمي الحروب , فليست أرضنا موطئا لأقدام جيوشهم, و لا ثرواتنا مورداً لحروبهم ,و لا أبناؤنا جنودا في معسكراتهم , و لا مبادؤنا و عقائدنا , ذريعة لنشر مبادئهم و عقائدهم .‏‏‏

على هذه المبادىء و الأسس , و بروح كلها صدق , وعزيمة و مضاء , توالت اتصالاتنا بمصر العزيزة , خلال الشهور الاخيرة , تحقيقا لقرار مجلسكم و لقرار الحكومة المنبثقة عنكم , و لإرادة الشعب بجميع أحزابه و هيئاته, وانتهينا الى تلك الجلسة المشتركة , التي عقدت في قصر القبة يوم الاول من شباط عام 1958 و الثاني عشر من رجب عام 1377 بحضور كامل أعضاء الحكومتين المصرية و السورية , و أعلنا باسم الله , و الشعب العربي في كل من الجزءين الغاليين : مولد الجمهورية العربية المتحدة - مؤكدين في البيان التاريخي أن عناصر الوحدة بين الجمهوريتين السورية و المصرية و أسباب نجاحها قد توافرت بعد أن جمع بينهما في الحقبة الاخيرة , كفاح مشترك زاد معنى القومية و ضوحا و أكد أنها حركة تحرير و تعمير و عقيدة تعاون و سلام . كما أنها في الوقت نفسه خطوة ايجابية في طريق وحدة العرب و تضامنهم و دعوة اليهم للالتقاء معها بأي شكل مناسب من أشكال الوحدة أو الاتحاد .‏‏‏

فإلى العرب في مواطنهم و مهاجرهم , أعلن من فوق هذا المنبر كما أعلنت في القاهرة يوم الأول من شباط , هذا الميثاق القومي الجديد فتحاً من الله و نصرا عزيزا . ففي مدى الألف عام التي مضت لم يكن أعظم منه شأنا , و لا أبعد أثرا في حياة الأمة العربية , بل في تاريخ هذا الشرق الكبير . و انني لأرى منذ الآن رؤية العين , وحدتنا القومية , مؤتلفة مع بقية الاجزاء العربية بأسباب الوحدة أو الاتحاد , على المبادىء التي نعمل من أجلها و نسعى أبدا لتوطيدها .‏‏‏

هي مبادىء الحرية و العدل و الحياد الايجابي و عدم الانحياز مبادىء غدت ترمز اليوم الى ممارستنا حقنا الكامل في السيادة القومية .‏‏‏

و اليكم أيها النواب المحترمون هذه المبادىء التي تم الاتفاق عليها لتكون أساسا في بناء الجمهورية العربية المتحدة , أقدمها لمجلسكم الكريم وفاقا لما تقرر في الجلسة التاريخية المنعقدة في قصر القبة في القاهرة بين الحكومتين السورية و المصرية .‏‏‏

أولا - الدولة العربية المتحدة جمهورية ديمقراطية مستقلة ذات سيادة و شعبها جزء من الأمة العربية .‏‏‏

ثانياً- تتكون الجمهورية العربية المتحدة من اقليمين هما مصر و سورية و يكون لكل اقليم مجلس تنفيذي يرأسه رئيس يعين بقرار من رئيس الجمهورية و يعاونه وزراء يعينهم رئيس الجمهورية بناء على اقتراح رئيس المجلس .‏‏‏

ثالثا - الحريات العامة مكفولة في حدود القانون .‏‏‏

رابعا - الانتخاب العام حق للمواطنين على الوجه المبين في القانون و مساهمتهم في الحياة العامة واجب وطني عليهم .‏‏‏

خامسا- يتولى السلطة التشريعية مجلس يسمى مجلس الامة . و يشترط أن يكون نصف الاعضاء على الأقل من بين أعضاء مجلس النواب السوري و مجلس الامة المصري .‏‏‏

- يحدد عدد أعضاء هذا المجلس و يتم اختيارهم بقرار من رئيس الجمهورية .‏‏‏

سادسا- يتولى رئيس الجمهورية السلطة التنفيذية.‏‏‏

سابعا- الملكية الخاصة مصونة و ينظم القانون أداء وظيفتها الاجتماعية و لا تنزع الملكية الا للمنفعة العامة و مقابل تعويض عادل وفقا للقانون.‏‏‏

ثامنا- انشاء الضرائب العامة أو تعديلها أو الغاؤها لا يكون الا بقانو ن و لا يعفى أحد من أدائها في غير الأحوال المبينة في القانون .‏‏‏

تاسعا- القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون .‏‏‏

عاشرا- كل ما قررته التشريعات المعمول بها في سورية و في مصر يبقى ساري المفعول في النطاق الاقليمي المقرر له عند اصدارها.‏‏‏

و يجوز الغاء هذه التشريعات أو تعديلها‏‏‏

حادي عشر - تبقى أحكام المعاهدات و الاتفاقيات الدولية المبرمة بين كل من سورية و مصر و بين الدول الاخرى سارية المفعول في النطاق الاقليمي المقرر لها عند ابرامها وفقاً لقواعد القانو ن الدولي .‏‏‏

ثاني عشر - تبقى المصالح العامة و النظم الادارية القائمة معمولا بها في كل من سورية و مصر الى أن يعاد تنظيمها و توحيدها بقرارات من رئيس الجمهورية .‏‏‏

ثالث عشر - يكون المواطنون اتحادا قوميا للعمل على تحقيق الأهداف القومية و لحث الجهود لبناء الامة بناء سليما من النواحي السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية , و تبين طريقة تكوين هذا الاتحاد بقرار من رئيس الجمهورية .‏‏‏

رابع عشر - تتخذ الاجراءات لوضع الدستور الدائم للجمهورية العربية المتحدة.‏‏‏

هذه المبادىء و الأسس التي تقوم عليها الجمهورية العربية المتحدة , تلوتها عليكم و ما هي بالواقع الا من وحي شعوركم و ضميركم , و من صميم ارادة هذا الشعب الأبي المناضل الذي انتخبكم و أئتمنكم , فأعربتم عن ارادته في شتى المناسبات و الظروف حق الاعراب و استحق كل من منكم شكر بلاده و أمته .‏‏‏

أيها النواب الأفاضل :‏‏‏

في هذا اليوم الخامس من شباط عام 1958 يكون قد مر على انتخابي رئيسا للجمهورية من قبل مجلسكم الكريم , و تطويق عنقي بثقتكم الغالية , سنتان و نصف السنة . و مثلما أتيح لي خلال عهد الرئاسة الاولى بين عام 1943 و عام 1946 شرف اعلان الاستقلال و جلاء الأجنبي , عن هذا الجزء العربي العزيز , كذلك أتيح لي شرف أرفع و أدعى الى الاعتزاز باعلان مولد ( الجمهورية العربية المتحدة ) خلال عهد رئاستي هذه بين عام 1955 و عام .1958‏‏‏

و كم أرجو أيها الاخوة الأعزاء , أن أكون باعتباركم و باعتبار هذا الشعب العربي العظيم الذي يشرفني أن أنتسب اليه مواطنا عاديا - كم أرجو أن أكون باعتباركم و اعتباره , قد أديت واجبي نحو بلادي و أمتي . و كنت جديرا بالثقة التي أوليتموني اياها خلال هذه الحقبة من الزمن العصيب , فان قصرت , فعذري أنني عملت بصبر و ايمان , و صدق و اخلاص و ان أخطأت فعذري أنني انسان , و ليس الانسان بمعصوم. و ان فاتني شرف الاستشهاد و لم أكن بجوار الخالد من أحرار هذه الأمة , فأمام الله أشهد أنني لم أجنب نفسي خطرا , و لم أوفرها عن شهادة . و قد أراد الله أن التقي بأجيال الشباب تتقدم المو كب العربي الطالع وفي جباهها وعود المستقبل العظيم فطيبت نفسي و أثلجت صدري , و غمرت كياني بسعادة الطمأنينة و الثقة . و انني اذ أرفع بيدي تلك الشعلة المقدسة لأسلمها في أوج اشتعالها , الى يد الاجيال الشابة القادرة في أوج فتوتها و شبابها , أبارك اليد التي تحمل و الساعد الذي يرتفع و الشعلة التي تضيء , و الجيل الذي يصعد , و الروح التي تتدفق , و المستقبل الذي تبلج فجره و هلت للملأ راياته .‏‏‏

انني اذ أسلم الأمانة الغالية , طيب النفس , قرير العين , واثقا مطمئنا , أرشح لرئاسة الجمهورية العربية المتحدة أمام مجلسكم الكريم في هذه الجلسة القومية التاريخية الرجل المؤمن و القائد العربي الملهم الرئيس جمال عبد الناصر . و سأكون غدا في يوم الاستفتاء يوم الواحد و العشرين من شباط عام 1958 أول من يقوم بواجبه كمواطن لانتخاب الرئيس القائد الذي وضع ثورة مصر , في خدمة القومية العربية , كما وضع نفسه في خدمة أمته , ليعمل في سبيل حريتها و مجدها و رخائها .‏‏‏

في هذا اليوم الخامس من شباط عام 1958 وجهت الى سيادة رئيس مجلس الأمة بمصر الرسالة التالية , و انني أعتبرها مو جهة اليكم في الوقت نفسة , والى كل مواطن عربي في أرض الجمهورية العربية المتحدة .‏‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية