والتخلي عن بعض الشروط المعيقة للحوار السوري السوري، وفي الوقت نفسه يدس سمه الزعاف لبعثرة الحلول، وتأجيج الأزمة بحجة محاربة داعش، عبر تبييض صفحة إرهابييه المعتدلين، والطلب من أنظمته المستعربة إرسال المزيد من المرتزقة تحت تسمية «قوات عربية»!.
ومن المفارقات الهزلية أن أميركا التي اعترفت وعلى لسان أوباما نفسه من قبل أن وجود «معارضة معتدلة» هو مجرد فانتازيا، تحاول التسويق لها اليوم من خلال إظهار إرهابيي «النصرة وأحرار الشام وجيش الفتح» وغيرهم على أنهم «معتدلون»، والأنكى من ذلك أنها تحاول تبييض صفحة آل سعود، والادعاء بأنهم يقودون الجهود الدولية لوقف تمويل داعش!، رغم أن خطوة الرياض نحو جمع الواجهات السياسية للتنظيمات الإرهابية لتشكيل «معارضة موحدة» كافية للتأكيد أن تلك «المعارضة» ستكون من رحم الإرهاب الوهابي السعودي.
القضاء على الإرهاب هو آخر ما تفكر به أميركا، على اعتبار أن التنظيمات الإرهابية التي ترعاها، هي بمثابة أوراق تفاوض لها لا يمكن الاستغناء عنها، وداعش جزء أساسي منها، وبعدما تكشفت الصلة العضوية بين التنظيم الإرهابي ونظام أردوغان، جاء الإيعاز لأردوغان كي يحل مكان الوكيل في سرقة النفط واستنزاف الموارد السورية والعراقية، فحصل التدخل التركي شمال العراق لوضع اليد على حقول النفط بتلك المنطقة أولاً، والالتفاف على العملية السياسية في سورية ثانياً، على اعتبار أن أي خطوة عدوانية تصعيدية في المنطقة، من شأنها تعقيد الأوضاع أكثر، والتأثير بشكل مباشر على الحلول السياسية للأزمات العاصفة في المنطقة.
أردوغان الذي فشل بتحقيق المشروع الأميركي من خلال عدوانه المتكرر على سورية، وسرقة نفطها ومصانعها، وإرسال قطعان مرتزقته، يعمد لإعادة خلط الأوراق بالإعلان صراحة أنه وداعش وجهان لعملة قذرة واحدة، ويبدو أنه بات اليوم الحجر الأخير في جعبة واشنطن، ولكنها لن تستطيع من خلاله بأي حال من الأحول وضع حجر الأساس لمشروعها الشرق أوسطي الجديد، لأن المستقبل ستكتبه شعوب المنطقة وحدها.