تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


إبداع فنان من الحرية

ثقافة
الأربعاء 29/6/2005م
جمانة سليمان

(سلامة الأغواني رائد المونولوج الناقد ) لمؤلفه أحمد بوبس كم نتمنى أن يقع في أيدي هذا الجيل الجديد شباب اليوم ليتعرفوا على هذا النوع من الفن الشعبي الناقد

والذي ربما تستغربه النسبة العظمى منهم بينما لازالت الأجيال السابقة وخصوصاً أجيال الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي تذكر بسعادة هذا الفن الذي كان تأثيره أقوى من السلاح في مجال السياسة .‏

كما كان لتأثيره الاجتماعي السبب في سرعة وصوله وانتشاره على كل لسان ويعود الفضل في ذلك للفنان الشعبي ( سلامة الأغواني ) الذي اتخذه الكاتب عنواناً لكتابه فلماذا اختار هذا الفنان ?سؤال يرد عليه المؤلف في أول مقدمته بجواب معبر ومقنع فقال:‏

الأغواني يمثل مرحلة فنية قائمة بذاتها فهو رائد المونولوج الاجتماعي والسياسي الناقد تربع على عرشه نحو نصف قرن من الزمن مع الإبداع .‏

بدأ رحلته مع المونولوج بالنوع الوطني السياسي الذي هاجم الاستعمار فيه وبعد الجلاء قدم مونولوجات وطنية واجتماعية تناول فيها مختلف جوانب الحياة ومختلف المناسبات الوطنية والقومية فكان مناضلاً بالكلمة واللحن ومصلحاً اجتماعياً .‏

يتألف الكتاب من ثمانية فصول مزودة بالكثير من النماذج الرائعة من المونولوجات المؤيدة لكل فصل أولها النشأة... والبدايات التي كانت في حارة شعبية في حي القيمرية في منزل ذي ثقافة جيدة يملك مكتبة كبيرة وقيمة فتعلم القراءة والكتابة بسرعة فائقة وشرع في سن مبكرة ينهل من مكتبة والده المعارف الكثيرة فتفتحت مداركه باكراً وبدأ التوهج الذهني يظهر عليه حيث كان منذ صغره يتلاعب بالألفاظ المتداولة في المنزل ليصوغها بقالب زجلي مرح كان دون العاشرة من عمره حين استفاقت عاطفته الوطنية ضد الاستعمار التركي الذي جثم على صدر الوطن وأثقل كاهل الشعب بالظلم فخيم الجهل والفقر والمرض .‏

هذا الطفل شاهد الكثير من أهوال هذا المستعمر فتأججت في صدره ثورة عارمة ضده عبر عنها بأزجال بسيطة فكتب ووصف باسلوب زجلي ما كان يراه من ظلم وهول من جمله ما وصفه آنذاك السوق إلى التجنيد الإجباري والمشانق التي كانت تنصب في دمشق للثوار وعندما أصبح في السادسة عشرة من عمره كانت كتابة الزجل قد نضجت لديه فاستمر في تحريض الشعب ضد الاستعمار الفرنسي الذي حل محل الاستعمار التركي ولجأ الى وسيلة جديدة اكثر واسرع انتشارا ¯ المنولوج المغنى- ليبدأ مرحلة جديدة في حياته وهي النضال ضد الاستعمار الفرنسي ( الفصل الثاني) حيث شارك شعبه النضال من خلال زجلياته ومنولوجاته وفيها نال بشدة من المحتلين ومطالبهم بالرحيل عن ارض الوطن فأشعلت في النفوس الغضب وأججت في الصدور الثورة ضد المحتل الذي صب غضبه على الاغواني واعتقله عدة مرات ونفاه خارج البلاد اما الفصل الثالث فكان عن الاستعمار ومعاناة الشعب حيث لم يستطع الاغواني ان يفي بوعده بعد المنفى ويبقى بعيدا بل عاد وكانت مونولاجاته عن معاناة شعبنا في ظل الاحتلال من بطالة وغلاء اسعار واحتكار وفقر وفساد اخلاق بسبب العادات المستوردة من الغرب ومن عملاء الاستعمار ليعود المحتل ويضيق عليه ويحظر منولوجاته من التداخل ليدخل إثرذلك سجن المزة وبسبب ما تقدم ذكره فقد كان ليوم الجلاء نصيب كبير عند الاغواني فكان الفصل الرابع بعنوان ( الجلاء ومونولوجات) فقدم - ذكرى العدوان - يتحدث فيه عن الفظائع التي ارتكبها المحتل في سورية وصولا الى الجلاء الذي كتب فيه وفي اول ذكرى ( اليوم عيد وبكرة عيد) اما الفصل الخامس فكان عن القضية الفلسطينية فعندما بدأت ملامح المأساة تظهر نظم مونولوجاً مطلعه ( رب تساعد رب تعين هالمظلومة فلسطين) وعندما وقعت المأساة كتب مونولوجاً طويلاً عنوانه استهتار مجلس الامن ومما قال فيه :‏

مدري ليش بها لايام مجلس الامن مو تمام‏

صاير هدفو بأعمالو تعكير الامن والسلام‏

يا مجلس لاتشعل نار وتخلي العالم يحتار‏

دولة اسرائيل اوهام لاتعيروها اهتمام‏

اذا انتو ساعدتوها بتكونو النار وقدتوها‏

واذا قدر الله وشعلت صعب كتير تطفوها‏

كما نظم مونولوجاً عن اليهود وافعالهم الاجرامية فكان مطلعه:‏

ما في بها الدنيا امان ولاراحة ولا اطمئنان‏

وفي شعب اسمو اليهود اشعل بالشرق النيران‏

والفصل السادس كان عن القضايا القومية والوطنية التي لم تغب عن ذاكرة الاغواني فكتب وغنى للوحدة العربية وعن نضال الجزائر وعمان وغنى للبنان مونولوجاً بعنوان ( يا لبنان احنا اخوان) تقديرا لمواقفه فقد كرم من قبل الرئىس الراحل جمال عبد الناصر كما كرم من قبل الرئىس الخالد حافظ الاسد باختياره عضوا في أول مجلس شعب بعد الحركة التصحيحية والفصل السابع فكان عن القضايا الاجتماعية التي اهتم بها الاغواني كثيرا بعد الاستقلال وانتقد الكثير من العادات السيئة التي تعيق تقدم وتطور المجتمع وتسبب المعاناة فكتب منولوجات ناقدة ساخرة عن كل عادة حتى انه في مونولوج ( دبرونا يا اهل الدين) دعا رجال الدين للوقوف بوجه هذه الظاهرة التي كانت وما زالت تثقل كاهل الشباب ومونولوجات اخرى تدعو الى بناء اقتصاد وطني قوي وجيش قوي كذلك لم يتوانَ الاغواني عن ادخال البسمة الى قلوب الناس من خلال مونولوجات ضاحكة بعيدة عن الهموم الاجتماعية والمعاشية والفصل الاخير فكان عن جوانب اخرى في حياة الاغواني لينتهي الكتاب بجدول لأهم مونولوجات الاغواني فكان كتابا جميلا قيما مضمونه اقوى بكثير من عنوانه فالاغواني لم يكن مجرد زجال ومونولوجست وانما كان مناضلا وطنيا ضد الاحتلال استعمل في أزجاله وكلمات منولوجاته لغة عامة بسيطة يفهمها العامل والفلاح والامي والمتعلم لذلك لاقت هذه المونولوجات انتشارا واسعا بين صفوف الشعب .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية