أو هي من حكايات شعبية، كما أن النص المسرحي المُنتج في سورية مُحاصر بين جدارين، أما هو أشبه ب « سيناريو « سريع الزوال، و.. أما نص أدبي يذهب صوب الذهنية، ومن ثم استحالة تنفيذه على خشبة المسرح، و.. بين هذا وذاك ثمة آراء أخرى، لكنها لا تبتعد كثيراً عن هذه « المعضلات ».
من جهات مختلفة
فالمخرج المسرحي مأمون الخطيب - على سبيل المثال - يقول: للأسف استطيع أن أتوافق مع هذا الرأي بشكلٍ كبير، كون حرية التأليف وطرح المواضيع المسرحية الشائكة؛ والتي تصلح كمؤلفات تبقى في التاريخ المسرحي الأدبي العربي محدودة بشكل ما... إلا فيما ندر من الكتاب المسرحيين المبدعين. حتى القضايا الاجتماعية والهموم الفكرية اختلفت في الثمانينات عن مثيلاتها من أجيال الستينات والسبعينات، كون الهم الاجتماعي والاحتياجات الثقافية والفكرية اختلفت أيضاً بشكلٍ جذري. واعتقد أن المشكلة كانت في انحدار قيمة الكاتب المسرحي أيضاً في المجتمع بعد أن بدأت فنون بصرية أخرى تغزو الساحة وتراجع الدعم المعنوي والمادي من قبل الجهات الرسمية المعنية بالمسرحيين عموماً.. أصبحت النصوص نصوص عروض قد لا تبقى في الذاكرة بسبب تراجع الهم الثقافي المسرحي بشكلٍ عام لدى كتّاب المسرح أنفسهم بسبب شعورهم بعدم الجدوى من هذا الفن الذي أصبح يعامل «كالابن اللقيط » وانسحب هذا التراجع حتى عند العاملين في فن المسرح أنفسهم ومن مختلف الاختصاصات .
هم شخصي
أصبحت الكتابة للمسرح هما فرديا، يريد أن يقول ما يؤرقه في هذه اللحظة، - يردف الخطيب - وذلك دون النظر الى مدى الأحقية في تخليد النص كمنتج أدبي قد يبقى لعقود. بالإضافة أيضاً لتطور أدوات الإدهاش البصرية والسمعية التي أدت الى الاستسهال في طرح أي نص مسرحي له قيمة أدبية كبيرة. عدا عن انتشار نوع من الثقافة الشعبية التي تروّج للأعمال الشعبية التي تخلو من قيمة ثقافية وحالها كحال السينما في تلك الفترة ( في مصر مثالاً ) التي روجت لما يسمى سينما المقاولات. كمثال على نوع اخر من المنتج الثقافي .
نعم هناك تراجع في كتابة النصوص المسرحية في العالم العربي بشكل عام وسورية بشكل خاص؛ ويعتقد الخطيب - صاحب أكثر من اثني عشر عرضاً مسرحياً -، أن السبب هو التوجه الى فنون أخرى تؤمن مردوداً امادياً أكبر للكاتب.. ويوجد سبب اخر برأيه؛ هو تراجع السوية المعرفية لجيل بكامله بشكل عام والالتفات الى قضايا فردية تهم الكاتب بشكل شخصي اعتقاداً منه أن هذا الهم « الخاص « يشمل الجميع. والانتقال الى ثقافة الاستهلاك بشكلٍ كبير والاستسهال في إعادة تدوير الأفكار المهمة الخالدة التي سبقهم إليها كتّاب من أجيال وجنسيات أخرى .
مع ذلك يؤكد الخطيب: نعم حدث وقدمت نصوصا للعرض فقط ، وهي عادة تكون من نتاج المخرج نفسه وذلك لافتقار المكتبة المسرحية العربية الى نصوص حديثة تواكب الهم الاجتماعي والإنساني الذي يتوق المخرج نفسه الى التصدي له.. أغلب النصوص التي كتبت كانت سردية بشكل أو بآخر وتستعمل التورية والإسقاطات لقول فكرة ما... لهذا بقيت نصوصا للقراءة فقط بسبب عدم القدرة العملية على تجسيدها على الخشبة. لأنها اتبعت الطريقة الكلاسيكية في أسلوب الكتابة والطرح من حيث الزمان والمكان وعدد الشخصيات وحتى في الفكرة.. لهذا نجد تلك النصوص قابعة على الرف في المكتبات .
للخشبة فقط
و.. برأي الخطيب: فإنّ عرض النص المسرحي على الخشبة لا يخفف من قيمته الأدبية عند التصدي لإخراجه؛ إلا في حال خيانة المخرج لفكرة وهدف الكاتب الذي خلق النص، ولكن عندما تصبح المسرحية في يد المخرج يُعلن هنا « موت الكاتب « لكي ننتقل الى الرؤية الفنية الجديدة للعرض المسرحي من وجهة نظر المخرج الذي قد يرى أسلوبا آخر: ورؤية إخراجية جديدة في النظر الى النص المسرحي. القراءة الإخراجية قد تفتح آفاقاً جديدة للنص نفسه من حيث الأداء وتكامل العناصر الفنية في العرض المسرحي. ويختم الخطيب: بالنسبة لي لا يعوّل على نص مسرحي لا نستطيع تقديمه على الخشبة، وكلامي هذا نابع من إحساس المخرج العملي. ولكن كثقافة.. هناك مئات النصوص التي تخلق المتعة الأدبية ويصعب نقلها الى الخشبة وخاصة في بلدان العالم العربي بسبب افتقارنا الى اغلب مقومات العرض المسرحي من صالات وتقنيات حديثة بديلة عن الديكورات الضخمة وحتى افتقارنا الى العنصر البشري الذي يساعد في تجسيد العروض الضخمة أحياناً من ممثلين وأحياناً صعوبة الإنتاج. وعدة أسباب أخرى تم ذكرها فيما سبق .