|
مثال من حوض العاصي... أسباب تدهور التربة الزراعية البيئة لكن هل بقيت على حالها إن كان من ناحية المساحة أم من ناحية الخصوبة وقدرتها على إنتاج المحاصيل الزراعية المطلوبة وإذا كان ثمة ملوثات كثيرة خربتها وعوامل أخرى أساءت لها, فما الانعكاسات الحاصلة? وما الحلول المقترحة? كل هذه الأسئلة طرحناها على الدكتور يوسف جوهر الأستاذ في كلية الهندسة البتروكيميائية في جامعة البعث لنتعرف من خلاله على واقع تربة حوض العاصي.
ما أسباب تدهور التربة الزراعية بشكل عام ? إن الزيادة الهائلة في أعداد السكان, وتزايد الطلب على الغذاء, أدى إلى ازدياد الضغط على التربة الزراعية, ذات المساحة المحدودة على مستوى الكرة الأرضية. وما دفع بالمزارعين إلى تكثيف استخدامها والضغط عليها لإنتاج أكبر كمية من المحاصيل باستخدام مختلف الأساليب وإضافة العديد من المواد وخاصة المخصبات الزراعية الكيميائية, والمبيدات الحشرية, وهذه تراكمت تدريجيا في طبقات التربة وأدت إلى خفض إنتاجها بسبب التغير في خصائصها, وأصبحت غير قادرة على إنتاج المحاصيل. كما أن تجريد مساحات واسعة من الاشجار, والتقدم الصناعي وما يسببه من تلوث في الجو وبالتالي سقوط الأمراض الحامضية على التربة ألحق أفدح الأضرار بالتربة. وماذا عن التربة في حوض العاصي وما أنواعها? تعتبر تربة حوض العاصي من أخصب المناطق والترب الزراعية في سورية حيث ينتج فيها مجموعة من المحاصيل المتنوعة تغطي ما يقارب 30% من حاجة القطر. وتصنف ضمن عدة أنواع منها عمق التربة اللحقية الحديثة التي تشكلت بفعل الترسبات الطميية المتوضعة في المنطقة القريبة من مجرى النهر وعلى عمق 50-120 سم, ولونها بني إلى بني مصفر بسبب وجود أكاسيد الحديد والمنغنيز, وهي مائلة إلى القلوية, حيث تصل نسبة PH في بعض الأماكن إلى 8.70 بسبب ارتفاع نسبة كربونات الكالسيوم. وهناك تربة السهول المرتفعة الواقعة في المناطق المرتفعة من سرير النهر, وهي ناشئة عن صخور كلسية وأحيانا بازلتية, وتتميز بوجود تشققات تسبب مشكلات زراعية كتقطع جذور النباتات وتبخر كميات كبيرة من المياه. وأخيرا, تربة المنحدرات وهي سطحية ومحتواها من الكلس مرتفع .
ما مصادر تلوث التربة في الحوض? هناك مصادر كثيرة لتلوث التربة في حوض العاصي مثل مياه الري الآتية من النهر والحاوية على ملوثات عديدة وكثيرة, بسبب صبيب المصانع والمعامل, وصبيب الصرف الصحي للمدن والمجمعات السكنية في المنطقة الوسطى,كما أن مياه بعض الآبار المستخدمة في الري لا تحقق المواصفات المطلوبة ( بعض آبار قطينة), وهذا يؤدي إلى تراكم الأملاح في التربة تدريجيا, ما يعيق نمو النبات وضعف القدرة الانتاجية للتربة, كما أن استخدام مياه الأنهار المختلطة بها مجاري الصرف الصحي والصناعي في عملية الري يضر بالتربة الزراعية وذلك حسب نوعية المياه من حيث الحموضة أو القلوية, فإذا كانت المياه حامضية تسبب انحلال بعض الأملاح القلوية الهامة وإبعاد بعض المعادن الضرورية عن متناول جذور النبات مثل (CU-CA), وعلى العكس فإن قلوية المياه قد تسرع في تلويث التربة بالتملح القلوي. وتتلوث التربة أيضا بالميكروبات والطفيليات المرضية عند وجودها في مياه الري, ويمكن أن تعيش لفترة عام أو أكثر في التربة أو تنتقل إلى المحاصيل وأوراق النبات فتتكاثر وتكون خطرا على صحة الانسان والحيوان. وهناك ملوثات الهواء, أي الغبار والغازات الناتجة عن المصانع ووسائط النقل, وهي موجودة بكثرة في حوض العاصي بسبب مصانع الأسمدة والمحطات الحرارية والمصفاة ومعامل الاسمنت بالاضافة إلى العديد من المصانع الأخرى الصغيرة والمنتشرة في محافظتي حمص وحماة. ومن المصادر الاخرى المبيدات والمخصبات الزراعية وهي مستخدمة بكثافة بهدف إنتاج أكبر كمية ممكنة من المحاصيل وهي تتراكم في طبقات التربة ملحقة الأذى بالمحاصيل الزراعية ومن ثم بالمستهلك لها. وأخيرا هناك النفايات الصلبة وهي متنوعة في حوض العاصي وهي كذلك تسبب تلوثا كبيرا وتنقسم إلى نفايات المدن والتجمعات السكنية, والنفايات الصناعية مثل الفوسفو جيبسوم ونفايات أخرى.
|