تتخطى اليوم لغات البلدان والشعوب، فهذا يساهم أو يجعل اللوحة العربية، قادرة على لفت انظار الاجانب، لأن لغة الفن الحديث تحمل هواجس تقنية ودلالات جمالية مشتركة، حتى وإن تضمنت اللوحة رموزاً مسمارية، أو كتابات عربية، لأن المهم الناحية الجمالية البصرية، وليس الدلالات الكتابية المقروءة .
ولاشك بأن الطابع الثقافي، أي طابع الاختبار والبحث الفني والتقني المتواصل، وتلمس الطريق الصحيح هو اكثر ما يميز التجربة الفنية الحديثة، وبالتالي فأعمال الفنان المعاصر، تشكل مناسبة للحوار الثقافي، وتبادل الخبرات بين الشرق والغرب والشمال والجنوب، وتعمل على تعميق وتدعيم مرتكزات البحث التشكيلي والجمالي والتقني.
ويمكن القول في هذا المجال ، إن أي نشاط فني أو ثقافي ،غير قائم على ثقافة فنون العصر، وخبرة العين، في التماس المدى التصاعدي الاسلوبي ، هو نشاط ناقص في عملية الارتقاء بالذائقة الفنية والحساسية البصرية . فالمخاطبة الجمالية لا تتوسع رقعتها إلا بالقراءة والإطلاع والبحث والاعتماد على إغراءات العين الذواقة ، وتتوسع أكثر فأكثر بوجود المواهب المتفردة والنادرة،والثقافة البصرية الحديثة، هي الوحيدة القادرة على تقريب مسافات العزلة الخانقة، القائمة بين الفن التشكيلي والجمهور في المجتمع العربي.
وهذه ناحية هامة للغاية ، ليس على صعيد جذب عين المشاهد فقط ، الى ثقافة بصرية مغايرة، وبعيدة عن ثقافة الموضوع الواقعي، المرتكزعلى اللمسة أو الضربة الواعية، وإنما أيضاً على صعيد إعادة الإعتبار إلى الصياغات الفنية التعبيرية، وصولاً الى الأعمال التجريدية ، وما بعدها من فنون تجهيز وتركيب وغيرها.