|
حوائي...خطايا امرأة عالم النساء صديقتي التي كانت قد استيقظت في السادسة الا ربعا صباحا ليبدأ نهارها راكضة, مسرعة, كي تسبق الوقت. عليها أن تحضر ابنتيها للذهاب الى روضتهما,
ثم تلهث خلف المواصلات المتوفرة لتكون على رأس عملها في الثامنة والنصف صباحا, لينتهي يوم العمل ويبدأ يوم جديد في منزلها. وصلت في الثالثة والنصف, ادخلت الولدين, وقبل أن تبدل ثيابها, بدلت ثياب الاولاد, استغلت انشغال الولدين بالأكل كي تبدل ملابسها وتغسل عن وجهها غبار يوم شاق. بعد الطعام وفي فترة برامج الاطفال تغدت مع زوجها الذي وصل لتوه متعبا , تناول غداءه ودخل لينام قليلا, شرط ألا يسمع صوت الولدين لأن أعصابه لم تعد تحتمل اكثر من ذلك. وبينما يستغرق الزوج الجميل بقيلولته اليومية الهادئة تنهمك بتنظيف المنزل وغسل الصحون والتحضير لطهو طعام الغد, لتقرر أن عليها أن تجعل الولدين ينامان باكرا, وهنا تبدأ معركة التحضير للنوم, عشاؤهما, التمهيد لحكاية ما قبل النوم وفي الثامنة والنصف تشعر صديقتي بالنصر , فتغلق باب الغرفة وتعود الى مطبخها الحبيب فتكمل طبختها, ولا تنسى أن تحضر فنجان القهوة المسائي للزوج المستيقظ منذ ساعة والمستهجن لعدم جلوس زوجته الحبيبة الى جانبه, فمنذ أن انجبت باتت تهتم بالاولاد أكثر منه, مسكين فعلا فهو يفتقدها ويعتقد بأنها مقصرة بحقه. فجأة يقرع جرس الباب, وتستغرب صديقتي فيطمئنها الزوج بأنه دعا صديقهم وزوجته ليحتسوا معا فنجانا من القهوة والسهر يحلو مع الاصدقاء, سارعت صديقتي لاستقبال الزوار, وجلست مبتسمة ضاحكة تلقي النكات وتشارك في الحوارات ولا تقصر بواجبات الضيافة, مستغلة وجودها في المطبخ أثناء تحضير الضيافة لتضع اللمسات الاخيرة على كل ما انجزته خلال اليوم, وفجأة يعلن الوقت منتصف الليل. تغرق صديقتي بالكرسي, تشعر بدفئه, وبدون قصد وبلا قرار مسبق, يشعر جسدها بالراحة فجأة, ينسدلجفناها, تغفو برهة, وما تلبث أن تصحو ما ان يميل جيدها, يتنبه ضيوفها , يستأذنون بالانصراف, تنهض مودعة راكضة الى المطبخ لتنهي غسل صحون الضيافة حتى لا تترك عملا ينتظرها الى الغد تهم بالاستعداد للنوم, يتلقفها زوجها معاتبا, كيف تنام أمام الضيوف مثل عجوز, كيف تحرجه أمامهم ليشعروا كأنها تطردهم. أزبد, أرعد, شكا من حياته الرتيبة معها, تذمر من احساسه بعدم وجود زوجة الى جانبه, عدد الكثير من خطاياها بحقه, خطاياها بحق هذه الحياة المشتركة التي يعيشها وحيدا, خطاياها التي لا تعد ولا تحصى بحق هذا الزواج الذي ظنه سيكون ناجحا. لم تجبه, صمتت, ليس لأنها لم تجد الكلمات والحجج التي ترد بها عليه, لكنها لم تعد قادرة على الاستمرار بالوقوف, دخلت غرفتها, استلقت على سريرها, أمسكت صديقتي بساعة المنبه, انتبهت أنها الثانية صباحا, ضبطتها على السادسة الا ربعا, دمعة حبيسة انفجرت من عينها, لكنها غفت قبل أن تستطيع البكاء.
|