وإذا ما نظرنا إلى النصف الآخر من المرأة نجد وعلى لسان الكثيرين تتردد مقولة بأن الرجل أنصف المرأة أكثر مما أنصفت هي ذاتها وأن المرأة عدوة المرأة في كثير من الأحيان.. ربما بدافع الغيرة أو المنافسة السلبية.. أو دوافع خفية لا يدركها إلا بنات الجنس الواحد?
وإذا كان هذا التوصيف يحمل قدراً من الصحة فله مبرراته على الأرض, حيث أخضعت الدورة النقابية الخامسة والعشرون على مستوى القطر عبر انتخابات لم تكن سهلة الكثير من الشروط والمعايير لتدخل المرأة العاملة ميزان المنافسة الحقيقية على اعتبار أنها تمتلك حضوراً واسعاً ونشيطاً في القواعد وعلى مستوى اللجان النقابية ولجان المرأة العاملة.. إلا أن وصول هذه المرأة إلى سدة المناصب النقابية كان يخضع مراراً إلى جراحات متعثرة ومؤلمة في بعضها حين ينصب الجهد على اختيار الأكفأ والأجدر والأقدر على تحمل المسؤولية.
هامش للمشاركة
ولعل الأهم والمميز في الدورة 25 هو زيادة مساحة المشاركة للمرأة على مستوى القيادة حيث حصل العديد من النساء على منصب رئيس مكتب نقابة في معظم المحافظات وإن كان هناك عضوات مكاتب تنفيذية يمارسن عملهن في دورات سابقة. لكن الإيجابي هنا هو وصول المرأة إلى مكتب نقابة يتبع لها العديد من المؤسسات والشركات العامة والخاصة ما يعني أن حجم المسؤولية أصبح أكبر والهم الاجتماعي حاضر دائماً يتوزع بين ممارسة المهنة وأعباء المنزل.
لأول مرة
فعلى مستوى اتحاد عمال دمشق لم يسبق أن تسلمت امرأة عاملة رئيسة مكتب نقابة إلا في هذه الدورة حيث كانت من نصيب السيدة ميادة الحافظ رئيسة مكتب نقابة عمال التبغ والتي حصلت على أعلى الأصوات في انتخابات النقابة, فكيف تنظر المرأة إلى المسؤولية في زحمة أعبائها, سؤال وجهناه إلى السيدة الحافظ فأوضحت أن أمام المرأة هدفاً يجب أن تسعى للحصول عليه وخاصة بعد توجيهات السيد الرئيس بشار الأسد بوجوب أن تحصل المرأة على مشاركة أوسع في مختلف المجالات وهذا ما أدى إلى إعطاء حافز جدي للمرأة بأن تسعى جاهدة وتتقدم كي تصل للهدف والغاية من خلال مساحة الحرية التي وفرتها لها القيادة السياسية.
وبالطبع -تقول الحافظ- لا شيء يأتي بشكل سهل وإنما يحتاج إلى تعب واجتهاد لتحقيق الرغبة المنشودة في خدمة الصالح العام, وهنا تكمن المسؤولية باستلام هذا المنصب على اعتبارها أمانة في عنق صاحبها يجب تأديتها على أكمل وجه.
تجربة رائعة
وعن تجربة الانتخابات تقول الحافظ إنها خاضت تجربة رائعة وشاقة بنفس الوقت لا سيما أن المرأة تشكل نسبة عالية في القواعد واللجان النقابية والتنافس كان على أشده بين عدد من المرشحات, إلا أنه استطعنا جميعاً وبفضل جهود العاملين في القواعد والكوادر النقابية والحزبية أن نصل إلى هذه المكانة التي عززها بداية تواصلي الدائم كامرأة عاملة مع جميع شرائح العمال وقربي منهم ومساعدتهم على إيصال مشاكلهم إلى المعنيين بهدف معالجتها وحلها.
التنظيم هو الأساس
وحول كيفية تمكن المرأة أن توازن في أدائها وواجباتها بين المنزل ومكان العمل أشارت رئيسة مكتب النقابة بأن التنظيم هو أساس نجاح أي عمل على الإطلاق.. صحيح أن الوقت سوف يصبح مضغوطاً جداً مع وجود الأولاد.... لكن ما يساعدني على تخطي هذه الحالة هو استثمار الوقت بشكل جيد والتفاهم وتشجيع الزوج والأصدقاء والمقربين لي في العمل حيث كان لهؤلاء الأثر البالغ في منحي الثقة والراحة والاطمئنان لأكمل هذه المهمة المثقلة بحجم المسؤولية.
وأضافت بأن المرأة تمتلك من الطاقات والقدرات ما يجعلها قادرة على تحمل أعباء كبيرة جداً دون أي تذمر أو ملل وهذه نعمة حقيقية منّ الله بها على المرأة الأم والعاملة والزوجة.
التواصل الدائم
وعن الخطوات الواجب اتخاذها كي تنجح المرأة في أداء عملها تحددها السيدة الحافظ من خلال التواصل الدائم مع القواعد النقابية كونها الركيزة الأساسية في أي تجمع معين وعبرها يمكن الوقوف على كافة المشاكل التي تظهر وتعترض أداء العاملين, والأمر الآخر هو مدى الفهم الواضح والعميق للدراسات والموضوعات المطروحة بشكل دقيق في إطار العمل الجماعي والمؤسساتي كحلقة متكاملة بعيداً عن الأنانية في اتخاذ القرارات الفردية.
إضافة إلى توطيد العلاقات القائمة بين النقابة وجميع الإدارات المعنية بما يخدم عملية الإنتاج والمصلحة العامة على السواء.
النظرة السلبية
ولعل الأهم فيما تواجهه المرأة حين وصولها إلى أي منصب سواء أكان كبيراً أم صغيراً فإن العقبات برأي السيدة الحافظ تتجسد دائماً من المرأة ذاتها فهي تغار وتحاول أن تحارب زميلاتها كي لا تصل إلى أي مستوى من المسؤولية وهذه ظاهرة واضحة للعيان وفي كل القطاعات.
وحتى الرجال ليسوا بمنأى عن وضع العقبات والعراقيل في وجه المرأة العاملة كي لا تصل إلى مبتغاها وذلك بسبب النظرة السلبية تجاه المرأة من منظار أن المناصب خلقت للرجال فقط? وأن المرأة غير قادرة بأن تنال هذه الميزة.. علماً أن تاريخنا وتراثنا يزخر بوجود أعلام من النساء العاملات المبدعات والمتميزات على جميع المستويات..
فلماذا التشكيك بالثقة مادامت المرأة حاضرة بقوة كوهج الشمس.