تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


(التحدي الذهبي)

الوحدة بين سورية ومصر
21/2/2008
عبد العظيم مناف

في ذكرى الوحدة وقيام الجمهورية العربية المتحدة تطل على الوطن العربي الكبير اشراقة وجوه ابطالها قبل وبعد ابرامها علماء التنظير ونظراء التأطير وزعماء التنفيذ.

واذا كان الرئيس المواطن الاول شكري القوتلي نموذج الايثار والناصر عبد الناصر رائد الاختيار هما من ارتبط اسماهما بوثيقة الفخار اعلان (الجمهورية العربية المتحدة) فقد سبقهما كادر مثيل قادر في التنظير والتأطير والتنظيم مدنيا وعسكريا, وفي المقدمة على سبيل المثال لا الحصر (سليمان الحلبي) و(عزيز المصري )و(ساطع الحصري), (جمال حمدان) و(جول جمال) و(سامي الدروبي ) جسد معانيهم المواطن الاول الرئيس »شكري القوتلي) والناصر عبد الناصر قائد الاحرار نافذ القرار في الجمهورية العربية المتحدة حين توحدت مصر وسورية في دولة واحدة اعلنت في يوم 22فبراير .1958‏

دولة تحمي ولا تهدد .. تصون ولا تبدد.. ترد كيد العدو وتشد أزر الصديق.‏

بهذه الكلمات اعلن الزعيم عبد الناصر مولد » الجمهورية العربية المتحدة) نواة دولة العرب الواحدة.‏

في هذه الذكرى العطرة نتوقف امام الحدث والكلمات في محاولة لاستشراف المستقبل , ومراجعة لاحداث التاريخ وخطابه السياسي وتطبيقه العملي تأكيدا للمصداقية شعارا ومضمونا وتطبيقا في » التاريخ ذاكرة الشعوب والصحافة ذاكرة التاريخ).‏

دولة تحمي ولاتهدد نعم فقد وقفت » الجمهورية العربية المتحدة ) ساهرة على حماية شطرها واشقائها .. شطرها الشمالي » سورية) فحالت دون نيل مؤامرات الرجعية أداة الاطالسة الابالسة الصهاينة وسطوة الشركة الخماسية بالداخل في أمور وتوجيه سياسة الاقليم الشمالي وهما الخماسية والرجعية الخطر المتآمر على مستقبل سوريا أو بهدف التأثير في مسيرتها القومية كانت وستظل بإذن الله سورية قومية وقراراً واقتدارا سائرة ظافرة منتصرة .. وكانت الرجعية ومازالت ولن تكون بإذن الله باقية.‏

وفيما يتعلق بمصر وأشقائها فقد سهرت مصر الناصرية الوحدوية على الحراسة والحماية للجميع وطنا ووطنية ومواطنا عربيا.‏

ففي عام الوحدة 1958 وقفت » الجمهورية العربية المتحدة)ضد القوى الغربية أمريكا وتصدت للأسطول الامريكي ومشاته في لبنان » كميل شمعون) وفي نفس العام 1958 تصدت » الجمهورية العربية المتحدة ) مصر الناصرية الوحدوية) للقوى الأخرى في الشرق » الاتحاد السوفييتي ) سابقا عندما اراد »خروشوف) التدخل في شؤون العراق ايام » عبد الكريم قاسم).‏

وظلت الجمهورية العربية المتحدة بقيادة مصر الناصرية الوحدوية تحمي الثورة العربية في كل مكان على الارض العربية, فكانت وقفتها مع ثورة الجزائر واليمن .. العراق والسودان . ليبيا وفلسطين.‏

انتصرت ثورة الجزائر بالاستقلال ووصلت بها الثورة الناصرية الى بر الامان.‏

ولعل حماة الوحدة ابناء العروبة يذكرون قول قائد الطيران الفرنسي في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 حين قال :‏

» انني أحارب في مصر لأنتصر في الجزائر).‏

تلك الحرب التي استشهد فيها البطل العربي السوري » جول جمال) في مياه القنال .. اي ان دولة الوحدة »مصر وسوريا) كانت تدافع عن عمقها القومي قبل اعلان » الجمهورية العربية المتحدة ).‏

وقامت جمهورية الجزائر الديمقراطية الشعبية رغم مؤامرات الرجعية على » الجمهورية العربية المتحدة ) تمويلا للانفصال , وتقطيعاً للاتصال , ومع ذلك فقد انتصرت » الجمهورية العربية المتحدة ) في معركة انتصار وحسم قضية الجزائر في نفس العام بعد الانفصال بشهور .. مؤكدة شعارها »تحمي ولاتهدد).‏

ايضا ورغم الانفصال الرجعي المتآمر وفي الشهر نفسه »ايلول) انتصرت الثورة العربية في اليمن بحماية الجمهورية العربية المتحدة) ووقفت مصر الناصرية الوحدوية تحمي الثورة في مواجهة كل مايهددها حتى انتصرت , وها هي الجمهورية في اليمن والحمد الله باقية » مسلحة بالوحدة .. متحصنة بالعروبة .. متدثرة بالقومية ) تتحدى الزمن بعد تخلف والزبد الرجعي على حدودها المتمثل في قصور النفط والقحط الفكري والقومي العربي.‏

ولأن دولة الوحدة » تصون ولاتبدد) فعندما رفعت مصر الناصرية الوحدوية شعارها الثوري -حرية-اشتراكية- وحدة) حافظت على الشعار بكل الصدق الثوري,والتطبيق العملي مصممة على إعمال مبدأ أرساه مؤسسها (ان حرية الأرض العربية بالنسبة لنا لاتتجزأ) معلنة ذلك على لسان مفجر ثورتها..منجز وحدتها »عبد الناصر) مؤكدة على أن حرية العمل والاقامة والتنقل والتملك مكفولة لكل عربي على أرض الوطن.‏

ولأن دولة الوحدة في مصر الناصرية الوحدوية تصون ولاتبدد فقد أدركت بوعيها الثوري ونهجها الأخلاقي المتمثل في الأسلوب العملي لمفجر ثورتها وقائدها عبد الناصر إنه لاصون من دون اشتراكية أو عدالة اجتماعية وهو القائل (الديمقراطية عملة ذات وجهين سياسي واجتماعي وبدون الوجهين معاً تصبح عملة زائفة) وقبله قال: جان جاك روسو:‏

»إذا أردت أن تضفي على الدولة ثباتاً قرب الحدود القصوى بين الطبقات)‏

ومن هنا كانت القرارات الاشتراكية التي أمنت العمل والعلم و الرزق والعرق و المسكن والملبس وانتصرت الدولة الناصرية الوحدوية في خطة التنمية الأولى وحققت أعلى نسبة نجاح 6.4% وهي التي لم تحقق لأي من أقطار العالم المثيلة.‏

ومنذ أن أعلن مفجر الثورة ومنجز الوحدة عبد الناصر يوم مولد الجمهورية العربية المتحدة أنها ترد كيد العدو وتشد أزر الصديق وقفت مصر الناصرية الوحدوية ضد عدو الأمة الصهيوني الاستيطاني التوسعي عسكرياً وسياسياً واقتصادياً.‏

فعلى المستوى العسكري حرصت الثورة على التزود بكل العدة والعتاد فخاضت حرب الاستنزاف المجيدة التي بدأت بإغراق إيلات وهددت عمق تل أبيب وأمسكت بفلول من عصابة ضباط وجنود العدو أسرى أثناء عمليات الاستطلاع داخل فلسطين المحتلة فمهدت للعبور الكبير في أكتوبر تشرين 1973 ونصرجيش الوحدة من القناة الى القنيطرة.‏

أما اقتصادياً فقد وقفت بكل وعيها وعنفوانها تطبق قرارات المقاطعة العربية ضد المتعاملين مع العدو الصهيوني مدنياً وعسكرياً من الشيكولاته حتى الغواصة وأبرزها صفقات السلاح الأميركي والتعويض الألماني وخسرالعدو الصهيوني بقرارات المقاطعة ما يقارب مئة مليار دولار في مجال المقاطعة فقط حتى رحيل قائد الثورة رائد الوحدة الناصر عبد الناصر.‏

أما سياسياً فلا أدل من صدور قرار بتوصيف الصهيونية كحركة عنصرية ولم تستطع أن تفلت الصهيونية »اسرائيل) من شباك وشراك حصار الثورة لها في كل أروقة الأمم المتحدة ودول العالم أجمع وواصلت الثورة مع أشقائها دورها مؤكدة أنها » ترد كيد العدو).‏

ومن عبقرية مصر الناصرية الوحدوية خلق كتلة عدم الانحياز وبروز مجموعة العالم الثالث والتعاون العربي -الإفريقي وتجسدت روح المؤازرة بين دول عدم الانحياز وأفريقيا وقامت علاقات مع الهند ويوغوسلافيا-السابقة- وفيتنام والصين وغيرها وطبق بذكاء مبدأ »عدو عدوي صديقي).‏

ورغم سوء مانرى في بعض قصور الحكام وتقصيرهم في ذكرى الوحدة من إلغاء اسم الجمهورية العربية المتحدة وعودة أمريكا بعد الردة لممارسة دور بريطانيا قبل الثورة والغاء كل المؤسسات الوحدوية حتى اجازات عيد الوحدة والاتحاد كما ألغيت مجانية التعليم ومجابهة المستعمرين العابثين واللاعبين في الدين والدولة والدور وكما ألغيت مكاسب العمال عطلت قرارات الأمم المتحدة باعتبار الصهيونية حركة عنصرية ويحاول البعض الغاء دور المقاطعة العربية للعدو الصهيوني والمتعاملين معه وتدحرجت بصلة كامب ديفيد المعطوبة علناً إلى صقور الذين احاكوها سرا فشدت رجعية أبو رغال أزر العدو وأصرت على كيد الشقيق قبل الصديق وبددت دماء الشهداء ووفرت لأعدائهم الحماية والغطاء.‏

لقد مولت الرجعية الانفصال بمال النفط وفكر القحط وانفردت الرجعية في غياب الوحدة بالساحة وذلك ايضاً الى حين وقد تحقق للرجعية ذلك بمبدأ هدام يحاصر مصر بتفجير أزماتها الداخلية وتمويل الفتنة وسماسرة الملل والنحل والطائفية والاقليمية وجحود التضحيات بإحكام المؤامرات والمخططات ووصفة رجعية بمبدأ أعلنه كاهن القصر »إشكالاً للحل,وليس حلا للإشكال) ,ولعل »الأفاعي تموت بسم العقارب هكذا يرى وهذه وجهة نظر بعض الملوك).‏

وكما كان الانفصال رجعيا فالاستمرار في الهوان الرسمي مصدره رجعي وغدا يوم جديد في مسيرة الوحدة ..دولة ودورا ودائرة.‏

»تحمي ولاتهدد.. تصون ولاتبدد ..ترد كيد العدو.. وتشد أزر الشقيق والصديق وتبقى المقاومة ضمانة الوحدة..مصدر العزة..نخوة وأخوة).‏

أما على مستوى جماهير الأمة العربية الواحدة ذات الرسالة الخالدة فإن الأمر مختلف شعبياً عنه رسمياً ويكفي للدلالة ابتهاجاً وأملا وعملا وعلما في قراءة عارف لارؤية عراف متابعة سجال نشامى القتال في المقاومة والقيادة العليا للجهاد »التحرير) في العراق وفلسطين والصومال ولبنان والسودان مهما ساء حال بعض الحكام.‏

وإذا كان المشهد والموقف اللافت وربما غير المسبوق- فيما يعلم كاتب السطور- قبل أو بعد الوحدة ما دار وسجله التاريخ بين مؤسس دولة الوحدة زعيم الجمهورية العربية المتحدة الناصر عبد الناصر, وأحد منظريها »المنجر والمنظر المؤطر) الدكتور العروبي »سامي الدروبي) رحمهما الله حين قدم اوراق اعتماده كسفير للجمهورية العربية السورية, في مصر ولم يرد بكلمة واحدة, المقدم إليه أوراق الاعتماد وهو من هو, الناصر عبد الناصر وجسد الصمت خلال »الصيت) ورغم غياب »الصوت) ظل الصدى اقوى وتلك, هي السابقة, اما الكلمة الوثيقة السبق الاتساق للعروبي »الدروبي) نصاً وحدثاً وحساً فلأول مرة يبكي »سفير) أثناء تقديم اوراق اعتماده.. ولأول مرة لا يرد زعيم وهو من هو.‏

يقول الدكتور السفير خلال تقديمه أوراق اعتماده يوم 17 نيسان 1967 وبدأ..‏

كلمته بصوت متهدج بالانفعال باكياً:‏

»سيادة الرئيس إذا كان يسعدني ويشرفني ان أقف أمامكم مستشرفاً معاني الرجولة والبطولة فإنه ليحز في نفسي ان تكون وقفتي هذه كوقفة اجنبي كأنني ما كنت في يوم مجيد من أيام الشموخ مواطناً في جمهورية انت رئيسها الى ان استطاع الاستعمار متحالفاً مع الرجعية ان يفصم عرى الوحدة الرائدة, في صباح كالح من صباح خريف حزين يقال له 28 ايلول صباح هو في تاريخ امتنا لطخة عار ستمحى, ولكن عزائي عن هذه الوقفة التي كان يمكن ان تشعرني بالخزي حتى الموت انك وأنت تطل على التاريخ فترى مسيرته رؤية نبي, وتصنع صنع ابطال قد ارتضيت لي هذه الوقفة, خطوة نحو لقاء مثمر بين قوى تقدمية ثورية يضع امتنا في طريقها الى وحدة تمتد جذورها عميقة في الارض, فلا انتكاس, وتشمخ راسخة كالطود فلا تزعزعها رياح, ذلك عزائي يا سيادة الرئيس وذلك شفيعي عندك, وشفيعي عند جماهير امتنا التي لاتعترف بالانفصال إلا كجريمة)..‏

شاهدي في ذلك ايضاً اخوة اللغة والتاريخ والجغرافيا ورفقة الدم والسلاح مع العرب جميعاً واقربها وليس اخرها حرب اكتوبر.. واقول ليس آخره ان »شاهدة التاريخ) وكل مستسلم اراداها ان تكون اتفاقية كامب ديفيد صك انفصال ووثيقة استسلام واهمين بذلك ان اكتوبر اخر الحروب.‏

وإذا كان المفكر الكبير.. المؤرخ البريطاني الشهير »ارنولد توينبي) ذهب الى ان »هناك ثلاثة انواع من الفرص احداها تمثل »التحدي الصعب) وهي اللحظة التي لا تستطيع الشعوب مواجهتها فتصاب بالانهيار وتتعرض للاضمحلال والتلاشي, والثانية لحظة التحدي البسيط, وهي اللحظة التي لاتحتاج الشعوب لمواجهتها الى جهد كبير فتصاب بالخمول.‏

اما لحظة »التحدي الذهبي) فإنها تمثل الفرصة التي تمكن الشعب الحي من انتزاع فرصة في الحياة اذا اجاد التعامل معها ولم يفقدها).‏

فهكذا كان خالد الذكر والسفر والفكر الناصر عبد الناصر في الثورة والوحدة والموقف وستبقى الامة وستعود الوحدة, وتنهض من جديد »الجمهورية العربية المتحدة) وقد بدأت لحظتها ومعركتها بقيادة »المقاومة البطلة), خاصة في العراق وفلسطين ولبنان والصومال والسودان انها لحظة »التحدي الذهبي) للامة المنتصرة, والوحدة المنتظرة من نواكشوط الى »زاخو) وليس فقط عمق »البصرة) ومهما حاولت ومولت وتآمرت الرجعية العالة العلة.‏

هذه ليست نبوءة عراف لكنها قراءة عراف.. يعرف قدرات وقدر واقتدار الامة العربية الواحدة.. ذات الرسالة الخالدة.. التي اسس دولتها الواحدة في لحظة »التحدي الذهبي) الناصر عبد الناصر زعيم الجمهورية العربية المتحدة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية